الارشيف / ثقافة و فن

الكارثة المناخية: التحدّي الذي يجب مواجهته قبل فوات الأوان

في عالم مليءٍ بالتحديات والأزمات المستمرة، يتجلّى الخطر الذي يهدِد البشرية في المستقبل القريب، وهو ليس مجرد تخيلاتٍ أو أحلامٍ أو نظرة سوداوية، بل توقعات تستند إلى معلوماتٍ ودراساتٍ علمية؛ في الوقت الذي تتسلل فيه الأزمات من كل جانب، منها ما يتعلق بالمناخ ومنها ما يرتبط بالجغرافيا ومنها ما يعود إلى السياسة والاقتصاد.

إذا نظرنا إلى المستقبل، فإن الكارثة القادمة لا تتعلق فقط بالأمراض والأوبئة، بل تتجلّى في التحوّل المناخي الذي يهدد الكوكب بشكلٍ لا يمكن تجاهله، إذ تسرَّبت تقارير سرية من داخل أروقة البحث العلمي؛ وقد أطلعت على جزءٍ منها، وتشير إلى أن البشرية تواجه خطراً وجودياً متزايداً بحلول عام 2050 إذا لم تتم معالجة مشكلة التغيُّر المناخي بشكلٍ جديٍ وفعال، وهذا الأمر الذي لا يبدو أن كبرى اقتصادات العالم ترغب في التصدِّي له، علماً أنني أعمل على ملف البيئة والمناخ وحمايتها منذ العام 1996 وقدَّمت تقريري للأمم المتحدة في العام 1999 حول المسؤولية عن تلوث المناخ بصفتي رئيس لجنة الخبراء المكلفة من أمين عام الأمم المتحدة لصياغة معايير المحاسبة الدولية للمساءلة البيئية.

لقد تجاوزت المخاطر المحيطة بالبشرية حدود المألوف، حيث باتت الأرض تسجِّل درجات حرارة قياسية وفيضانات في مختلف دول العالم، وإذا لم يتم وضع حلولٍ وخططٍ والالتزام بتنفيذها، فإن البشرية قد تجد نفسها على شفير الفناء، إذ تصاعدت ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكلٍ غير مسبوق، على سبيل المثال حرائق وذوبان الجليد في مناطق قطبية وارتفاع منسوب سطح البحار، مما شكَّل تهديدات جدِّية للتنوّع البيولوجي والحياة البرية.

الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة الأحفورية أثَّر بشكلٍ كبير على البيئة وزاد من نسب انبعاثات الغازات الدفيئة، وهذا يستدعي وقفة عالمية للتحوّل نحو مصادر طاقة متجددة وتقنيات أكثر استدامة، ويشمل ذلك تطوير التكنولوجيا الخضراء وتعزيز الاستدامة في قطاعات مختلفة مثل الزراعة والنقل.

بات واضحاً أننا بحاجةٍ إلى اتخاذ إجراءاتٍ جادةٍ لمواجهة هذه التحدّيات، يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق التوازن بين تطوير الاقتصاد والحفاظ على البيئة، وضمان توفير الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض. لا يمكن أن نتجاهل التحذيرات المستمرة والدلائل الواضحة على الأخطار المحتملة، إننا بحاجةٍ إلى التعاون الدولي والتحفيز المشترك للعمل على تحقيق مستقبلٍ أفضل وأكثر استدامةً للجميع.

ومن هنا، يأتي دور القيادة العالمية والتعاون بين الحكومات والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني، يجب تبنِّي استراتيجيات وسياسات تهدف إلى تقديم حل مستدام لهذه التحدِّيات المتعددة، وذلك من خلال دعم الأبحاث وتبنِّي التكنولوجيا المبتكرة وتعزيز التوعية والتعليم.

في النهاية، إن مواجهة هذه التحديات تتطلَّب تحركاً فوريًا وجماعياً، لأن العالم مترابط ومتشابك في الفضاء بشكلٍ كبير، يجب أن نتعلم من التجارب الماضية ونعمل معاً على بناء مستقبلٍ أكثر استدامة وأماناً للجميع، بما في ذلك الأجيال القادمة.

 

المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا