الارشيف / ثقافة و فن

لا عزاء للرجال - الحلقة الخامسة

قصة قصيرة


لا عزاء للرجال


(5) الحلقة الخامسة

 

تكررت المشاوير ... و أصبحت الزيارات بين نهلة و عايدة شبه يومية ... و جاء اليوم الذي أرادت عايدة التحضير لسهرة في بيتها ... و أخبرت نهلة بأنها أول المدعوين و لا تقبل منها أي اعتذار ... و لكن نهلة اعتذرت بشدة، فهي لا تستطيع السهر ليلاً خارج البيت، فأحمد يعود عند الغروب تقريباً ... و لن يسمح لها إطلاقاً أن تشارك في هكذا سهرات، فـله عقلية خاصة كما تعلم عايدة .... فقالت لها عايدة لا بأس سأجد حلاً لهذه المشكلة، لا عليك ... و أخبرت زوجها بأن نهلة لن تستطيع الحضور لظروفها مع زوجها ... و فكّر ميّار بطريقة يستطيع فيها جمع أبو صافي مع نهلة ... فأبو صافي لا يجتمع مع الأصدقاء إلا ليلاً .... فجاءت في ذهنه فكرة شيطانية .... فلماذا لا تضع نهلة منوّم قوي في طعام أحمد عندما يعود لبيته مساءً فينام للصباح، و كذلك طفلتها، و بالتالي تأتي للسهر عندهم، فالبيت مقابل البيت ....( و لا مين شاف و لا مين دري ) .... و أخبر زوجته بفكرته و أعطاها حبوب منومة ... لتعطيها لنهلة و تساعدها بأن ترتدي أجمل فستان سيأتي به من محله، و تحضّرها هي للسهرة، فقد أعجبت أبو صافي كثيراً ... و اعترف لزوجته بأنه إن حصل ما يخطط له ... سيسعد هو و عايدة، و ستسعد معهم نهلة لآخر العمر، هذا إذا حصل انسجام بين نهلة و أبو صافي... 

 

 

و في اليوم التالي أخبرت عايدة نهلة بالخطة الخبيثة ... فرفضت نهلة ذلك أول الأمر و خافت كثيراً ... من أن يحدث طارئ ما وتنكشف فعلتها .... و لكن عايدة بقيت تقنعها أنه لا شيء مخيف، و ستمضي الخطة بسلام، و ستحضر ليلة و سهرة من ليالي العمر، و ستكون سبب سعادتها في المستقبل، و جلست تتكلم لها عن حياتها كيف ستصبح لو عرفت كيف تستولي على قلب و عقل أبو صافي .... و إذا ما حصل المراد ... تترك أحمد المعتر الفقير ... الذي لا حياة و لا شباب و لا متعة من متاع الدنيا ستتحقق معه ... بينما هناك حياة طويلة عريضة من الرفاهية و البيوت و السيارات و المجوهرات، و كل ما تتمناه رهن إشارتها .... فـحرام عليها أن تدفن جمالها مع شخص مثل أحمد ... لا يملك شيء ... و بقيت تزن على رأسها و لعدة أيام حتى اقتنعت نهلة و تجرّأت لتطبيق فكرة جيرانها عايدة و زوجها ميار .....

و في اليوم الموعود ... حضّرت نهلة وجبة عشاء دسمة يحبها أحمد كثيراً و دست المنوّم فيها ... بينما أعطت طفلتها مهدئ أطفال جاءت به من الصيدلية حسب ما أشارت عليها عايدة .... فنامت الطفلة ... و جاء أحمد و تمتّع بالطعام ... الذي لم تشاركه به نهلة بسبب اضطراب معوي و إسهال قد أصابها كما ادّعت له و مثّلت عليه ..... فنام أحمد بعد الطعام بأقل من ساعة .... فتوّجهت لبيت جارتها ... لتحضير نفسها لاستقبال الضيوف بعد أن لبست أجمل الثياب، و وضعت مكياجاً صارخاً.. و كانت المائدة جاهزة لسهرة طويلة احتوت على كل ما لذَّ و طاب، و جاء أبو صافي و معه عدة رجال .... و استقبلهم ميار و زوجته و نهلة معهم ... فكانت سهرة طويلة مع الشيطان و اللهو و المجون ...

 

 

و عند منتصف الليل أراد أبو صافي المغادرة و عند الباب .... قال لصديقه ميار بأنه أًعجب جداً بنهلة ... و سيطلّقها من زوجها قريباً لتكون له ..... و شكره على هذه السهرة الحلوة و رحل .... أما نهلة فقد عادت لبيتها على الفور، فتسللت إليه بكل خوفٍ و رهبة ..... و لكن البيت كان هادئاً جداً .... و زوجها و طفلتها نائمين بكل عمق ... فتنفست الصعداء، و غيّرت ملابسها و أخفتها و غسلت وجهها و نامت على الفور و كأن شيئاً لم يكن .... و في اليوم التالي قام أحمد و هو يشعر بثقلٍ في رأسه، فقال لنهلة : لا أعرف ماذا حصل لي البارحة، كأنني كنت متعباً جداً، فلم ألوي على شيء بعد العشاء ... على كلٍ كانت الوجبة رائعة، سلمت يداك .... و شرب قهوته و ذهب لعمله .....

و من يومها و نهلة تختلق المشاكل مع أحمد، ففي كل يوم مشكلة و خلاف و خناق،ة حتى باتت الحياة بينهما جحيماً لا يطاق ... و كانت عايدة تشجّع نهلة على خراب بيتها في كل يوم، و أن أبو صافي قد أحبّها جداً و هو مستعد للارتباط بها عندما تترك أحمد .... و تُصوّر لها مستقبلاً رائعاً و مرفهاً جداً مع أبو صافي ... فهو لديه مال لا تعده النيران ... و هو مطلّق، و لديه فتاة واحدة بعمر الخامسة عشرة تعيش مع أمها، فالجو خالي لها تماماً و هذه فرصة حياتها التي لن و لم تتكرر ... و كثيراً ما كانت نهلة تبكي و هي تحكي مع عايدة من أجل طفلتها، فسيأخذها أحمد و يحرمها منها لا ريب في هذا؟... فتقول لها عايدة لا يستطيع، فأنت أحق بالحضانة منه قانوناً ... فقالت لها : و إذا تزوجت ؟... قالت أمك هي الأولى بحضانتها، لا تخشي شيئاً مع أبو صافي، فلديه من الوسائل و المحامون ما يحل لك أكبر مشكلة، أنت ضعي يديك و رجليك في ماءٍ بارد، فقط اطلبي الطلاق منه ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 

 

تكررت اللقاءات بين نهلة و أبو صافي و تطوّرت... و حاول كثيرا بأن يقيم معها علاقة بالحرام، و لكنها رفضت لأنها ما زالت على عصمة رجل ثانٍ، فكثيراً ما تتخيّل أحمد و هو يقوم بقتلها دفاعاً عن شرفه، فكان عائقاً كبيراً في طريق علاقة نهلة و أبو صافي، و جدار يجب أن يهدم ... و يُزال من الطريق .... فطلبت نهلة الطلاق من أحمد رسمياً بعد مشاجرة عنيفة معه .... و لكنه رفض الطلاق جملةً و تفصيلاً، فهناك طفلة بينهما ... لا ذنب لها ... أما المشاكل بينهما فممكن أن تحل بأية طريقة، و من ثم تدخُّل الأهل بينهما ... فكان أهلها و أهل أحمد مع أحمد قلباً و قالباً، و خاصةً أهل نهلة بالذات، فقد عارضوا هذا الطلاق بشدة، بل و اختلفوا مع ابنتهم و ألزموها بأن تبقى مع زوجها و في بيتها، فلا طلاق عندهم نهائياً، فتشعّبت المشكلة .... فكان الجميع مع أحمد ضدها ....؟ و في هذه الأثناء .... اشتعلت الحرب في سورية .... و أصبح هناك جماعات و أطراف و دول تتنازع على هذه الأرض التي كانت مهد الحضارات و منارة العرب و بلد الياسمين ... فأصبحت بلد الدماء و القتل و النزاع و الأحقاد ..... و الفوضى ...؟؟ فمن نتائج ذلك .... أن ميّار و أبو صافي استغلا وضع البلد لمصلحتهما، و خاصةً من خلال تجارتهما في السوق السوداء و النساء ... فأصبحا من أغنياء و مجرمي الحرب بلا منازع ... فلا ضمير و لا أخلاق ... و لا دين يردعهما .... فأصبحا من إخوان الشياطين .... فقام أبو صافي بتقديم تقريراً إلى الأمن عن أحمد بواسطة أحد رجاله ..... تقريراً ملفقاً و ظالماً و كاذب ....... ففي منتصف ليلة مشؤومة، جاء الأمن لبيت أحمد و شحطه من سريره و هو بملابس النوم شحطاً .... و لا أحد يدري ماذا يحصل ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

 

يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا