الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

العنف ضد النساء كصوت الريح على العشب اليابس

  • 1/2
  • 2/2

جاءت نتائج استطلاع مؤسسة «طومسون رويترز» صادمة للمجتمع المصرى أفرادا ومنظمات نسوية فقد أظهرت أن مصر هى أسوأ دولة من بين 22 دولة عربية واتهم البعض هذه النتائج بأنها تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية، ولقد ازداد هذا الغضب مع اقتراب اليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة الذى أقرته الأمم المتحدة فى 25 نوفمبر 1999 والذى تنظم فيه الحكومات والمنظمات غير الحكومية فاعليات وحملات للتوعية بهذه الجريمة وعواقبها على المرأة والمجتمع، أتى هذا التاريخ من عملية الاغتيال الوحشية فى 1960 للأخوات ميرابال الناشطات السياسات فى جمهورية الدومنيكان بأوامر من ديكتاتور الدومنيكان رافائيل تروخيو، وعلى مستوى العالم تحتفل «حملة اتحدوا» باليوم 25 من كل شهر بهدف رفع الوعى بشأن العنف ضد المرأة والفتاة ليس فقط مرة فى السنة ولكن مرة كل شهر وأطلقت على هذا الاحتفال اليوم البرتقالى لأن أعضاء هذه الحملة يرتدون ثيابا برتقالية فى هذا اليوم.
•••
بغض النظر عن مصداقية نتائج هذا الاستطلاع هل يستطيع أحد فى مصر ان ينكر الكم الهائل من العنف الذى تعرضت ومازالت تتعرض له النساء وخاصة التحرش الجنسى فى الشارع وفى أماكن العمل وفى المدارس والجامعات، واستمرار ممارسة جريمة ختان الإناث رغم تجريم القانون لها.
ولعل جريمة كشف العذرية على الناشطات مازالت تؤلم ضمائرنا إلى الآن بالإضافة إلى مشاهد سحل وضرب وتعرية الناشطات أمام مجلس الوزراء وفى شارع محمد محمود ومحيط الاتحادية والمقطم والتحرش الجماعى الممنهج بميدان التحرير فى اعتصام نوفمبر 2012 وأثناء المليونيات والذى تم فضحه عن طريق شهادة الضحايا أنفسهن، بالإضافة إلى انتشار ضرب التلميذات الصغيرات ببعض المدارس لأنهن غير محجبات وقص شعرهن، والاعتداء الجنسى على الصغيرات وقتل بعضهن وإلقاء إحداهن من الدور الحادى عشر عقب محاولة اغتصابها ووفاة العشرات من الفتيات من جراء الختان، وفى أكتوبر الماضى تم القبض على 21 فتاة من الإسكندرية خلال تنظيم مسيرة سلمية بمنطقة ستانلى تم إيداع 13 فتاة منهن على ذمة القضية بسجن الأبعادية بدمنهور واحتجاز ثمانية منهن بإحدى دور الرعاية نظرا لعدم تجاوزهن السن القانونية. ومع صعود الأصولية الدينية تفشت أفكار صارمة حول الهوية الثقافية والدين وانتشرت الفتاوى التكفيرية والإقصائية التى أباحت سفك الدماء وملاحقة الإعلاميات والتحقيق معهن وتهديدهن بالخطف والتحرش ببعضهن علنا على الهواء من الوزير الإعلامى السابق الذى استحق لقب «متحرش بامتياز»، وفى مارس 2013 شن هجوم عنيف من الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية والسلفية على السفيرة «ميرفت التلاوى» لجهودها فى إقرار الوثيقة النهائية لمنع كافة أشكال العنف ضد المرأة والصادرة من لجنة وضع المرأة فى الدورة السابعة والخمسين بالأمم المتحدة واعتبروا أن هذه الوثيقة تحض على الفسق والفجور رغم أن أغلب القائمين بهذا الهجوم لم يقرأوا الوثيقة بل اكتفوا بتبنى أكاذيب ومغالطات سمعوا بها ولم يجتهدوا من التحقق منها.
•••
لا يوجد بلد أو ثقافة خالية من العنف ضد المراة، فالعنف ظاهرة عالمية ومحلية فى آن واحد يقع فى الحياة العامة والخاصة فى أوقات السلم وأوقات الحرب، وهو عابر للحدود الثقافية والدينية والاقتصادية ويؤثر على النساء من كل طبقة ودين وجنس وعمر، وتستخدم العادات والتقاليد القيم الدينية المنبثقة عن ثقافة المجتمع لترسيخ النزعة الأبوية وعلاقات السيطرة المنهجية للرجال على النساء التى غرزت جذورها بدورها فى الهياكل القانونية والسياسية وفى الاقتصاد العالمى والمحلى وأوجدت تربة خصبة لتبرر العنف ضد المرأة (تزويج الأطفال، ختان الإناث، التحرش والاغتصاب، فرض الحجاب، الجرائم المرتكبة باسم الشرف، الحرمان من التنقل، الحرمان من الميراث، واتخاذ القرار.. الخ).
إن العنف ضد المرأة له عواقب وتكاليف اجتماعية واقتصادية باهظة على المرأة وعلى أطفالها وعلى المجتمع فالمرأة التى تتعرض للعنف تعانى سلسلة من المشكلات النفسية والصحية وتنخفض قدرتها على كسب رزقها والمشاركة فى الحياة العامة، ويصبح أطفالها أكثر عرضة لمخاطر المشكلات الصحية، والأداء المتدنى فى المدرسة والاضطرابات السلوكية ولا تقف تكاليف العنف ضد المرأة بالإضافة إلى التكاليف البشرية عند انخفاض الإنتاج الاقتصادى وانخفاض تكوين رأس المال البشرى، وإنما تشمل أيضا التكاليف المرتبطة بعدم الاستقرار السياسى والاجتماعى بنقل العنف من جيل إلى جيل إلا أن اكبر تكلفة لهذا العنف هو تكلفة الألم والمعاناة والإهانة والإذلال والابتزاز والخوف وكسر الإرادة.
إن العنف والتحرش الجنسى ليس ناتجا فقط عن عدم المساواة بين الذكور والاناث فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وإنما هو أيضا نتاج الفساد وعنف الدولة والذى فى حقيقته يمثل عنفا ذكوريا.
لقد تم استخدام العنف من قبل النظام (كشف العذرية وتعرية البنات وسحلهن لكسر إرادتهن وإخماد أصواتهن ومحاولة إبعادهن عن المشاركة السياسية) من اجل إجهاض الثورة.
وبدءا من يوم 25 نوفمبر إلى يوم 10 ديسمبر تحتفل النساء فى كل بلدان العالم بالقضاء على العنف ضد المراة ويرفعن أصواتهن عاليا من أجل التأثير على صانعى السياسات لتحقيق فضاء آمن للنساء خال من العنف والتمييز، فلا يمكن القضاء على العنف ضد المرأة من دون الإرادة السياسية والالتزام على أعلى المستويات لجعله ذا أولوية من خلال التشريع وتخصيص الموارد الكافية ووضع آليات لمعالجة العنف ضد المرأة وإدانة وتجريم العنف، واعتماد خطط تشمل تقديم الدعم النفسى والقانونى والصحى للناجيات من العنف ورفع مستوى المعرفة والتوعية والتدريب وبناء القدرات ومحاكمة مرتكبى العنف ومعاقبتهم وإعادة تأهيلهم على أن يكون ذلك من خلال نهج متعدد التخصصات يشمل نظام القضاء الجنائى والعناية الصحية ووسائط الإعلام ونظام التعليم ومحاربة الصورة النمطية عن المرأة والرجل فى الإعلام الرسمى وغيره وكذلك إدماج نشر برامج التربية المدنية فى المناهج التربوية التى تركز على مفهوم التنوع والشمول والمساواة وعدم التمييز ونبذ العنف.. الخ.
•••
يجب أن نكسر حاجز الصمت لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، ويجب على الحكومة أن تسرع بإصدار قانون يجرم العنف ضد المرأة وتنشأ آليات لحماية المرأة من العنف وتخصص الميزانيات اللازمة لذلك وتفتح مجال التعاون والشراكة الحقيقية مع منظمات المجتمع المدنى فى مجال إنهاء العنف وليكن هذا اليوم من كل عام مناسبة لعقد المناظرات والندوات والمناقشات والحلقات الدراسية والأعمال الفنية فى المدارس والجامعات والمصانع وأماكن العمل والنوادى وقصور الثقافة والبرامج الإعلامية وفى دوائر الأعمال التجارية وفى كل نجع وحارة وشارع وقرية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى