الارشيف / قصص من الواقع

الموت حباً - الحلقة الثالثة (3)

بقيت نور في سريرها دون نوم... إلا من غفوات بسيطة من شدة التعب .....وهي تنتظر أي حركة خارج غرفتها أو أن يأتي إليها رضوان في الصباح الباكر إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث .....حتى بلغت الساعة العاشرة صباحاً ....فملّت نور من الانتظار ...وأصبح فضولها يحثها على الخروج من غرفتها لتعرف ماذا يجري خارجاً .......وكم تفاجأت عندما وجدت رضوان و أمه وهند في غرفة الجلوس يشربون قهوتهم الصباحية بشكل عادي جداً ويتكلمون همساً .....اقتربت وهي تلقي تحية الصباح بكل خجل ....فقال لها رضوان صح النوم يا عروس اعتقدنا أنك نائمة ولم نشأ إزعاجك ....ثم نهضت هند قائلة تعالي حبيبتي فنجان قهوتك جاهز ومازال ساخناً فالآن بدأنا بشرب القهوة .....قالت نور لا أحب القهوة ....فنظروا إلى بعضهم وهم يبتسمون فذلك يعود لسن نور الصغير .....فجلست نور وهي مرتبكة أمام رضوان وهو ينظر لها بكل حب ولكن لا يريد أن ينتبه عليه أحد .....وبعد قليل قالت هند سوف أحضّر الفطور ريثما العرسان يجهزون أنفسهم للسفر .....هنا نظرت نور في عينين رضوان نظرة استغراب وتساؤل ... الذي بادر قائلاً : نعم نور اليوم بعد الظهر سنسافر إلى لبنان ....ألا تستحق عروستنا شهر عسل صغير ......تعالي نجهّز سوية حقيبة ملابسنا ريثما يُحضّر الفطور ....وبالفعل سافر رضوان ونور إلى بيروت ....ونزلا في فندق رائع ....وقضوا أيام جميلة وكأنها الخيال...كانت نور سعيدة جداً وخاصةً أن رضوان كان منتهى اللطف والظرف والكرم معها ...ومنتهى الحنان ...حتى أنها شعرت كأنه فارس أحلامها بحق وحقيق ....لم يترك مكاناً جميلاً ولا جلسة حلوة إلا وأخذها إليها ....وكان كلامه وتصرفاته....من أجمل وأرق ما يمكن .....حتى خُيل إليها أنها في الجنة .....ولم يفتح رضوان سيرة هند ولا أهل بيته نهائيا ولم يأتي على ذكرهم لا من قريب ولا من بعيد ....حتى أن نور كثيراً ما كانت تحدث نفسها ...وهي فرحة أيكون رضوان أحبها لهذه الدرجة ....حتى نسي كل شيء .......ومضى عشرة أيام على هذا الحال والعروسين في قمة السعادة والبهجة والفرحة ...

 

 

وفي اليوم العاشر وبينما كانا في أحد المطاعم الجميلة على الروشة يتناولان طعام العشاء حيث أنسام البحر ولا أجمل ... في ذلك المساء الشاعري الجميل .....قال رضوان غداً سنعود إلى دمشق .....كم كنت أتمنى أن تكون رحلتنا أطول من ذلك ....ولكن أعمالي لا تسمح لي فأنا من يشرف على كل شاردة وواردة .. والله أعلم كم خبّصوا العمال ومديرهم في المعمل ....اعذريني يا نور ....ولكني أعدك أن تتكرر مثل هذه الرحلات بين فترة وفترة ....ثم صمت قليلاً وقال : أريد أن أطلب منك طلباً بسيطاً يا نور ....هو أن تحبين وتحترمين هند..... فهي إنسانة رائعة وستثبت لك الأيام ذلك ....اعتبريها كأختك الكبيرة واسمعي لنصائحها ....فهي طيبة جداً ....وأنا أحبها وأحترمها فهي كانت زوجتي لأكثر من سبعة عشرة سنة ...بمقدار عمرك ....تقريباً حملتني وحملت أمي كل هذه السنوات بكل حب وحنان ...فالبيت بدونها لا يسوى شيئاً.....هذا طلبي الوحيد منك يا نور .....وستكونين معنا من أسعد الناس أعدك بذلك ......

 

 

كانت نور كلها آذان صاغية ....فهي كانت تنتظر هذا الكلام من رضوان عن هند .....لم يعجبها هذا الكلام نهائياً بل تضايقت لأنه فتح سيرة ضرتها وهي بشهر العسل ولو كانت متوقعة ذلك فهي لمحت الحب ...كل الحب في عينيه عندما ودّع هند .....كانت الغيرة قد بدأت تلمس قلبها .....فقد شعرت بأنها الملكة في هذه الأيام القليلة ....واليوم يذكرها رضوان أنها لا شيء أمام حبه لهند .....لم تتضايق من أجله فحسب ولكن من أجل حبها لنفسها ......ولكن لم تبدو شيئاً ولم يظهر عليها ما يدور في نفسها ....بل على العكس ....أظهرت احترامها لرضوان وإخلاصه لزوجته وقالت له : من دون أن تقول لي شيئاً يا رضوان أن أحترم كل من يخصك ....وكل من يحبك ....فأنت زوجي وحبيبي ...ولا تفكر بهذه الأمور طبعاً سأعاملها كأختي الكبيرة .....وأكثر .....(وهي بنفسها تضمر شيئاً آخر ) ....ثم قالت بغنج ودلال : ألا تستطيع تمديد رحلتنا عدة أيام أخرى فنحن سعداء جداً والطقس رائع في بيروت في مثل هذا الوقت ......قال رضوان : يا ليت .....وزلق لسانه وهو يقول لقد قلت لهند أننا عائدون بعد عشرة أيام ...وأخاف أن تقلق هي وأمي علينا فهما غير معتادتان على غيابي ....قالت نور : كنت أعتقد أن أمور عملك هي من تجبرك ....ولكن هناك سبباً آخر أهم على ما أعتقد .....ضحك رضوان وقال : نعم سببان ...ولا مجال للتمديد ....لنعود باكراً إلى الفندق ونجهز أنفسنا للسفر في الصباح الباكر .....ورجعت نور مع رضوان إلى الفندق وهي في قمة الغيظ ......وأصبحت تفكر بسرعة كيف ستجعل رضوان يعدل عن رأيه بالعودة إلى دمشق .....فقد جلس الشيطان جلسة المفكر معها .....فأهم شيء أن لا يفي بوعده لهند ............وما أن وصلا إلى غرفتهما في الفندق وسكّرا الباب .....حتى التفتت نور إلى رضوان ........
 

يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى