الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

من الهجرة مع الموتى إلى مرافقة ملكة هولندية.. كيف تحوَّلت زينة السورية لأشهر طبَّاخة في أمستردام؟

  • 1/5
  • 2/5
  • 3/5
  • 4/5
  • 5/5

" وكالة أخبار المرأة "

لو قدمت هذه القصة في فيلم سينمائي لأتهم المؤلف والمخرج بالمبالغة في الحبكة الدرامية، إنها قَصة زينة ابنة مدينة حلب التي كادت تغرق وهي تحاول الهجرة من تركيا لليونان والتي كانت رفيقتها فيها امرأة ميتة وبعد معاناة طويلة بامتداد الجغرافيا الأوروبية قادتها الصدفة لنجاح كبير في غير تخصصها.
نجاح جعلها تلتقي بملكة هولندا السابقة التي أشادت بها وبطبخها السوري التقليدي.
في زمن قياسي وبعد قرابة عام فقط من وصولها لهولندا أصبحت السيدة السورية زينة عبود، أول لاجئة من القادمين الجدد تنشئ شركة في هولندا وهي شركة متخصصة في الطهي.
يعود الفضل في قدرتها على إعداد أطباق لذيذة تنال إعجاب الكثيرين، إلى والدتها "الحلبية" التي علمتها منذ صغرها كيفية إعداد الطبخات، قبل أن تتطور وتتفوق على معلمتها.
لماذا تركت إسطنبول؟
تقول السيدة السورية، التي درست الاقتصاد والمنحدرة من مدينة حلب ، إنها لم تكن تفكر بالتوجه إلى أوروبا، إذ كانت تعمل مديرة تسويق في شركة إعلانات لعدة سنوات في موطنها.
ثم استقرت فيما بعد في إسطنبول، لولا رغبتها في الالتحاق بأطفالها الذين يعيشون مع زوجها السابق في هولندا لما خاطرت بحياتها في رحلة اللجوء عبر البحر.
زينة كادت أن تدفع حياتها ثمناً لمحاولتها العبور من تركيا للقارة الأوروبية، عندما غرق قارب مطاطي كان يُقلها مع أختها قبالة السواحل التركية أواخر عام 2015 .
وما كان لُيكتب لها ومن معها النجاة لولا مرور قارب صيد تركي بالقرب منهم وإنقاذه لهم، نظراً لعدم قدوم أية فرق إنقاذ لنجدتهم لأن هجرتهم صادفت يوم سبت أي عطلة نهاية الأسبوع.
ورغم التجربة المروعة قررت زينة معاودة المحاولة في الْيَوْمَ ذاته، لتخوفها من أن تتراجع عن قرارها عبور البحر إن باتت ليلة أخرى في الأراضي التركية، وبالفعل نجحت هذه المرة في الوصول إلى جزيرة ساموس اليونانية في رحلة محفوفة بالمخاطر.
بعد أن أمضت 5 ساعات في قارب مكتظ اُجبرت على ركوبه، مع جثة امرأة أصيبت بأزمة قلبية وتوفيت في البحر.
مجرمون
وبعد أن اعتقدت أن طريق وصولها لشمال أوروبا ميسر بعبورها من اليونان إلى مقدونيا فصربيا، تعرضت زينة للحبس في سجن عسكري بالعاصمة الكرواتية زغرب بعد القبض عليها، برفقة مجموعة كبيرة من اللاجئين الراغبين بالتوجه لسلوفينيا، فيما كانت تمشي في البرد القارس، وفي ظل خوف كبير من انفجار الألغام الأرضية المنتشرة في الأراضي الكرواتية.
وبعد 3 أيام من تكتم السلطات الكرواتية على مكان احتجازهم السيئ الخدمة، الذي تمت معاملتهم فيها كـ"مجرمين"، استطاعت زينة أن تلفت نظر الإعلام إلى معاناتهم، عبر صديق يعمل صحفياً، بإرساله رسالة عبر موظفة في المركز، ثم تعليق منشفة كتبت عليه بأحمر شفاه "نود العبور فقط .. حرية"، من نافذة مركز الاعتقال، فأفرج عنها بعد ساعات، حسبما تقول.
الاكتئاب في هولندا


وصول زينة لهولندا مقصدها الأساسي، لم ينه معاناتها، إذ إنها وُضعت في مركز إيواء مزدحم جداً بمدينة أمستردام يضم 900 لاجئ، تضطر فيه إلى الانتظار مدة ساعة ونصف للحصول على وجبة طعام، مما جعلها تشكك في صحة قرارها بالانتقال لأوروبا، فأصيبت في الأشهر الثلاثة الأولى بالاكتئاب، نُقلت خلالها 3 مرات للعلاج في مشفى.
وسط هذا الوضع المأساوي ، تلقت زينة دعوة من فتاة هولندية عبر جمعية خيرية للذهاب برفقة لاجئين ولاجئات في مركز إيواء اللاجئين للاحتفال معها برأس السنة الماضية (2016).
وعندما وصلوا إلى منزلها قالت لهم الشابة إنها تدرك بأنهم قد ملوا من المأكولات التي يتناولونها في المأوى من أشهر، لذا قامت بإحضار المواد الغذائية اللازمة لتحضير أطباق من بلادهم.
منها اللحم الحلال الذي اشترته من متجر مغربي، كي تفسح لهم المجال لطبخ مأكولاتهم المفضلة، فقامت زينة بتحضير عدد من الطبخات خلال فترة وجيزة، مما أثار إعجاب الفتاة الهولندية إلى حد دفعها لتسأل "زينة" فيما إذا كانت تعمل طباخة من قبل، فردت بالنفي.
وأوضحت زينه  أنها تلقت بعد أيام اتصالاً من الفتاة المذكورة، تطلب فيه منها أن تطبخ لها ولأصدقائها مجدداً، وأن تتبضع بنفسها المواد الضرورية لتحضير الطبخات، وأعطتها 50 يورو، على هيئة هدية، لأنه لم يكن يُسمح لها بالعمل حينها.
المبلغ الذي تعتبره السيدة السورية الأقرب إلى قلبها رغم عدم حاجتها للمال حينها، إذ كانت المرة الأولى التي تكسب فيه المال في هولندا.
وقالت إن الدعوات أصبحت تتوالى بعد ذلك، من تلك الفتاة وأصدقائها، لتتسع رويداً رويداً شبكة زبائنها، حتى بدأت بالعمل في مدن أخرى، كتقديم الوجبات لعرس هولندي ضخم في مدينة بريدا.
وفور حصولها على حق اللجوء، والإقامة في هولندا، توجّهت زينة إلى غرفة التجارة، لإتمام إجراءات تأسيس شركة "مطبخ زينة – زينة كيتشن".
العائلة المالكة


وتحدثت زينة عن أبرز متذوقي طبخاتها حتى الآن، قائلة إنها حضرت أطباق حفل عيد ميلاد دنكن ستوترهايم، وهو رجل أعمال وأحد ملاك برج أمستردام، ويُعرف بأنه مبتكر حفلات الموسيقى الإلكترونية الراقصة "سنسيشن"، التي بدأها في بلاده قبل أن تتحول لظاهرة تطوف العالم.
وقالت إنها أيضاً تلقت دعوة للطبخ خلال حفل توزيع جوائز الأمير كلاوس، التي تمنح لأصحاب الإنجازات الثقافية والمجتمعية من غير الهولنديين، وكان بين من تلقاها هذا العام الطاهي (الشيف) والناشط اللبناني كمال مذوق، وطلب الأخير طبقين شهيرين هما "الكبة المشوية"، و"الكبة السفرجلية".
وأضافت أنها فوجئت عندما أخبرها أحد الحراس الأمنيين في يوم الحفل أن بين من يتذوق أكلها، أفراد العائلة المالكة، وارتبكت قليلاً، موبخة المنظمين على عدم إخبارها بذلك، إلا أنهم طمأنوها بأنهم "لطفاء" للغاية.
وقالت زينة إن الأميرة لورنتين زوجة شقيق الملك جاءت بنفسها إلى "البوفيه" وتناولت ”الكبة السفرجلية”.
ولكن الأكثر إثارة عندما توجهت زينة لتلقي التحية على الملكة السابقة بياتركس والدة الملك الحالي ويليم ألكسندر وهي جالسة على إحدى الطاولات.
فسألتها الملكة من أي مدينة جاءت وعن مكان تواجد أهلها وإن كانوا في مكان آمن، ثم قالت لها بالإنكليزية:” إنه من المحزن جداً أن تفقدي بلدك، لكن أنا سعيدة بأنك بيننا، أتمنى لك أفضل التمنيات”، وعندما سُئلت إن كان قد أعجبها الطعام الذي أعدته، أكدت الملكة على ذلك.


اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى