الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

إشادتكم كرم زائف

  • 1/2
  • 2/2

رشا الشامى - مصر - " وكالة أخبار المرأة "

لنتأمل، غالبية فرص العمل لا تؤتى إلا بالواسطة والمحسوبية، ولا دخل للكفاءة والقدرة على الإنجاز فى ذلك، كما أن بقاءك فى عملك ليس له أدنى علاقة بتحققك ونجاحك كما لم يكن يوماً سبباً فى توظيفك، إذا كان كل ما سبق هو أحد أهم تعريفات الفساد فأين ترانا نقف، إن لم نكن غرقى؟!
لمياء حمدين، كيف تحولت الفتاة التى تعمل مراسلة مدة تجاوزت الخمس سنوات بإحدى أهم القنوات الفضائية لبطلة من ورق بعد أن تداول كثيرون صورة تحمل فيها ابنها أثناء العمل.
تأمل، أى وعى يقود العوام، سوى الفوضى التى هى مكون أصيل وأرض خصبة لترعرع الفساد وازدهاره.
«لمياء» كغيرها من النساء العاملات فى مصر لهن النصيب الأعظم من العناء، لتحملهن إضافة للعمل مسئولية إعالة أطفالهن وبيوت، هن اخترن إلى جانب عملهن أن يكنّ رباتها.
اقرأ معى متأملاً السطور التالية:
- لم ينصر أحد لمياء حمدين ولم تُحل مشكلات المرأة العاملة ولم يُلتفت إليها.
- شارك كثيرون صورة لمياء حمدين وقارنوها بصور من عالم نود أن نلحقه ولم يُشر أحدهم إلى أن حمل «لمياء» صغيرها شكل خطورة عليه -اكتفى الجميع بأن المرأة المصرية جدعة- وأنا لا أوافق على جدعنة لا تُفضى إلى شىء.
- لو أننا بحثنا عن حالات مشابهة لأمهات فى ذات المؤسسة ربما عرفنا وجهاً موضوعياً يشرح تعامل المؤسسة مع الموظفات المعيلات، والذى سيقودنا بما أننى أعمل بذات المؤسسة وأم منذ التحقت بها، بأنها دائماً ما أظهرت اهتماماً لكونى أماً وزادت بأن سمحت لى بمتابعة كثير من الأعمال أثناء وجودى بالمنزل -كما تفعل كثير من المؤسسات بالخارج- طالما لم يؤثر ذلك سلباً على العمل، الأمر الذى لم يؤثر يوماً على تقدمى.
- ما سبق رغم بساطته يعكس تحليلاً لواقعنا الصحفى البائس الذى يحتاج لانتفاضة تنقلنا من طابور «الزياطين» إلى معسكر البنائين، لنحدث فرقاً بوطن يحتاج لسواعدنا القوية رجالاً كنا أم نساء، وفرقاً آخر يتعلق بمستقبل مهنتنا.
- اعتمادنا الأكبر فى صناعة الخبر على تصريحات نُسبت لمصادرها استسهالاً أو استهبالاً دون أن يجتهد أحد، إهمال.
- رغم كون العمل الصحفى والإعلامى يهدف بالمقام الأول لخدمة المواطن وتعريفه بالعالم بصورة أوضح، إلا أن عدم البحث هو العدو الأول للموضوعية، التى سبب غيابها الضلال الذى نعانيه.
- إن التسابق للإشادة ببطولة «لمياء» لم يثمر عن قيمة مضافة من شأنها أن تعين المرأة العاملة وتحسن وضعها، فالإعلام رغم بذله كل هذا الجهد، لم يقدم شيئاً، فالزوابع الفارغة لا تحدث إلا جلبة تمضى وتتركنا على حالنا كأنها لم تمر بنا يوماً، ونحن ما عدنا نصنع غير الزوابع، ستعود «لمياء» فى اليوم التالى بذات الحسرة بعد هدوء العواصف، وتعود أخريات، لا حضانات مناسبة لأطفالهن، لا نقابات تحمى صغار الموظفين، لا ملاذ نلجأ إليه شاكين من وقائع التمييز، ولا جرأة على الشكوى من قضايا التحرش، نحن لا نملك رقماً دالاً على حالات التحرش والتمييز التى تواجهها المرأة فى بيئة العمل.
لن يبدع الإنسان فى عمله ويغير به العالم طالما لم يكن حُراً، فالمقهورون لا تبنى سواعدهم مستقبلاً، ولن نكون أحراراً فى عمل لا نشعر فيه بالأمان بسبب عدم استحقاقنا له، الفساد الذى وظف غير الأكفاء وأعلى مراتبهم هو من استعبد الناس فى بيئة عملهم، وذلك أشد أنواع القهر الذى يُمارس ضد الإنسانية.
أما إشادات المسئولين الكبار دون عمل، فهى كرم زائف يشترى به المُتسلط سلاماً دون حق يخفف من إحساسه بالذنب، ليستمر قهره.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى