الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

مصريات غير فقيرات تعيسات ... و «الانصهار» هو الحل

  • 1/2
  • 2/2

القاهرة – أمينة خيري - " وكالة أخبار المرأة "

تظل مصر أذناً من طين وأخرى من عجين في ما يتعلّق بنسائها وفتياتها المنتميات إلى الطبقة المتوسطة، التي ضربتها سياسة الانفتاح في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وطاولها التآكل والتقادم إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وحتى حين قامت على أكتافها ثورة يناير 2011 وموجتها التصحيحية في حزيران (يونيو) 2013 بعد ما تعامل معها نظام الإخوان باعتبارها فئة غير موجودة، باستثناء «الأخوة» و»الأخوات»، عادت إلى المربع صفر، لا سيما الإناث، حيث انضغاط شديد من قبل انشغال الدولة بقضايا كبرى، واحتلال المرأة الفقيرة والمعيلة والعاملة من دون حقوق، جلّ الاهتمام وكل الالتفات.
الملتفتون القليلون إلى أزمات المرأة والفتاة المصريتين من بنات الطبقة المتوسطة هذه الأيام، يعرفون إنها الأقل حظاً في نيل الحقوق والتعبير عن الضغوط. فالأعلى منها يعتبرونها مثلهن حيث المظهر لا يختلف كثيراً، وكذلك فرص العمل وأماكن الترفيه. لكن الطبقات العليا لا تعرف إن من يقبعن في الطبقة التالية يحصلن على هذه الفرص والخدمات بشق الأنفس. أما القابعات في الفئة الأدنى، فيعتبرن كل من تجوّل بعيداً من قاعدة الهرم الاقتصادي ضمن فئة الثريات المترفات المرفهات اللاتي لا يحق لهن الشكوى أو يجدر بهن الضجر. ويستوى في ذلك من هن مصنّفات تحت بند الثريات أو أنصافهن أو أشباههن.
تحكي نهى عبد العال (42 سنة) عن حادث السرقة الذي تعرّضت له على يدي خادمة المنزل التي كانت تعمل لديها يومين في الأسبوع، ولدى سيدة أخرى زوجة رجل أعمال بالغ الثراء بقية أيامه. في التحقيقات وبعد القبض عليها، قالت الخادمة إنها اعتقدت أن المقتنيات التي سرقتها من مخدومتيها «روبابيكيا» (أي أشياء قديمة لا قيمة لها). وأضافت إن دليلها في ذلك هو امتلاك كل منهما سيارة خاصة (ما يعني أنهما فاحشتا الثراء).
تقول عبد العال ضاحكة: «الخادمة وضعتني أنا صاحبة السيارة الصغيرة التي اشتريتها بالتقسيط المريح وبضمان راتبي على قدم المساواة مع السيدة الأخرى التي تمتلك ما لا يقل عن ثلاث سيارات، لا يقل سعر الواحدة منها عن نصف مليون جنيه». وزادت بمرارة شديدة: «هذه الفئة (عاملات المنازل) تعتبر أن كل من امتلك سيارة ثريّ وحلال فيه السرقة».
سرقة آمال بنات الطبقة المتوسطة المصرية وأحلامهن وطموحاتهن عملية تجري برضا (وربما تشفّي) الطبقات الدنيا وعدم اكتراث الطبقات العليا، وانشغال الحكم بما بين يديه من مشكلات «أهم» و»أكبر» و»أكثر إلحاحاً». فقد ورد في دراسة أجراها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإسترايتيجة، أن المرحلة السياسية الانتقالية تمثّل ضغطاً شديداً على المرأة المصرية، لا سيما تلك المنتمية إلى الطبقة المتوسطة والتي شاركت، بل وكانت في مقدّمة الصفوف، في الأحداث الأبرز.
وعلى رغم أن الدراسة نوهت بدور نساء الطبقة الوسطى، والضغوط التي يعانين منها، إلا أن الشرح والتفصيل، والتحذير والتنويه كانت من نصيب الفقيرات والمعيلات المنتميات إلى الطبقات الدنيا، وحاجة البرلمان، لا سيما النائبات إلى طرح ملفات المصريات اللاتي يعانين الفقر والعوز والحاجة.
والحاجة بالغة إلى وجود منصة تدافع عن نساء الطبقة المتوسطة وتحميهن وتطالب بحقوقهن، لكنها في الوقت عينه شبه مستحيلة «لأنها ضد التيار» على حدّ قول الدكتورة نادية كمال (50 سنة)، فـ «الدولة مشغولة بميراث ثقيل من الفساد وضرورة مواجهة الفقر إضافة إلى أزمة الإرهاب.
والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية لن تتطرّق إلى مشكلات المرأة المنتمية إلى الطبقة المتوسطة، إلا من خلال العمل على سنّ قوانين مثلاً خاصة بالأحوال الشخصية، أو التعليم، أو العلاج وما شابه. لكن تحسين نوعية حياتها لن يلقى قبولاً أو تمويلاً لأنه يبدو من الرفاهيات».
رفاهية المشي في الشارع من دون منغّصات، أو مزاولة الرياضة من دون تطفلات، أو قيادة السيارة من دون مضايقات، أو تعليم الأولاد من دون ديون وأقساط، أو الحصول على حضانة مناسبة لرعاية الأطفال، أو حق الاعتراض على عدم المساواة في الأجر مع الزملاء، أو ارتداء ملابس لا تخضع بالضرورة لمقاييس القبول لدى الطبقات الدنيا مع الاحتفاظ بالحق في استخدام المواصلات العامة وغيرها، هي في نظر بنات الطبقة المتوسطة قهر وظلم وكبت ومثار ضغط مستمر لهن. لكنها للآخرين، بمن فيهم أقرانهن من الذكور، أمور هامشية وقضايا ثانوية، بل ويصفها بعضهم بإنها استفزازية لأنها لا تهدد إحداهن بـ «الجوع أو التشرّد أو الاغتصاب أو الطلاق»، وذلك وفق لائحة الأخطار التي تحددها أم أحمد صاحبة فرشة (بسطة) الجرجير.
أما صاحبات الشأن فلهن رأي مغاير. تقول المهندسة إيناس فتحي (35 سنة): «اعتقدنا بأن ثورة يناير ستعيد مصر إلى بهائها، لكن سرعان ما وقعنا في قبضة جماعات دينية تمقت المرأة لا سيما تلك التي لا تسلّم بإنها كائن درجة ثانية. وفكّرت كثيرات في الهجرة وأنا منهن، لكن شاركت وغيري في حركة التصحيح. إن قضايا الفقر والفقراء تفرض نفسها فرضاً. وعلينا إما إقناع أنفسنا بأننا سعيدات لأننا لسنا فقيرات أو الاندماج مع الواقع شكلاً وموضوعاً».

الحياة

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى