معروف بأن الزجاج هش سريع التكسر أو التشقق والاهتزاز لأول ملامسة له أو حركة تنكشف فيها هشاشته وانهياره مع أول ضربة يتعرض لها سواء بمعول أو يد أو بكلمة جارحة ،وكثيرون من الأشخاص الذين بنينا لهم أبراجا في حياتنا منها أبراج فولاذية قوية غير قابلة للكسر كما الزجاج الجميل غير قابل للكسر فنحافظ عليهم ونعتبرهم صورة مثلى في كافة أمور حياتنا ،ثم فجأة مع أول هبة ريح يتحول الفولاذ إلى زجاج هش ليتهاوى بلحظات أمام أعيننا وقد نصدم من وقع الأمر،وقد تمسح الصورة الرائعة الجميلة التي طبعت في وجداننا وتجاوزت عقولنا وقلوبنا لتتحول إلى صورة مغشوشة مستهلكة ومشوشة غير واضحة كما الذهب المغشوش حين يكتشفه الصائغ مباشرة عند فحصه ،وإن كنا لسنا خبراء مثل بائعي الذهب لكننا أذكياء في اختيار قطع الذهب الأصلية الخالصة دون شوائب مطلية ومقلدة كما يفعل تجار المجوهرات التقليدية بالأسواق العامة ليخبرونا أن هذه الحلي والمجوهرات الجميلة مطلية بالذهب وفي الحقيقة هي مجرد أصباغ ذهبية لتعكس لون الذهب وفي الجوهر هي مقلده تنكشف عن تعرضها لعوامل التعرية الطبيعية أو تكتشف مصادفة في حادث عارض مثل هذا يحدث للجميع في مواقف عامة ومصادمات تأتي فجأة لنكتشف أن البرج الزجاجي الجميل قد تعرض لتصدع وتشرذم في بعض أجزاءه لهذا نتخلص منه ونتناسى وجوده لإن صورته وشكله أصبح قبيحا لا يمكن أن نتباهى بوجوده بين مقتنياتنا ومجوهراتنا الثمينة بمعانيها ومضامينها لا بوزنها وشكلها الخارجي الخادع.
كانت أمي رحمها الله تقوم حين يذوب الثلج يظهر المرج فإما أن يكون أخضرا أو جبلا أو صخرا لكنه كان بفعل الثلج منظرا رائعا يعكس النقاء واللون الأبيض الذي يرمز للنور والنقاء ،لهذا تعاملنا مع البعض يجب أن لا يكون ثنائيا بين الأبيض والأسود بل يجب أن التدقيق والتمحيص في لونهم وشكلهم الخارجي لا يعكس نقاء نفوسهم وجمال أرواحهم بل يخفي وراءه برجا زجاجيا سهل الكسر مع أول صدمة بهم وليس مثل الذهب الذي لو خزن وحفظ عشرات السنين يبقى ذهبا ناصعا إذا وجدا الطريق الصحيح له ،بعكس الذهب المقلد بشكله الخارجي وفي داخله معدن قابل للكسر يكتشفه الخبراء أو الأذكياء الذين يرددون أمامنا ليس كل ما يلمع ذهبا وليست كل أبراج الزجاج قابلة للكسر والانهيار كما يحدث في مناظر براقة ولوحات نزين بها حياتنا وحين نكتشفها نلقي بها خارج إطارنا لحرصنا على التعامل مع كل شيء حقيقي أصلي في داخله وخارجه.