يبدو أنّ الضجّة التي أثيرت في الماراثون الدرامي 2017 حول انحسار موجة الأعمال العربيّة المشتركة، لصالح الدراما المحليّة كانت مجرّد تحليلات شخصيّة استندت إلى قلّة الأعمال التي أنتجت في هذا الإطار، رغم الظاهرة الجماهيريّة غير المسبوقة التي أحدثها مسلسل "الهيبة".
هذا العام تخوض الدراما المشتركة المنافسة بأربعة مسلسلات "الهيبة العودة"، "طريق"، "تانغو" و"جوليا" وتحقّق نسب مشاهدة مرتفعة جداً، رغم الملاحظات وعلامات الاستفهام التي تدور حول بعضها، ما يؤشّر إلى أنّ هذه الدراما لم تعد مجرّد موضة قابلة للانحسار، بعد أن نجحت في منافسة أهم المسلسلات العربية وتصدّرت المشهد الدرامي في الخليج العربي تحديداً بحسب إحصاءات شبكات التلفزيون ومحركات البحث على الإنترنت.
-"الهيبة العودة" الهيبة العودة
لا يحقّق "الهيبة العودة" الضجّة الجماهيريّة التي حظي بها جزؤه الأوّل "الهيبة" لأسبابٍ عدّة، تبدأ بفقدانه أحد أهم أركانه بانسحاب بطلته نادين نجيم منه، وبانعدام التشويق في أحداث تدور في الماضي، يبدو معظمها مفتعلاً لتبرير وجود جزءٍ ثانٍ اضطّر صنّاعه إلى ابتكار فكرة العودة بالأحداث إلى ما قبل الجزء الأوّل لتعويض انسحاب نادين منه.
الفكرة بدت مقبولة لدى شريحة من المشاهدين، فالشخصيّات التي أحبّها الأبطال تكشف عن ماضيها، والخلفيات التي أوصلتها إلى ما هي عليه، والقصص التي كانت تدور في "الهيبة" قبل أن يصبح جبل الشيخ جبل (تيم حسن) زعيمها. إلا أنّ تسلسل الأحداث افتقر إلى عنصر التشويق، إذ أن الأحداث المعروفة سلفاً واستبدال الكاتب هوزان عكو بباسم السلكا، حرف الشخصيات عن مسارها، كما أنّ استخدام العنف غير المبرّر أغرق المسلسل في دمويّة جعلت الكثير من المشاهدين يعزفون عنه، ورغم ذلك، بقي متربّعا على صدارة قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة في العالم العربي، وفي الخليج العربي كما تشير الأرقام.
ويبدو أنّ أهم عناصر "الهيبة العودة" تكمن في أبطاله، وشعبيتهم، وأدائهم الرفيع الذي يسدّ عجز السيناريو عن إقناع المشاهد بأحداث جنحت نحو المبالغة لتصبح بعض المشاهد مادّة للتندّر على مواقع التواصل الاجتماعي.
-"طريق" طريق
على الرغم من انطلاقته المتأخرة بعد الحلقة الـ13، إلا أنّ مسلسل "طريق" لبطليه عابد فهد ونادين نجيم حافظ على نسبة مشاهدة مرتفعة منذ الحلقة الأولى.
12 حلقة كانت تسير وفق إيقاع رتيب، وأحداث بطيئة، إذ أنّ صنّاع العمل كانوا يريدون للمسلسل إيقاعاً تصاعدياً، بعيداً عن المطبّات التي تقع فيها مسلسلات رمضان، التي تبدأ قوية ويخفت إيقاعها مع تقدّم الحلقات، إلا أنّ صنّاع العمل أخفقوا في تقديم إيقاع تصاعدي، فجاءت الحلقات العشرة الأولى خالية تقريباً من الأحداث، ليحدث بعدها انقلاباً حقيقياً في المسلسل، الذي انفضّ عنه بعض المشاهدين بعد أن تيقّنوا أنّ لا شيء منتظر من قصّة للأديب الراحل نجيب محفوظ يعرفون أحداثها مسبقاً وكانوا يتوقّعون أن يبذل صنّاع العمل جهداً إضافياً لشد المشاهد، بدل التعامل بخفّة مع الحلقات الأولى وكأنّها كتبت على عجل.
تصاعد وتيرة الحلقات، والجهد الذي يبذله عابد فهد في شخصية جابر سلطان، وتناغمه مع شريكته في البطولة نادين نجيم التي تلعب ببراعة دور المحامية أميرة بو مصلح، عوّض ثغرات الانطلاقة المتعثّرة التي لم تحل دون أن يتربّع المسلسل على عرش الماراثون الدرامي بأعلى نسب مشاهدة في لبنان والخليج العربي.
_"تانغو" تانغو
هو مفاجأة الماراثون الرمضاني بامتياز، لم يكن يُتوقّع منه الكثير، فالمسلسل الذي يلعب بطولته باسل خياط، باسم مغنية، دانا مارديني ودانييلا رحمة في أوّل تجربة درامية لها، مستوحىً من مسلسل أرجنتيني، الفكرة بحد ذاتها لم تكن مغرية إذ أن استنساخ الأعمال الغربية وتعريبها أدّى إلى ظهور أعمال دراميّة لا هويّة لها، إلا أنّ صنّاع مسلسل "تانغو" وتحديداً الكاتب إياد أبو الشامات، والمخرج رامي حنا، نجحا في التخلّص من الالتزام بالنسخة الغربية، وقدّما مسلسلاً متكاملاً.
يدور المسلسل حول قصّة خيانة، وعلاقات إنسانيّة متشعبة، تنتهي بجريمة قتل غامضة تدور فيها الشكوك حول الجميع.
ومع أن القصّة الرئيسيّة تتمحور حول الخيانة الزوجيّة، إلا أنّ المسلسل عالجها لناحية نتائجها المدمّرة، التي لا تنتهي عند حدود تدمير أكثر من عائلة، بل تتشعّب إلى جريمة بدأت في الحلقة الأولى، وما لبثت تنكشف ذيولها بشكل تصاعدي سلس بعيداً عن الإثارة المفتعلة.
يحظى المسلسل بنسبة مشاهدة مرتفعة جداً، إلا أنّه في دول الخليج العربي لا يحتل قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة.
-"جوليا" جوليا
للسنة الثانية على التوالي، تخوض الممثلة ماغي بوغصن تجربة الكوميديا في مسلسل "جوليا"، الذي يجمعها من جديد بالممثل السوري قيس الشيخ نجيب بعد نجاحهما في مسلسل "يا ريت" قبل سنتين.
المسلسل كوميدي خفيف، تلعب فيه ماغي دور فتاة مهووسة بالتمثيل، تتقمّص الشخصيّات التي تؤدّيها بطريقة مرضية تنعكس على حياتها الخاصّة، ويلعب فيه قيس دور الطبيب النفسي الذي يعالجها تمهيداً لقصّة حب تجمعهما.
يؤخذ على المسلسل أنّه يفتقد إلى عنصر المفاجأة، وأنّ أحداثه متوقّعة سلفاً، وأنّه يقع أحياناً في فخ التهريج، ويحسب له أنّ مساحة كوميديّة هادئة في زحمة الأعمال الدرامية الغارقة في الدموع والعنف والصراخ، إلا أنّ ما يطرح علامات الاستفهام هو صوابية ماغي في الاتجاه إلى عملٍ كوميدي بمنافسة غير متكافئة مع صنّاع الكوميديا في مصر وسوريا.
المسلسل يحتل المركز الثالث في لبنان متفوقاً بحسب شركات الإحصاءات على كل مسلسلات الإنتاج العربي المشترك، إلا أنّه لا يحظى بمثل هذه النسبة في دول الخليج العربي.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي