الارشيف / ثقافة و فن

التلفاز في رمضان منذ ثلاثين عاماً .. و اليوم !!

بدأت علاقة التلفاز مع رمضان منذ ثلاثين عاماً تقريباً..عندها كانت البرامج موجه بكل مواضيعها لخدمة الشهر الكريم.. برنامج طبي عن فوائد الصيام.. برنامج ديني يزيد من روحانية رمضان.. مسابقات بين حفظة القرآن.. وبرامج للطبخ والحلويات تخدم الأم و تعينها وتساعدها في إعداد مائدة الإفطار.. وبرامج أطفال دينية عن الرسل والأنبياء.. و عند المساء فوازير ممتعة ومسلية .. تدور أسئلتها وفوازيرها حول الصيام وعاداته وتقاليده في كل بلد.. ومسلسلات دينية وتاريخية عن شخصيات بارزة في العالم الإسلامي.. حينها ارتبطت الناس والأطفال به ارتباطاً وثيقاً و عكفت على متابعة برامجه بشغف .. واستمتعت بمحتواها لغناها واستقامتها من جهة.. ولثقة المجتمع في ذلك الزمان بالإعلام من جهة أخرى.. أو بصورة أدق .. لنظافة ونقاء المجتمع والإعلام على حد سواء.. وثبات القيم والدين وسمو الأخلاق..

 

 

 

 

 

أما الآن وما يُعرض على الشاشات بكل القنوات العربية وبكل أسف.. جعلت من التلفاز في رمضان أكبر مصيبة.. وأخطر سلاحاً.. وأعظم ابتلاء.. لكثرة العنف والتشويه و البرامج الفاسدة الموجهة وبكل وضوح وبشكل صارخ لإفراغ محتوى رمضان الروحاني وإبعاد الصائم وبكل ما أوتوا من قوة عن معنى وفضل وثواب الشهر الكريم... وذلك بتسهيل الحرام .. ونشر المفاسد و التباهي بالمحرمات على العلن .. وتشجيعها.. بل و إيجاد المبررات لارتكابها.. وجعل الباطل حق والحق باطل.. والتسلل واللعب بأساسيات المجتمع الأخلاقية.. ناهيكم عن برامج إذلال الناس والضحك على إنسانيتهم أولاً.. وعلى عقولهم ثانياً.. وبرامج المسابقات التي تعتمد على المراهنة والمقامرة.. والكثير الكثير من المفاسد والشبهات والمحرمات..

 

 

ففي كل سنة نشهد انحدار برامج هذه القنوات إلى مستوى أخفض.. لتغوص في مستنقعٍ أسوأ.. وتتلاعب بخيوط المجتمع الأساسية على نحوٍ خطير .. والتي سنحصد ثمارها العفنة قريباً.. لم يعد لرمضان حرمة .. ولا للسهرات العائلية أية اعتبار.. فالعنف والإباحية والمحرمات تعرض على مدار الساعة دون مرعاة للأطفال .. بل والأنكى من ذلك هو إعلانات "بروموهات" المسلسلات التي تُعرض في فقرة برامج الأطفال .. وتشوّه عقولهم البريئة.. ناهيكم عن التشويه المتعّمد لصورة الدين بكل أشكالها.. وإلصاقها بالتتطرف بشكل فاضح.. وإظهار المنحلّ أخلاقياً ودينياً بمظهر المتحضر والمعتدل.. ولم يكتفوا فقط بتشويه المجتمع وعاداته وثقافته في عصرنا الحالي، بل لجئوا وبكل وقاحة إلى تاريخينا المضيء.. والمليء بالشخصيات والمواقع البطولية.. وتمعّنوا في تشويه الأحداث .. وذلك بإلقاء الضوء على سلبيات المجتمع آنذاك.. والمرور على الجوانب المضيئة مروراً خجولاً.. فتلاعبوا بشخصياته العظيمة وشوهوها بدعوى تناسب السياق الدرامي.. لشد المشاهدين وجذب المتابعين .. وتحقيق الأرباح الضخمة... والكثير الكثير من الأفكار السامة.. والمسلسلات المنحلة.. والبرامج الهابطة.. اللهم إلا ما ندر.. فإلى أي حدّ سيقفون.. وإلى أي منحدر سيهبطون في السنوات القادمة.. وإلى متى سنبقى مكتوفي الأيدي أمام هذه السموم الفتاكة.. التي تتدخل بيوتنا عنوةً .. وتنتهك حرمته .. و تتسلل إلى عقول أطفالنا.. وتلوث عقائدهم .. والتي لا تقلّ خطورتها وتأثيرها عن مخاطر الحروب والأمراض الخبيثة..

 

 

فإذا كان ندائنا لا صدى له.. والموجة أكبر من أن نقف في وجهها.. فأقل ما يمكننا فعله.. وأضعف الإيمان.. أن نغلق هذا الجهاز اللعين طيلة رمضان.. ونفك الارتباط الوثيق بينه وبين الشهر الفضيل.. لتبقى أنواره الروحانية نقية.. ساحرة.. لا تصلها أيدي العابثين الفاسدين.. ودمتم برعاية الله

#ميس_بازرباشي

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا