الارشيف / قصص من الواقع

الموت حباً - الحلقة الثامنة (8) و الأخيرة

التفت رضوان إلى نور في رواق المشفى .....وعلامات الغضب على وجهه....وسألها محتدماً كيف حدث ذلك... وأين كنت أنت ؟؟..........ذهب اللون البشري كله من وجه نور وسرى الرعب في كل أوصالها .....وبدأت ركبتيها بالإرتجاف .....ولسانها بالتلعثم .....وارتبكت أيما ارتباك ....وحاولت أن تتكلم ولكن شيئاً ما!.. بلع لسانها ......هنا شعر رضوان بخوف وصدمة نور .....وهي الحامل بالشهر الثامن .....والصدمة كانت شديدة عليها وهي بهذه السن الصغيرة .....فخاف عليها وعلى الجنين في أحشائها .......فلم ينتظر الجواب بل طلب منها العودة فوراً إلى البيت حيث أمه المريضة .....بالإضافة إلى حالتها المزرية التي تتطلب الراحة التامة .....قال : اذهبي الآن يا نور واستريحي رفقاً بك وبالجنين .....وأنا سأبقى مع هند حتى تمضي ساعات الخطر عنها ....وسأطمئنُك على الهاتف .....فلا داعي لوقوفك وتعبك هنا ....ولن يجدي ذلك شيئاً ......والتقطت نور هذه الكلمات والتقطت أنفاسها معها ....فهي بحاجة فعلاً للراحة .....فأعصابها بدأت تنهار ....ولا أحد يشعر ما بداخلها .....وعادت نور ....إلى البيت ......واستلقت على سريرها ......ولكن الراحة الجسدية لم تغير من حالها شيئاً .....فهي في قلق مستمر وخوف مستمر وهذا كله بكفة وعذاب الضمير بكفة أخرى .....

 

 

العذاب يستمر ويشتد في كل يوم يمضي .....والخوف يتزايد ....والمسؤوليات التي تراكمت على عاتقها تتزايد حيث كانت هند تحمل كل ذلك بدون أن يشعر أحد بها وخاصةً نور ......التي بدأت تطبخ وتغسل وتنظف وتعتني بزوجها و أمه .....لوحدها .....لم تكن أبداً بمهارة ومستوى هند وإدارة هند .....ولكن كانت كشيء يسد ثغرة أو رمق .....وتوالت الأيام ...ولم تفق هند من غيبوبتها ....ولكن الأطباء يستبشرون خيراً في المستقبل لأن لها استجابات حسية وعصبية لا بأس بها .....ولكن ذلك يتطلب وقتاً ليس بقصير .....وبدأت تتدهور صحة نور كثيراً ....وكذلك حالتها النفسية التي أخذت تهوي نحو القاع بشكل متسارع ورهيب .....بل و مخيف ....ولا أحد يدري بها وما يجول في عقلها ونفسها إلا الله .......فالكل مشغول في كل يوم على صحة هند ......بينما أصبحت نور في وضع سيء للغاية.....وبدأ القلق النفسي يؤثر بشكل واضح على أعصابها وردة أفعالها التي باتت غير منطقية ولا معقولة .....واتجه هذا الانحدار بشكل تدريجي إلى عقلها فباتت تشرد كثيراً وتحب الانعزال بنفسها عن الناس؟....ولا تريد أن تكلم أحد .....إلى درجة جعلها رضوان تقيم عند أهلها ليقوموا على رعايتها .....وجاء بخادمة لأمه وبيته لتشرف عليه .....وأغدق المال على عائلة نور ليعتنوا بابنتهم ريثما تضع مولودها ....حيث كان تشخيص الدكتور لحالة نور هو الاكتئاب ما قبل الولادة ....فالنساء عادة تصاب به بعد الولادة ....إلا أن حالة نور ونتيجة الظروف التي مرت بها والمسؤوليات التي ألقيت على كاهلها دفعة واحدة قد سرّعت الحالة لديها .....وبالتالي فهي تحتاج إلى رعاية طبية ونفسية ومراقبة دقيقة ........

 

 

احتوت عائلة نور ابنتهم .....وهم يرونها تزوي في كل يوم وتنطفئ رويداً رويداً ......هذا البرعم الذي ما لبث أن بدأ يتفتح ......حتى داهمه الذبول فجأة ولا أحد يدري لماذا ؟؟...........ومضت الأيام واقترب موعد الولادة .....وذهبت نور إلى المشفى للوضع .....وتعسرت الولادة بشكل فظيع ......و كانت الآلام رهيبة ......إلى أن وضعت نور مولوداً رائع الجمال .....مثل جمالها الأخاذ .......وأتت إلى الحياة روح طاهرة .....في نفس اللحظة التي غادرت فيها روح أخرى لتلتحق بالرفيق الأعلى ......وتستريح إلى الأبد .....وتعطي أمومتها إلى إنسانة أخرى انتظرتها سنين طويلة .......نعم ....ماتت نور ........وعاشت هند. فيما بعد ...بعد معاناة طويلة بالمشفى والمعالجات الطبية ....وكانت لحظة ضمها لجنين نور ......هي أجمل لحظات حياتها .......التي نسيت معها ....ما حدث !...وما وقع........هكذا أراد الله .......ليس البقاء للقوي ولا للشرير .......ولكن البقاء للخير وحده

 


تمت 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى