الارشيف / ثقافة و فن

لا عزاء للرجال - الحلقة الرابعة

قصة قصيرة

 

لا عزاء للرجال

 

(4) الحلقة الرابعة

 

ما أن دخل أحمد بيته و هو متعب ... حتى هرعت نهلة لاستقباله و هي بمنظرها الجديد ( النيو لووك )، و حسبت نفسها ملكة تتهادى على الأرض و أن زوجها سيسحر بجمالها و أناقتها.... و إذا يقول لها أحمد و هو مندهشاً : ما هذا ... الذي فعلته بنفسك .... لماذا تصبغين وجهك بكل هذه الألوان ... و ما هذا الشيء الذي تلبسينه .... منذ متى نحن نحب هذه الأزياء و الملابس الصارخة .... اذهبي فوراً اغسلي وجهك، و اخلعي عنك هذا الفستان الخليع .... فقد ذهب جمالك كله به ... نحن ليس هكذا ؟؟؟ وقفت نهلة حزينة، و الدموع تنهمر بشدة من عيناها، و قد استبد بها الغضب و قالت : أنت هكذا دائماً، لا تحب أن تراني فرحة و لو للحظات .... تبخل علي حتى ببعض الإطراء ... و أنا أجد نفسي حلوة جداً بهذا الفستان و لكنك لا تستحقه .... و لا تستحقني ... و ركضت تغسل وجهها، و تخلع فستانها و تجلس في سريرها و هي تبكي بحرقة ...

 

 

جلس أحمد قليلاً في غرفة الجلوس .... و عاتب نفسه ... صحيح أنه لم يعجبه هذا المظهر كله جملةً و تفصيلاً، و لكن كان عليه أن يكون أكثر حكمة و رقة مع نهلة .... و ذهب ليصلح الأمر كعادته ... و قال لها بأنها على طبيعتها أجمل بكثير، و هو يحبها كما عرفها أول مرة، بسيطة عفوية و بدون روتوشات و مكياج و ألوان أفسدت جمالها الحقيقي بالفعل .... لم ترضى بالطبع ... و بقي يداريها حتى سألها : بكم اشتريت هذا الفستان، و هل هو من عند جارنا كما ذكرت لي ... قالت له : نعم من عند جارنا، و كان بمنتهى الكرم و اللباقة، فقد قدّم لي الفستان هدية عندما أعجبني و وجدت سعره باهظاً ...؟؟؟؟ هنا ارتبط لسان أحمد و هبّ واقفاً و هو يصرخ ؟؟؟ ماذا ... ماذا قلت، و بأي صفة يهديك فستان غالي الثمن ... هل هو أباك أم أخاك أم من بقية عائلتك.... لا حول و لا قوة إلا بالله... ماذا حصل لعقلك .... ماذا دهاك ... كأنك لم تتعلّمي حرفاً واحداً ... و كأنك لم تدخلي مدارس و لا جامعات .... كيف تقبلين هدية من رجل غريب يا مدام .... أهكذا ربّاك أهلك .... و ما أن سمعت نهلة كلمة أهلك حتى جُنّ جنونها ... و أخذت تصرخ و يعلو صوتها، فذهب ما بقي من جمالها إلى غير رجعة ... و اشتد الخلاف بين الزوجين ... و طلب أحمد من نهلة أن ترد الهدية في اليوم التالي فوراً ... و لا نقاش في هذا الأمر نهائياً ... ليس من أجل ثمنه الغالي فحسب .... و لكن الطريقة كلها مرفوضة بالطبع.... و وضع رأسه على وسادته ليفتعل النوم كالعادة .... و يوقف الجدال عند هذه النقطة ... التي لا رجعة فيها ... بينما بقيت نهلة تبكي في سريرها، حتى ابتلّت وسادتها و أخذها النوم إلى مكان بعيد ... بعيد جداً ....

 

 

و في الصباح الباكر، استيقظ أحمد متعباً و غادر بيته باكراً و هو مهموم و حزين .... بينما بقيت نهلة نائمة إلى ساعة متأخرة من ضحى ذلك اليوم ... و ما أن نهضت ... عملت ركوة قهوة و حملت فستانها و طفلتها، و ذهبت لعند جارتها لتحدّثها بليلتها الحزينة، و تطلب منها أخذ الفستان و ردّه إلى زوجها بعد أن حدث ما حدث ؟؟ فأحمد لم يحب الفستان ... و لا يقبله هدية من أحد .... هنا تفاجأت عايدة بهذه القصة، و أخذت تلوم أحمد و تقول لها : الله يكون بعونك لعقلية زوجك المتحجّرة و المتخلّفة ... هذه هدية مني و ليس من زوجي، كنت قولي له ذلك ...؟؟؟ أراك ساذجة أكثر من اللازم، و تحتاجين إلى دروس كثيرة و إعادة تأهيل ... على ما يبدو ..؟؟ على كلٍ سأحتفظ لك بالفستان عندي، و كلما أردت لبسه البسيه و لا تسألي عنه أصلاً، هو في عمله طوال النهار فأنّا له أن يراك ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!! .. أيحسب نفسه مالك لك .... و لما تحبين ... لا .. و ألف لا ... عيشي حياتك و شبابك كما ترغبين، و ليس من الضروري أن يعرف كل شيء .... و هذا أول درس لك ؟؟؟

 

 

أعجب نهلة كلام عايدة جداً، و شعرت و كأن روحاً جديدة قد دخلتها و سكنت بها ...!! فقد كانت معجبة بعايدة و قوة شخصيتها و تمتُّعها بحرّيات كثيرة، مع أنها زوجة هي أيضاً، و لكن هنيئاً لها بزوج متفهّم و متحضّر و كريم .... كم يختلف عن أحمد ....... مسكينة نهلة لم تكن تعرف أن قلب أحمد يحبها بإخلاص، و يخاف عليها من النسمة .... بينما ميّار لم تكن عايدة تعني له شيئاً ... بل كانت صورة اجتماعية لا أكثر، و أحد الأشياء التي يملكها في البيت مثل أي غرضٍ آخر ... و كانت له حياته الخاصة، و ألف إمرأة تشاركها به ... أما أحمد، فقد كانت نهلة تعني له كل النساء ... فهي لم تكن زوجته فحسب... فقد كان يخاف عليها كطفلته تماماً ... كان رجلاً يخاف على أهله، و عنده كرامة و شرف ..... فأين الثرى من الثريا....... لم تكن تدري ماذا تُهدم بيديها ؟؟؟.... و مضت الأيام، و بدأت نهلة تكذب على زوجها و لا تخبره بكل تفاصيل يومها .... و بدأت تذهب مع عايدة إلى المطاعم ... و تدخن السيجارة و النرجيلة من وراء أحمد .... و كل ذلك بإيعاز و نقود من ميّار ... فقد كان يحضّرها لشيءٍ ما مستغلاً و مستخدماً زوجته لهذه المهمة القذرة ..... فقد أعجبت نهلة أبو صافي .... و ستكون هديته الغالية له .... في يومٍ من الأيام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟... و بالفعل جاء ذلك اليوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا