الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

الاستثمار في تمكين النساء يحفّز التنمية..!

  • 1/2
  • 2/2

الكاتبة الصحفية: إيمان أحمد ونوس - سوريا - " وكالة أخبار المرأة "

تعقد شبكة أبحاث السكان والفقر مؤتمر السكان والصحة الإنجابية، والتنمية الاقتصادية، في أديس أبابا، إثيوبيا. وقد أظهرت الأبحاث المقدّمة أن الاستثمارات في صحة المرأة والتعليم يمكن أن يكون لها تأثير حاسم ودائم في رفاه النساء والأطفال، وبالتالي في الأسر والمجتمعات.
يأتي هذا المؤتمر قبل أسبوعين من بدء المؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية، حيث يحدد زعماء العالم الأولويات لتخصيص تريليونات الدولارات لتحقيق الأهداف المستدامة المخطط لها للتنمية بحلول عام 2030.
وتشير الوثائق التحضيرية للمؤتمر إلى أن القادة يسلطون الضوء على الدور المحوري للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في إطار أهداف التنمية المستدامة.
كما تُظهر الأدلة المقدمة لمؤتمر بحوث السكان والفقر أن وصول المرأة إلى الرعاية الصحية المناسبة، بما في ذلك خدمات تنظيم الأسرة، يمكن أن يساعد النساء والفتيات علي استكمال سنوات أطول من التعليم والمشاركة في القوى العاملة.
إن زيادة فرص العمل، وإمكانات الدخل، وتحسين الصحة تسمح للنساء بالمساهمة أكثر في حياة الأطفال، والأسرة، ورفاهية المجتمع.(1)
فالتنمية باعتبارها نهجاً يهدف إلى الارتقاء بالفرد والمجتمع والدولة، لا شك تحتاج إلى جهود كل الأطراف والشرائح والفئات الاجتماعية بجنسيها(الرجل والمرأة) على قدم المساواة، سواء لجهة الاهتمام بتلك الشرائح، أو لجهة الاستفادة من إمكاناتها وطاقاتها.
ولكن ماذا عن التنمية في بلدان تشهد حروباً ونزاعات أتت على كل إمكانية للحياة، كما في سورية اليوم، حيث بات الملايين من السوريين نازحين في الداخل والخارج وسط فقر بلغ مستويات مرعبة، وبطالة كادت أن تكون شاملة لكل أفراد المجتمع. كما أن المرأة السورية اليوم تحمل على عاتقها مسؤوليات جسيمة في ظل غياب الرجل، رغم أنها تُعاني العديد من الأمراض الجسدية والنفسية بسبب ما جرّته هذه الحرب عليها من نزوح واغتصاب وجوع وفقر وتشرد وتسوّل، إنها محرومة من أدنى حقوقها بما فيها نقص الرعاية الصحية التي تجعلها تنوء بتلك الأعباء الرهيبة.
هذا ما ركّز عليه تقرير التنمية البشرية لعام 2014 (2)، فقد صرّحت هيلين كلارك، مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قائلةً:
(الصراع في سورية، إضافة إلى الصراعات الأخرى التي تشهدها المنطقة، أصاب الأسر بأضرار جسيمة، وخلف أكبر الأعداد من النازحين واللاجئين في العالم، الذين باتوا اليوم يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية، إذ يُشكّل الأطفال والنساء أعلى نسبة من أعداد النازحين).
ففي ظل هذا الوضع الذي وصفته كلارك، ألا يمكننا أن نتلمّس حال المجتمع السوري الذي بات بعيداً جداً عن مستويات مقبولة من التنمية سواء على مستوى النساء أو على مستوى المجتمع والدولة ككل..؟ لا أدري كيف يستقيم الموقف الدولي ما بين التنمية المستدامة التي يعقد المؤتمرات بشأنها مخصصاً تريليونات الدولارات للتنمية المستدامة بحلول عام ،2030 وبين تلك النزاعات والحروب، وعدم محاولة وقفها والتصدي لها، بما يجعلها معرقلاً أو مدمّراً لتنمية مستدامة رغم كل هذا الإنفاق السخي..؟ أم أن بلدان منطقتنا هي خارج التغطية في تلك التقارير التي تبدو من نوع الواجب الأممي أمام غض الطرف عن حروب طاحنة تستهلك بالمقابل ملايين أو تريليونات الدولارات من أسلحة ومعدات متطورة، إضافة إلى تمويل الجهات المتحاربة بمبالغ خيالية مقابل مصالح استراتيجية بعيدة المدى للدول الرأسمالية في المنطقة؟ أم أن هذه المبالغ التي تستهلكها الحروب في مكان ما، هي ذاتها المبالغ التي تدفعها البلدان الرأسمالية ذاتها من أجل النهوض بعملية التنمية في أماكن أخرى، وذلك من أجل إبقاء سيطرتها على شعوب تلك البلدان، وبالتالي الوصول الآمن إلى مصالحها وفق مشيئتها هي إمّاً سلماً أو حرباً.
واضحٌ تماماً أن هناك ترابطاً قوياً ما بين السلم والأمن الإنساني والتنمية المنشودة، وهذا ما أكّده رجل الاقتصاد الهندي أمارتيا صن حين طلب من المؤسسات الدوليّة والمجلس الاقتصادي الاجتماعي اعتماد مؤشر جديد للتنمية، يأخذ في طياته حقوق الإنسان الاجتماعية والصحيّة والبيئيّة إضافةً إلى البعد الاقتصادي. وذلك من خلال القضاء على الفقر، تعزيز الديمقراطيّة، مكافحة المجاعات والأزمات والصراعات، التأكيد على فعالية المرأة، التغيير الاجتماعي، تشجيع الثقافة والدفاع عن حقوق الإنسان.(3)
إذاً لا بدّ لتنمية مجتمعاتنا من وقف الحروب أولاً بكل الوسائل والسبل المتاحة محلياً ودولياً، ولا يعترينا أدنى شك، في أن المجتمع الدولي لو أراد حقيقة الوصول لتحقيق الأهداف المستدامة المخطط لها للتنمية بحلول عام 2030 لعمل بجدية وعقلانية وإنسانية حقيقية على وقف الحروب والنزاعات الدائرة في البلدان النامية، ومنها منطقتنا العربية، من أجل الوصول إلى مجتمع إنساني عادل وخالٍ من كل أنواع الاستغلال والتمييز وعدم المساواة سواء على المستويات كافة، (مجتمع عالمي إنساني متضامن لمواجهة مجمل التحدّيات العالمية، مثل القضاء على الفقر، تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة، وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وإدارتها من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ردم الهوة العميقة التي تقسم البشرية إلى أغنياء وفقراء، ومنع تدهور البيئة العالمية، وتراجع التنوع البيولوجي والتصحر، سد الفجوة المتزايدة بين العالمين المتقدم والنامي، ومعالجة تلوث المياه والهواء والبحار، هذا فضلاً عن التحدّيات الجديدة التي فرضتها العولمة على التنمية المستدامة ولا سيما تكامل الأسواق السريعة، وحركة رؤوس الأموال والزيادات المهمة في تدفقات الاستثمار حول العالم، وذلك من أجل ضمان مستقبل الأجيال القادمة). (4).
المراجع:
(*) عنوان الأبحاث السكانية المقدّمة من شبكة أبحاث السكان والفقر.
(1)   www.prb.org/Publications/Articles/2015/poppo
(2) النزاع والبطالة وعدم المساواة عوائق أمام التنمية البشرية في المنطقة العربية.
(3) أمارتيا صن، (التنمية حريّة)، عالم المعرفة، ترجمة شوقي جلال.
(4) إعلان جوهانسبرغ بشأن التنمية المستدامة، عام 2002

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى