الارشيف / ثقافة و فن

يوميات عائلة مستورة - الحلقة الخامسة

قصة قصيرة


يوميات عائلة مستورة


(5) الحلقة الخامسة

 

شعر أبو زهير و كأن الشمس أصبحت عامودية على رأسه، و أخذ يغلي الدم في عروقه من شدة الغضب ... و هو مرتبك يريد أن يقوم بردّة فعل مناسبة ... و بدأ العرق يتصبب من جبينه و أحسّ بإرهاق شديد و صداع بدأ يزحف نحو رأسه بشكلٍ مخيف و ألم يشتد في صدره و صعوبة في التنفس ... و في دقائق أصبح الألم لا يطاق و فوق احتماله ... و كأن سكين غُرزت في ظهره و خرجت من صدره، فوضع يده اليسرى على صدره و حاول أن يشير لسيارة الأجرة .... و لكنه فقد الوعي تماماً في هذه اللحظة .... و تجمّع الناس و كان رجل يقف بالقرب منه يتكلم مع شخص آخر عندما وقع أبو زهير على الأرض مغشياً عليه ... فركض الرجلان ... و حملاه في سيارةٍ خاصة تعود لأحدهما فوراً إلى قسم الإسعاف و الطوارئ في مشفى المواساة الواقع في المزة ... فمن طريقة وضع أبو زهير يده على صدره يدل أنه يتألم بشدة في هذه الناحية من الجسد ... و هذه أعراض نوبة قلبية واضحة ... و الجميع يعرفها ... و تمكّن الرجلان من إنقاذ أبو زهير بالفعل للسرعة التي نقلاه بها إلى المشفى .... ثم قام صاحب السيارة التي نقلت أبو زهير ... بفتح جوال أبو زهير بعد تسليمه جميع أغراضه و ملابسه و متعلقاته ريثما يخبر المشفى أحد من أهله .... و استطاع ذلك الرجل الاتصال بأم زهير على الجوال .... فقد وجد رقمها أول الأسماء فقد دوّنه أبو زهير باسم أم المؤمنين .... و طار صواب أم زهير و العائلة كلها و ما هي إلا برهة بسيطة حتى أصبح الجميع في المشفى ما عدا زهير الذي كان في قطعته العسكري لم يعرف الخبر بعد، و كذلك ابتسام التي وصلت إلى البيت و لم تجد أحد فاتصلت بوالدتها فجنّ جنونها و لحقت بالعائلة لتطمئن على والدها الذي دخل غرفة العناية المشددة و هو بين الحياة و الموت ... و كل ذلك بسببها .... و لكنها لم تكن تدري ؟؟؟ ...

 

 

خرج الطبيب ... من غرفة العناية المركزة و هو يطمئن أهل المريض بأن وضع أبو زهير بدأ يتحسّن و قد سيطروا على هذه الذبحة الصدرية بفضل الشخصان اللذان أوصلاه على جناح السرعة الفائقة، فاتخذ الأطباء الإجراءات المناسبة و تمّ إعطائه الأدوية اللازمة مما أنقذ حياته ... التفت العائلة حول الشخصين ... تشكرهما بكل امتنانٍ و تبيّن لهما الشعور بالعرفان ... و الجميل الذي لن تنساه العائلة لهذين الشابين، و قامت أم زهير بالدعاء لهما من كل قلبها .... و سلّم أحدهما ملابس و متعلقات أبو زهير لأم زهير ..... و لكن من دون الكيس الأسود الذي كان يحمله أبو زهير تحت إبطه و يشدّ عليه، فقد كان مبلغاً كبيراً و هو أمانة في رقبته ...!! و غادرا المشفى .. كأي فاعلا للخير أتمّا واجبهما و انتهى ... و لم يعرف أحد موضوع الكيس الأسود .... و لا موضوع ابتسام ..... فهذان السران في قلب أبو زهير الذبيح فقط .... و لم يسمح الطبيب لأحد بالدخول إلى العناية المركّزة للاطمئنان على أبو زهير لمدة أربع وعشرون ساعة على الأقل، و هو أصلاً نائم و تحت المراقبة التامة و تأثير الأدوية حتى يرتاح و تستقر حالته تماماً .....

 

 

و مضت الأربع و العشرون ساعة بخير و العائلة كلها تنتظر أن ترى رجلها ... و أهم فرد في العائلة .... و قد عاد لحالته الطبيعية نوعاً ما .... و لم يسمح بذلك إلا لأم زهير ..... و كان ذلك من مصلحة زوجها بكل تأكيد .... و ما أن رأته أم زهير و الأنابيب تصدر من جسمه لتوصله بالأجهزة الطبية التي حوله لتراقب نبضات قلبه و ضغطه ....و  كان لونه شاحباً جداً، لم تستطع أم زهير أن تمنع دموعها من الانهمار و السقوط بسرعة بعد أن شاهدت زوجها و حبيبها و كل حياتها بهذه الصورة.... مسكت يده و هو نظر إليها مع ابتسامة خفيفة لتطمئن بأنه بخير و أن لحياته بقية، و قال لها بصوتٍ ضعيف : من له عمر لا تهينه شدة يا ناجية ... لا تخافي .... و لكن أرجوك طمنيني على الكيس الأسود هل هو معك .... صمتت ناجية و لم تفهم عليه، و لكن من ذكاءها بقيت ساكتة لتستطلع الأمر من زوجها، فهو متلهف على هذا الكيس ... أي كيس ! فهي لم ترى أي كيس أسود .... استأنف أبو زهير كلامه .... انتبهي للكيس يا ناجية، ففيه أمانة لأبو عمر .... مبلغ كبير جداً يتجاوز النصف مليون ليرة ... خذيه الآن و سلميه بيدك لأبو عمر ... كنت أحمله و أشدّ عليه تحت إبطي عندما غِبتُ عن الوعي .... هنا كاد لسان ناجية أن ينعقد، فلم تستطع أن ترد و شعرت بغصّة و جفاف بحلقها، فأسرعت لتشرب قطرات من ماء موجودة جانب السرير، و قالت له و هي تحاول أن تكون هادئة تماماً مع أنها لم تكون كذلك، و أخذت تخفي قلقها و قالت : أكيد أكيد يا حبيبي، فهو معي بالحفظ و الصون و لا تخشى شيئاً ... سيصل اليوم ليد أبو عمر بكل تأكيد، أنت ارتاح و لا تهتم لشيء .... و الله يخليلنا ياك ..... فقال لها و علامات الارتياح بدت على وجهه ... الحمد لله و ألف الحمد لله الذي أرسل لي ملائكة لتحميني مع الأمانة ... الآن اذهبي يا ناجية و أوصلي الأمانة ... أتمنى الموت و لا أتأخر على أبو عمر ... فأنا هنا من البارحة و هو لا يدري شيء .... أرجوك اذهبي فوراً .... قالت له زوجته تكرم من عيوني، و ودعته و خرجت و هي لا تلوي على شيء .... ماذا تفعل .... كيف تتصرّف ... من أين ستأتي بهذا الكيس الأسود ... و النصف مليون ليرة و ربما أكثر كما يقول .......؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى