الارشيف / ثقافة و فن

التوائم - الحلقة الأولى

قصة قصيرة

 

التوائم

 

(1) الحلقة الأولى

 

نادين و نادية .... أختان توائم تحبّان بعضهما البعض.. و تتشابهان بالشكل و تكاد أن تكون كل واحدة صورة طبق الأصل عن الأخرى، إلا أنهما يختلفان في الشخصية و الطباع منذ نعومة أظفارهن ... فمن حيث الشكل، كانتا شقراوتان جميلتان تتمتّعان بنفس العينين و بنفس الملامح، إلا أن نادين كانت ممتلئة الصحة أكثر من نادية بقليل، فبينما كانت نادين مرحة جداً و لعوب و تحب المشاكسة في كل شيء كانت نادية هادئة مطيعة و مجتهدة في المدرسة أكثر من نادين فهي أذكى أيضاً و مثابرة .... و هما اليوم في الرابعة عشرة من العمر، و قد تقدّما إلى فحص الشهادة الإعدادية، فحازت نادية على مجموع أعلى من مجموع نادين.... بل كان الفارق ليس بسيطاً ...

 

 

و كثيراً ما كانت نادين تتعرّض لملاحظات والديها في كل شيء، و خاصةً في السلوك و نوعية الصديقات التي تختارهن، و حتى في اللباس، فكثيراً ما كانت أمهما تشتري لهما نفس الثياب لتتفاجئ بابنتها نادين المراهقة بأنها غيّرت فيها، أو استعارت من بنات خالتها و حتى صديقاتها الكثير من الملابس التي تعتبرها على الموضة أكثر من ملابسها الكلاسيكية المقيتة كما تحب أن تسمّيها هي... فكانت تبدو أكبر من عمرها، و أنضج من أختها مع أنهما في نفس العمر بفارق خمس دقائق ليس إلا، فكثيراً ما كانت نادين تضجر من اجتماع الأقارب، و تفضّل الذهاب عند صديقتها و جارتها في نفس البناء، و التي كانت أمها لا تحبّها أبداً لأنها فتاة مودرن جداً، و أهلها يعملون طوال الوقت و يتركونها لوحدها في المنزل، و كانت تلبس و تتصرّف حسب إرادتها دون توجيه أو رقابة من أحد ...

 

 

و كم كانت عدد المرات كثيرة التي اختلفت فيها نادين مع أبويها من أجل هذه الصديقة الجارة بالذات .... هي مصرّة على صداقتها ... و لا تجد فرصة إلا و تذهب لعندها حتى من وراء ظهر والديها .... بينما نادين كانت قمة في السلوك المؤدب و المطيع حتى أن طبعها مثل طبع أهلها تماماً .... كانت تحب القراءة و الدراسة و العزف على الكمان، فلقد ألحقاها أهلها هي و نادين بالمعهد العالي للموسيقا منذ أن كان عمرهما ست سنوات ... كانت نادية تعزف على الكمان، و نادين على البيانو، و قد اشترى والدهما لهما هاتين الآلتين الموسيقيتن من أفخر و أهم الأنواع، و كان يشجعهما على أن تكون لهما هواية جميلة بأوقات فراغهما .... و لقد استمرت نادية في المعهد، حتى تخرّجت منه و هي عازفة محترفة تقريباً، بينما نادين لم تكمل العامين إلا بالإكراه و بالغصب حتى يأس أهلها منها، و أخرجاها من المعهد مبكّراً...... و ها هما الآن أصبحتا في المرحلة الثانوية في عز الصبا كالبراعم التي بدأت تتفتّح و يظهر جمالهما أكثر و أكثر، و لكن الإختلاف بينهما كان يكبر معهما و مع الأيام .....

 

 

يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا