الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

حواء بين الماضي والحاضر

  • 1/2
  • 2/2

خدعوك فقالوا المرأة المصرية تعيش أزهي عصورها بعد تمتعها بالحرية والمساواة وحصولها علي كافة الحقوق! .. الحقيقة لا أعلم عن أي حقوق وحرية يتحدثون والمرأة لازالت مكبلة بقيود العادات والتقاليد التي لا أصل لها في القرآن أو السنة وتتنافي في معظمها مع العقل والمنطق، بالإضافة لقائمة طويلة من الممنوعات والمحظورات الاجتماعية والأسرية التي حرمت عليها ممارسة أبسط حقوقها كـ كائن آدمي له حق تقرير المصير والمستقبل طبقاً لرغباته دون إملاء أو وصايا من أحد.
المرأة كتبت التاريخ وصنعت الأحداث ولبت النداء وشاركت في إسقاط  جماعة الإرهاب وكانت سباقة في النزول للتصويت علي الدستور والانتخابات الرئاسة ومع ذلك لم تُنصف حتى الآن رغم أن الدولة أعربت مراراً وتكراراً عن تقديرها للدور الذي لعبته، لكن يظل تقديراً في إطار المجاملات لم يرتقي بعد إلي درجة إصدار قرارات وقوانين تمكنها من نيل كافة حقوقها الاجتماعية والإنسانية والوظيفية وتوليها مناصب عُوقبت بالحرمان منها لا لشئ سوي لنوع جنسها الأنثوي رغم وجود الكفاءات النسائية الجديرة بهذه المناصب التي لا زالت حكراً علي الرجال ومنها علي سبيل المثال منصب المحافظ.
حتى في مجلس النواب القادم من المنتظر ألا يكون حجم تمثيل المرأة بالشكل اللائق ما لم يراعي المُشرع الذي يسن قانون الانتخابات وضع المرأة وإنها تخوض الانتخابات في ظل ظروف وفرص غير متكافئة مع الرجل ومجتمعها الذكوري المتسلط الذي يمارس عليها كافة أنواع القهر خاصة فيما يتعلق بالنشاط السياسي بل وينفث عن عُقده فيها ويجعل منها محور فتاوية  التحريمية_نسبة للتحريم_ التي كادت تحرم عليها أنفاسها ، نهيك عن فتاوى النصف الأسفل التي تتعامل مع المرأة علي أنها وعاء لإفراغ الشهوة وإمتاع الرجل فقط.
يدعي مجتمعنا التمدن والتحضر وهو أبعد ما يكون عن ذلك، يتغني بحقوق المرأة ولا يمنحها لها   ،يؤمن بما جاء في الرسالات السماوية عن قيمة النساء و أن الرسول _علية الصلاة والسلام_ أوصي بهن ومع ذلك يتنصل من تنفيذ الوصية، حالة من الانفصام المجتمعي المزمن والمرأة وحدها تدفع الثمن من صحتها وكرمتها وإنسانيتها.
كثيرا ما قرأت في التاريخ الفرعوني وكم أبهرني إحتفاء الفراعنة بالمرأة وتقدير مكانتها حد التقديس أحياناً ، شعور بالدهشة والفخر والتمني لو أن المصري في هذه الأيام  تعلم من المصري القديم الرقي الأخلاقي في التعامل مع النساء، وبالمقارنة بين حواء المعاصرة وجدتها الفرعونية نجد الجدة تفوقت علي الحفيدة فقد كانت محظوظة برجال عصرها وتمتعت بالحرية والمساواة وتقلدت المناصب القيادية بالدولة، ففي الوقت الذي يستهجن مجتمعنا تولي المرأة منصب عمدة أو قاضي منصة ويقابل ذلك بسيل من فتاوي قوامة الرجل علي المرأة، نجد أن أجدادنا الفراعنة كانوا أكثر تحضراً منا وتقبلوها حاكما عليهم وها هي العظيمة«حتشبسوت » التي ظلت علي عرش مصر أكثر من 21 عاما، وتميز عصرها بالرخاء والاستقرار وحققت الكثير من الانجازات واهتمت بالتعليم وأنشأت أول ورشة فنية ملكية وشيدت معبد الدير البحري وهناك أيضا الملكة « تي» والملكة« نفرتيتي» التي تعتبر أحد أبرز الأمثلة علي المساواة بين الرجل والمرأة في العصور الفرعونية.
ويذكر« هيرودوت» أن المصريين في عادات حياتهم يبدون وكأنهم يخالفون ما درج عليه البشر، فنساؤهم يذهبن للأسواق ويمارسن التجارة والسياسة ويعملن في الفلاحة والحصاد ودرس القمح وهي أعمال شاقة قامت بها المرأة مثل الرجل تماماً، وتمتعت المرأة الفرعونية أيضاً بحرية اختيار شريك حياتها ،وكانت الضلع الأساسي في الأسرة حيث دلت الإشارات الأدبية علي جدران المعابد كيف كانت التقاليد الفرعونية تدعو لاحترامها وتحرم علي الرجل ضربها أو إهانتها، واشتركت في مجالس الحكم حيث كانت تتقلد منصب قاضية، وتتمتع بحقها في التصرف بأملاكها كالبيع والشراء أو التوريث.
حواء الفرعونية شاركت في المواقع العسكرية، وامتهنت الطب والجراحة، وكانت سيدات المجتمع الراقي يشغلن وظيفة إدارة مصانع النسيج الكبرى،وكانت هناك سيدات أعمال مثل السيدة «نيفر» ومن أشهر الملكات اللاتي حظين بمكانة متميزة الملكة« حتب حرس» زوجة الملك سنفرو وأم الملك خوفو وكانت تتمتع بمكانة جليلة ، ونفس هذا التبجيل والاحترام قدمه أحمس محرر مصر من الهكسوس لأمه الملكة«راع حتب »التي تولت الوصاية على أحمس ابنها وحلت مكانه بالعاصمة عند ذهابه للقتال، وأقام أحمس لوحة كبيرة بمعبد الكرنك تبين قدر هذه المرأة التي استطاعت التوحيد بين جيوش مصر، وكانت أول سيدة تنال وساماً عسكرياً.
عُوملت المرأة في الحضارة الفرعونية بالكثير من الاحترام وحصلت علي حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية وتساوت مع الرجل عكس ما يحدث الآن من محاولات لتجريدها من حقوقها وعرقلة مسيرتها وإعادتها إلي الحرملك كجارية بدرجة زوجة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى