الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المسألة الفقهية في قيادة المرأة للسيارة

  • 1/2
  • 2/2

"أصابت امرأة .. وأخطأ عمر". كانت هذه العبارة على قصرها تختزل الكثير من المعاني، لعل الأكثر أهمية فيها، مع حضور شيوخ صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وشهود المسلمين جميعاً. هذا الإقرار في رجوع ولي أمر المسلمين عن قرار، كان يستنطق الرأي فيه، لأن الخليفة الثاني ـ لم يخرج على المسلمين ليخبرهم أنه ـ قرر تحديد المهر بكذا دينار ـ مانعاً ممانعته، ولا مغلقاً السبيل على الرد عليه، ولا معتبراً من يفعل ذلك خارجاً عن السمع والطاعة واتباع الجماعة. قال إني قد عزمتُ، بدا لي ـ لدواعي دفع المفسدة وجلب المصلحة ـ بحسب ما ظهر له، وما بان .. أن المفاسد عظيمة جداً في عجز المجتمع من سبل العفة في المجتمع المسلم، وهو التزويج. فكان الرأي في جعل المهر مقدراً بقدر محدود، لا يتطاول الناس على بعضهم فيه ولا يتفاخر بعضهم على بعض به.
إن هذا الرأي رغم رجاحته، ورغم ما فيه من سبل المعروف والخير والصلاح، إلا أنه "لا يملك الحاكم المسلم الولاية لفرضه على الناس". لأن الحاكم يدير شأن الناس، ولا يملكهم ملك العبد، الذي يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه. وهنا ردت المرأة المسلمة اليقظة إلى هذا الجانب، "إن هذا ليس لك فعله يا أمير المؤمنين .. أن ترفع أمراً جعله الله لعباده، وهو أعلم بما حكم وقدر"، وهذه هي الولاية الخاصة، وسلطة الناس على أنفسهم وعلى أموالهم، وعلى الورود فيما يختارونه لأنفسهم ولو كان للحاكم رأي فيه لا يقره، ولا يتفق معه، بالضرورة.
وهذا ما يطبق تماماً على "قرار منع المرأة من القيادة للسيارة"، وما شايع هذا القرار من تأييد من بعض أهل العلم، والفتوى.
وفي هذا السبيل أستعرض الرأي الذي هو محل إجماع من أئمة الفقه، لكيلا يحسب البعض أن هذا الرأي صناعة كاتب المقال. ونبدأ بشيخ الإسلام ابن تيمية، وقد سئل عمن ولي أمور المسلمين، فأراد أن يمنع الناس من شركة الأبدان عملاً بمذهبه، "لا يراه ويحرمه"، فقال: "ليس له منع الناس من مثل ذلك، ولا من نظائره مما يسوغ فيه الاجتهاد.. وليس معه بالمنع نص، من كتاب ولا من سنة ولا إجماع، ولا ما هو في معنى ذلك.. ولا سيما أن أكثر العلماء على جواز ذلك وهو مما يعمل به عامة في الأمصار".
ينبغي في تقديري أن نكون موضوعيين وغير منفعلين في إدارة خلافاتنا من جهة، والتعامل بتسامح أكبر في رؤية الواقع من زوايا مختلفة ومتعددة. إن عشر سنوات فقط تفصلنا عن استجلاب عشرة ملايين سائق إلى المملكة. وإن هذا الرقم الهائل ليس ترفاً ولا تفاخراً بين الناس، بقدر ما هو ضرورة فرضتها خروج المرأة إلى سوق العمل وإلى التعليم، وإلى نظرية توظيف النصف الذي كان حتى زمن قريب ـ معلقاً ـ ومؤجلاً حتى إشعار آخر، وهو المرأة السعودية. لست بحاجة إلى العودة للتذكير أن المواطنة التي تقبض ثلاثة آلاف ريال تدفع 2500 ريال راتب سائق أو أجرة سيارات الأجرة التي لا يمكن وضع عداد على أفواههم حين ينطقون بتحديد الأجرة المطلوبة والتي لا تتوقف عن الصعود إلى الأعلى كل صباح.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى