الارشيف / ثقافة و فن / في الفن

حياة العالمي عمر (3)- تعمدت الفشل في تجارة الأخشاب.. وأقنعت والدي بموهبتي حتى وقف تحت الأمطار من أجل تذكرة "لورانس العرب"

  • 1/2
  • 2/2

"وفقاً للتقاليد والعرف، الابن يعمل في مهنة أبيه خاصةً إذا كانت المهنة ناجحة ومربحة وكان أبي يريدني أن أحذو حذوه".

يقدم لكم موقع FilFan.com سلسلة "حياة العالمي عمر" على مدار اليوم الاثنين 10 أبريل والموافق الذكرى الـ 85 على ميلاد الممثل الراحل عمر الشريف.

ملحوظة المحرر:كل ما يلي على لسان عمر الشريف من الصحيفة الفرنسية "ماري تيريز جينشار" منتصف عام 1975، وترجمها ونقلها الكاتب محمود قاسم في كتابه "عمر الشريف وجوه" والذي صدر من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لدورته الـ 37.

كعادتي جعلت أمي الوسيطة في مثل هذه الأمور الحيوية والهامة، قلت لها محاولاً انتقاء العبارة التي تجذبها إلى صفي: أمي أنا لا أشعر في نفسي ميلاً إلى مزاولة الأعمال التجارية، أريد أن أكمل دراستي في لندن.

وقالت أمي التي انحازت إلى جانبي كعادتها ودون مجهود كبير "سوف أفاتح أباك في الأمر وأقنعه، ولكن ماذا تريد أن تدرس في لندن؟" توقعت مني أن أقول الكيمياء أو الطبيعة على أساس أني موهوب في الحساب والرياضيات، ولكن ردي كان: "المسرح".

الرصاصة انطلقت من شفتي، وأمي نظرت إلى طويلاً وظهر على عينيها اليأس فجأة، قالت لي صراحة أنها لا تمانع في أن أحترف التمثيل، ولا ترى عيباً في الممثل إلا أنها أضافت: "لا أستطيع أن أقنع أباك بأن يوافق على أن يُصبح ابنه الوحيد مهرجاً متجولاً، هكذا وصفت أمي التمثيل ولعلها التقطت الوصف من حوار سابق مع أبي في نفس الموضوع".

انسحبت أمي بانتظام وحيث تفشل أمي، لا يستطيع أحد أن ينجح مع أبي، فوضعت على كتفي معطفاً أبيض ونزلت إلى متجر أبي.

بدأن المرحلة بدرس طويل ومبسط منه، حاول بن أن يفسر لي الفوارق بين نوع من الخشب والأنواع الأخرى، وأن يعود عيني على قياس الألواح مبدئياً بالنظر، كما قدمني إلى عملائه الذين كان مقدرا لهم أن يصبحوا عملائي وقال لي أبي شارحاً أساس التجارة أن تبيع بأحد عشر قرشاً ما تشتريه بعشرة، وأقول الحق أني لم أجد متعة في ممارسة ذلك العمل الذي لا يناسب استعدادي الطبيعي وإن كان غيري يسعد بممارسته.

هنا أعترف بأني صدمت نوعا ما في أبي، كيف يقبل وهو رجل متدين أن يخدع الناس؟ اتهمته بيني وبين نفسي في نزاهته بالرغم من أن هذه هي قواعد التجارة المعروفة في العالم أجمع، وعبثاً حاول أبي إقناعي بأن ربح التجارة حلال، وأنه لولا هذا الربح لما استمر متجر واحد مفتوح الأبواب، ولكن كل شيء بدا لعيني غير قانوني وغير أخلاقي، أول لعلني بالغت في تصوير الموقف وجسمته، حتى أوفر لنفسي المبرر الكلي للانسحاب.

وكي أقنع أبي بأني لم أخلق للتجارة، كان عليِ أن أبدأ عملي بالبيع بالخسارة، وكان الأمر بسيطاً للغاية، القاعدة قلبتها وعكستها، ما كنت أشتريه بعشر قروش كنت أبيعه بتسعة، تارة معللاً بأن العميل شكا من مرض زوجته المكلف، وتارة أخرى معتذراً بأنه له ابنة عاجزة.

أمي كانت تصيح بي وتقول أحذر فهم يخدعونك بقصص وهمية، وكنت اكتمها في أعماقي، ولا أقول لها وأقول إنما أنا هو الذي يُخدع!

لم أكتف بهذا، بل كنت أبيع للمحتاج بالأجل، أو بالدين، وحاولت أن أبرر موقفي لأبي فقلت له أن الأغنياء من التجار لا يحتاجون البيع بالأجل، بل هو ضرورة للفقراء، واستمرت المهزلة عامين، ولعل ظروف ثورة جمال عبد الناصر جاءت العامل المساعد لأن يقول لي أبي تلك العبارة التي توقعت أن يتفوه بها مراراً "حسناً أفعل ما شئت".

شاءت الأقدار أن أفعل ما أريد ونجحت والدليل وقفة أبي نفسه الذي كان يصف الفنان بأنه مهرج متجول، وقف تحت المطر يومياً، وفي طابور لشراء تذكرة لفيلمي العالمي الأول "لورانس العرب".

اقرأ أيضا

حياة العالمي عمر (1)- يكشف ذكاء والده في كسب الأموال وتبديد والدته لها في القمار وسبب كرهه لشقيقته

حياة العالمي عمر (2)- هكذا تسببت وسامته في نجاحه بالتمثيل

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى