الارشيف / ثقافة و فن / في الفن

هل يكتب هشام نزيه "عهدًا" جديدًا للموسيقى التصويرية؟

لم يبدأ الموسيقار هشام نزيه مسيرته الفنية حتى الآن، بمعنى آخر لم يخرج كل ما لديه إلى الآن، وربما تعتبر أعماله الأخيرة، بداية ميلاد وظهور اسم موسيقي جديد ومميز في الموسيقى العربية، وفي الموسيقى التصويرية للأعمال الفنية المختلفة، فهو كما يقول لم ينته بعد، أو لم يشعر إلى الآن أنه حقق ما لم يحققه الآخرون، ولكن أعماله القليلة عددًا، كثيرة ومتعددة التأثير، وتشهد له وللصناعة عموما بعدة إنجازات وتطورات نفذها بمؤلفاته الموسيقية المميزة.

لا يمتلك هشام نزيه أسلوبًا موسيقيًا ثابتا، وربما يعني ذلك أنه طول الوقت يجرب ويخرج منتجات جديدة، فهي نفس الآلات الموسيقية وطريقة وضع وتأليف الألحان، ولكن المتغير الدائم هو الانفعالات ومعاني الموسيقى، وخدمة السيناريو والحوار وكاميرا المخرج وانفعالات الممثلين، وذلك – ببساطة – ما تعنيه كلمة موسيقى تصويرية.

لماذا تفوق هشام نزيه؟
الموسيقار الشاب، تتلخص قصة صعوده وأسباب نجاحه في 4 نقاط، وذلك بخلاف موهبته وجهده وإمكانياته الفنية، وهم درايته بوظيفة الموسيقى وكيفية توظيفها، التأثير هو الغاية من المقطوعة، الجرأة والتجريب وإلغاء بند "التصنيف"، وآخرهم التطورات التي تشهدها صناعة السينما والتلفزيون والتي كانت مبررًا لوجود هذه المؤلفات وفي ذلك التوقيت.

أول أسباب تفوقه هو فهمه لمعنى مصطلح موسيقى تصويرية، والتي يقول إنه فهمها أثناء تأليفه لموسيقى فيلم "السلم والثعبان"، ويعتبره بدايته الحقيقة، بعد بدايته العملية في فيلم "هيستيريا" مع أحمد زكي، والتي نفذها في أسبوع واحد وفي سن الـ 24 عاما، ووقتها ربما كانت أحلام هشام تتلخص في تلحين وتوزيع الأغاني باعتبارها أهم المنتجات الموسيقية وأسهلها انتشارا، وبعد "السلم والثعبان"، عرف طريقًا آخرًا ووظيفة أخرى للموسيقى، فاراد أن تكون موسيقاه عاملًا ممهدًا ومساعدًا لعناصر الفيلم، فأصبحت هي البطلة فيما بعد.

موسيقى "السلم والثعبان"
" frameborder="0">

عرف نزيه وقتها أن دوره يقتصر على وضع موسيقى مؤثرة وليست ملفتة بشكل منفصل، وأنه لا يقل ولا يزيد أهمية عن الممثلين والمخرجين والكتاب وباقي عناصر العمل، ومع الوقت وفي أعماله المتتالية مثل "إكس لارج"، و"سهر الليالي"، و"بلبل حيران"، و"إبراهيم الأبيض"، وغيرهم، ظهرت قدرة نزيه على الاندماج والتأثر بالعمل وتفاصيله وانفعالاته، وعلى الجانب الآخر بدأ الجمهور الجديد التعرف عليه، في الوقت الذي كان فيه عدد من المنتجين والمخرجين ينتبهون إلى ضرورة الموسيقي في أعمالهم، بجانب العناصر الأخرى.

تطور صناعة الفن في مصر
التطورات التي تشهدها صناعة الفن من أهم عوامل تألق نجم نزيه، ووجود أعمال ذات تفاصيل معقدة ومساحات تمثيلة واسعة ومختلفة، وإنتاج ضخم وواعي، أولها في فيلم "إبراهيم الأبيض" مع مروان حامد وأحمد السقا، وكذلك "الفيل الأزرق"، ليجد نزيه فرصته ومساحته في تلخيص كم المعاني والأحاسيس المركبة والمتناقضة في مقطوعته، والتي لاقت شهرة بمفردها بعد عرض الفيلم.

موسيقى "إبراهيم الأبيض"
" frameborder="0">

خالد مرعي ومحمد أمين راضي، المخرج والسيناريست، هم عوامل مهمة لظهور موهبة نزيه، باهتمام ووعي الأول بدور الموسيقى في خدمة عناصر العمل، وتقديم الثاني سيناريو وحوار وشخصيات ثرية بمعانيها وانفعالاتها و تصرفاتها وأحاسيسها..إلخ، حتى أن نزيه قال إنه احتار في تأليف تلك الموسيقى، ووضع توجهاتها، خاصة مع مشاعر القتلة "هل تقف الموسيقى بجانب الشخصية أم ضدها؟ مثلا، حتى وجد ضالته واختار الروح الصوفية لتكون هي عامود الموسيقى الرئيس.

ويقول إن تجربة الموسيقى الصوفية هي إحدى مشاريعه القديمة المؤجلة، وأنه لا يفضل أن يصنف ما فعله بمزج الروك بالصوفية، بقدر ما يفضل أن يكون ذلك ضمن السياق والحالة والضرورة، أو كيف تخدم الآلات المعنى المراد توصيله؟ ولذلك فإن ذلك نوع من الجرأة والتجريب مع وجود مشروع يحتمل ذلك، وأشخاص يتفهمون دور الموسيقى، فلا شك – كما يقول نزيه – أن يتفاجأ بطريقة توظيف مرعي للمقطوعات داخل حلقات المسلسل.

موسيقى نيران صديقة
" frameborder="0">

موسيقى السبع وصايا
" frameborder="0">

فهل كان سيتجه لتوظيف مثل تلك الموضوعات والأفكار والخلفيات في موسيقاه لولا وجود ذلك التطور في الدراما؟ وهو السؤال الذي ينقلنا إلى آخر اعماله، والتي من المتوقع أن تلقى نفس الجدل والانتشار وهي موسيقى مسلسل "العهد.. الكلام المباح"، مع نفس فريق العمل، باستخدام خلفية أخرى وموضوع مختلف آخر وهي اللغة القبطية القديمة، أو الترانيم الكنسية في تأليف موسيقى المسلسل، رغم أن المسلسل لا زال في بدايته ولم تظهر كافه ابعاده ومعانيه.. وهو ما يجعل عملية تحليل وفهم أصل ومعنى الموسيقى قبل انتهاء المسلسل، أمرًا غير دقيق، بسبب رهاننا على ميزة عدم التوقع والاستيعاب المباشر لأبعاد العمل وموسيقاه.

لخص نموذجه أزمة نسيان الجمهور لموسيقى تترات المسلسلات في الفترة الأخيرة، وعدم استمرارها لفترة طويلة، بقاعدة واضحة: إن لم تنجح الموسيقى داخل العمل وفي خدمته أولا.. فلن تنجح خارجه بشكلها المستقل بعد ذلك، ولن يتذكرها احد.

موسيقى "العهد"
" frameborder="0">

أين هشام نزيه من الأعمال الغنائية؟
من تجاربه في تأليف الموسيقى التصويرية، تظهر تفضيلاته ومناطق تفوقه، وهو وجود تأثير للموسيقى، فتجاربه الغنائية القليلة جدًا مثل "نص حالة" لأصالة، تعتبر المنتج الغنائي المنفصل الوحيد لنزيه، ورغم ذلك استخدمت في سياق فيلم "ميكانو"، ومثلها مثل أغنيات فيلم "تيتو"، وتوظيفه للأصوات البشرية في بعض مؤلفاته مثل "إبراهيم الأبيض" و"العهد" و"السبع وصايا"، كأنهم آلات موسيقية موظفة بعناية ضمن المقطوعة.

أغنية "نص حالة"
iframe width="100%" height="315" src="" frameborder="0" allowfullscreen>

وأيضا إخلاصه للموسيقى "اللايف" والأوركسترا، من أسباب حصره على السينما والدراما، في وقت رواج الموسيقى الإلكترونية، والمسجلة، وبتكلفة محدودة، والتي يرى نزيه مع مجموعة من الموسيقيين، أن الموسيقى يجب أن تكون حية حتى بأخطائها، التي تضفي مزيد من الروح والعفوية والدعوة للتفكير من المقطوعة.

أغنيات وموسيقى "تيتو"
iframe width="100%" height="315" src="" frameborder="0" allowfullscreen>
لمح نزيه إلى أسباب عدم اتجاهه إلى الأغنيات، وذكر سببًا مباشرًا وهو عدم طلب ذلك منه كثيرا، واسبابا أخرى، مثل غياب عناصر "الحرية، الجرأة، التجريب، الثراء" في الأغنيات الحالية، فهو يتعامل مع الأغنية كمقطوعة والجميع آلات، وبعقلية ورؤية روائي وحكاء، فهل يجد كل هذه الظروف والعوامل في كلمات وأصوات مطربين حاليين؟

Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى