في كل عام يقترب فيه حلول رمضان، تتسابق القنوات الفضائية في طرح إعلاناتها التسويقية لمسلسلاتها في الشهر الفضيل، وذلك عبر عرض "برومو" دعائي لها لجذب المشاهدين، وتحقيق أعلى نسبة مشاهدات. وعادة ما تكون الحلقات الأولى من هذه الأعمال قوية ومثيرة للجدل لنيل إعجاب المشاهدين. وفي هذا التحقيق، نعرِّفكم بأبرز الأعمال التي أثارت الجدل بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي وشكّلت أحاديث الناس، وتصدّرت المشهد الدرامي والكوميدي، بما فيها التي أخفقت في بداياتها. وهنا جولة على هذه المسلسلات:
مسلسل العاصـوف
يعدّ "العاصوف" المسلسل الأكثر إثارةً للجدل في أوساط المجتمع السعودي، وقد كان مقرراً عرضه قبل أكثر من عامين، وتمّ عرض لقطات دعائية له عبر قناة MBC العام الماضي، لكن لكثافة المحتوى الدرامي تمّ تأجيله ليرى النور هذا العام. ويسلّط "العاصوف" الضوء على قصص من الماضي، وأحداث "مفترضة" وقعت في المجتمع السعودي في فترة السبعينيات الميلادية، وتحديداً بين عامي 1970- 1975، ويرصد في كثير من مشاهده طبيعة الحياة في تلك الحقبة الزمنية، مثل البيوت الطينية، والأحياء الشعبية البسيطة، واجتماع الأهل والأقارب في بيت واحد، والجلسات فوق "السطوح"، وبساطة الأهالي في تلك الفتـرة.
وتُظهر الحلقات الأولى الباعة المتجوّلين بين الأحياء، و"الدلَّالة" هذه المهنة التي كانت محصورة في النساء، إضافة إلى أحداث عديدة، شهدتها الحلقات الأولى من العمل، وأثارت عاصفة من الجدل، منها أحداث وقعت في السـوق بين ناصر القصبي، بطل "العاصوف"، وزوجة جاره، حيث أشعلت هذه القصة جدلاً كبيراً بين مؤيد ومعـارض، كما يظهر في المسلسل بيع المنتجات القديمة، مثل الدلال، والأباريق في منطقة واحدة مخصّصة للبيع والشراء، ومما يلفت الانتباه أيضاً طريقة عرض الأفلام، حيث تُظهر الأحداث عرضها في "سينما الأحواش"، ويبدو جلياً سيطرة السينما في تلك الفترة، وتفضيل الشباب حضورها. ابطال العاصوف
كذلك توثق أحداث العمل التاريخي العلاقة الوطيدة بين الفن وسكان المنطقة، حيث يستمتع المشاهد ببعض الأعمال الغنائية، التي كانت تنتشر في تلك الفترة، منها أغنية "أسمر عبـر"، و"مركب الهند" لـ"فنان العرب" محمد عبده، إضافة إلى أغنية "سبحانه وقدروا عليك" للفنان فوزي محسون، و"يا ريم وادي ثقيف" للموسيقار طارق عبدالحكيم.
ويسلط "العاصوف" الضوء على طبيعة حياة السعوديين في تلك الفترة من الناحيتين الاجتماعية والإنسانية، ويتطرق إلى عديد من القضايا المؤثرة، والصراعات والأحداث التي شهدتها تلك الحقبة، منها ظهور رجال الدين "الشـوام"، وتمكّنهم من فرض نفسهم في الحياة في السعودية، والتعايش مع أبناء المجتمع السعودي.
وقد انقسمت الآراء حول الحلقات الأولى للعمل ما بين مؤيد ومعارض لبعض الأحداث فيها، من ذلك التركيز كثيراً على الطفل اللقيط الملفوف بقماش أبيض، الذي وضعته امرأة مجهولة عند باب المسجد، وكذلك ظهور فتاة ذات شعر طويل وأسود، تترصّد لشبان الحي لتحريضهم على المعاكسة، في حين تُظهر لقطات أخرى ضرب المتحرشين بالنساء في الأسواق.
وتداول الناشطـون هاشتاقات عدّة حول "العاصوف"، أوضحوا فيها أن جزءاً مما يعرضه لا يمثّل عادات وتقاليد المجتمع السعودي، خاصة مشاهد الخيانة الزوجية، وذهب بعضهم إلى أن العتب، هو على إجازة النص شكلاً ومضموناً، في نقد حاد لحلقاته.
في حين صبَّ بعضهم جام غضبه على مشاهد بعينها، منها معاكسة أطفال الحي من قِبل الشبان والشابات، وحديثهم مع بعضهم من فوق أسطح البيوت، مبيّنين أن مثل هذه المشاهد لا تمثّل واقع الحال في تلك الفترة. ورأى بعضهم الآخر، أن المسلسل يجسّد ملحمة تاريخية، وقصصاً واقعية، حدثت في الماضي الجميل، وأن الأحداث، التي تتصاعد تدريجياً في المسلسل، هي في الحقيقة من الواقع الذي عاشه الناس في تلك الحقبة، منها الأحداث التي توثّق قيم التسامح والمحبة، وقوة الترابط الأسري. وأكّد كثيرون نجاح العمل، وأثنوا على اللمسات الرائعة عليه، التي نقلت للمشاهد تفاصيل الحياة في تلك الفترة بدقّة، وأوضحوا أن العمل يحمل كثيراً من المعاني والمشاهد الحقيقية، التي أعادت الحنين إلى الماضي، مبيّنين أن القصبي نجح في أداء دور البطولة بامتياز.
كذلك أكّد بعض الناشطين أن "العاصوف" نجح في توثيق قيم الكرم، والمروءة لدى الشعب السعودي في تلك الحقبة، وهو ما يظهر في عاداتهم وتقاليدهم، وأشاد كثيرون بالعمل لتقديمه صورة رائعة عن المجتمع السعودي، وتعايش أبنائه بود وسلام، وبساطتهم، وطيبة قلوبهم، وأكّدوا من خلال آرائهم نجاح العمل في نقل الأحداث في قالب درامي مشوّق.
واتّفق كثير من الناشطين على ضرورة عدم إطلاق الحكم على العمل بعد حلقاته الأولى، بل الانتظار حتى نهاية الجزء الأول منه ليأخذ كل ذي حقٍّ حقه. ويؤدي الأدوار في العمل نخبة من نجوم الدراما، في مقدّمتهم ناصر القصبي، حبيب الحبيب، عبدالعزيز السكيرين، ريم عبدالله، ليلى السلمان، ريماس منصور وزار البلوشي، والقصة من تأليف الدكتور عبدالراحمن الوابلي.
مسلسل شير شات
تفاءل كثير من عشاق الدراما السعودية بعد إعلان عرض مسلسل "شير شات"، الذي يقوم ببطولته كلٌّ من فايز المالكي، وراشد الشمراني، وحسن عسيري، الثلاثي الناجح الذي عاد إلى العمل سوياً مجدداً بعد النجاحات التي حقّقها سابقاً، وذلك عبر قناة SBC.
ولتفوّقهم في تقديم أكثر من عمل كوميدي في الأعوام الماضية، توقَّع المشاهدون أن يحققوا نجاحاً مبهراً، وأن يظهروا بشخصيات مختلفة عمّا ظهروا بها سابقاً، لكنَّ أملهم خاب، حيث إن إطلالتهم هذا العام كانت شبيهة إلى حدٍّ كبير بما قدّموه في أعمالهم المشتركة، لكن بعناوين مختلفة.
واتّفقت كثير من الآراء في مواقع التواصل الاجتماعي على أن الثلاثي الكوميدي قدَّم الأفكار نفسها، وإن اختلفت طريقة الطرح، حيث تقمَّص فايز المالكي مجدداً شخصية "مناحي"، وحسن عسيري شخصية "مفرح"، وراشد الشمراني شخصية "الواصل"، ما أصاب المشاهد بالملل، حسب كثير من المغرّدين في "تويتر" بسبب تكرار الشخصيات، كما أن إحدى الحلقات شهدت أخطاء إخراجية فادحة، أثارت النقد في مواقع التواصل الاجتماعي. أما جديد العمل فكان استضافته مشاهير التواصل الاجتماعي لكسب أعلى نسبة مشاهدات، على أن ذلك لم يحقّق الغاية المرجوّة. فايز المالكي ودارين البايض في شير شات
ورأى كثيرون أن الثلاثي لم يتمكَّن من تحقيق النجاح على الرغم من اعتماده على الوجوه الجديدة، وتوظيفها بشكل مناسب، خاصةً في حلقةٍ ناقشت أمراً واقعاً في المجتمع في الفترة الأخيرة، بقالب كوميدي، حملت عنوان "الفاشينستا"، وأظهرت كيف يستغلّ مشاهير "سناب شات"، و"إنستغرام" عقول أبناء المجتمع للوصول إلى الشهرة، والترويج لمنتجات سيئة مقابل مبلغ معيّن، وهو ما أثار غضب بعض هؤلاء المشاهير لتشويه الحلقة سمعتهم، في حين أشادت آراءٌ بالحلقة لتعريفها فئة الشباب بخداع هؤلاء، كي لا ينجرفوا خلف دعاياتهم، على أن بعض النقاد أكّد أن الثلاثي عاد بالزمن إلى الوراء عشرات السنوات عبر تكرار الأفكار والمواقف نفسها، على الرغم من أن المسلسل لايزال في بدايته.
وأظهرت الحلقة الأولى كيفية استغلال بعض المسؤولين مناصبهم، ما أثار غضب كثيرين، رأوا أن الحلقة تشوِّه سمعة الرجل السعودي، ولا يجب عرض مثل هذه الأفكار كي لا تسهم في تكوين رأي سلبي، ورأى آخرون أن عودة الثلاثي إلى العمل سوياً مفيدة، لكنَّ العمل لم يظهر على قدر التوقعات بسبب الأفكار المستهلكة التي تطرّق إليها.
على أن بعضهم أشاد بالمواضيع المقدّمة، ورأى أنها تهمّ المجتمع، كونها واقعية، وتنقل للمشاهد الأحداث بدقّة، وأثنوا على الانطلاقة المبدعة للثلاثي، ورأوا أن "شير شات"، سيكون البداية لأعمال ناجحة مقبلة، وراهنوا على نجاحه بسبب حساسية المواضيع التي يتطرق إليها، وهو ما ستكشفه باقي الحلقات.
عوض أباً عن جد
مسلسل "عوض أباً عن جد" فانتازيا تاريخية، يتألّف من أجزاء عدة، بواقع أربع إلى خمس حلقات لكل جزء، وقد عرض في جزئه الأول طريقة العيش قديماً بأسلوب كوميدي، ما أثار حفيظة المغردين وغضبهم، فشنّوا هجوماً في مواقع التواصل على العمل، معتبرين أنه يشوِّه الماضي الجميل. ورأى بعضهم أن أجدادنا لم يكونوا سيئين كما عرضهم المسلسل في قوالب كوميدية، مبيّنين أن مشاهده لم تنل إعجابهم، بل أصابتهم بالملل.
أما المؤيّدون، فرأوا أنه يقدّم نمطاً جديداً من الفانتازيا الكوميدية، حيث يمزج بشكل لطيف بين أزمنة مختلفة. بعض الشخصيات في مسلسل عوض ابا عن جد
وانقسمت الآراء حول الشق الاجتماعي الذي قدّمه المسلسل بتفوّقه في ذلك من عدمه، فقد أكّد بعضهم أن قصة العمل لم تكن مؤثرة، ولم تسهم في جذب المشاهد، بينما رأى آخرون أن القالب الكوميدي للعمل أسهم في تحقيقه النجاح.
وقد تمكِّن أوس الشرقي، الذي أخرج كامل حلقات العمل، من أن يمزج بين الكوميديا والواقع، بحسب بعض المغردين، الذين رأوا في ردودهم أن العمل يتطرّق بأسلوب جديد إلى مواضيع هادفة، تلامس الواقع.
بدون فلـتر
ظهر الممثل عبدالله السدحان في الدراما الرمضانية هذا العام عبر مسلسل "بدون فلتر"، وهو الذي قدَّم في الأعوام الماضية مسلسلات رمضانية ناجحة، درامية وكوميدية، ليطلّ على المشاهدين في رمضان الجاري عبر دراما اجتماعية وإنسانية تلامس الواقع، تفاعل معها كثير من المغردين الذين رأوا أن العمل الجديد بحلقاته المتصلة والمنفصلة، يقدّم أفكاراً جديدة، ويعدّ من أهم الأعمال المقدمة حالياً، نظراً لتجسيده عديداً من الـ "كركترات" والشخصيات المختلفة، بينما رأى آخرون أن الأفكار التي قدَّمها العمل تشبه إلى حدٍّ كبير تلك التي اعتاد عليها المشاهد من السدحان، على الرغم من بعض الحلقات الإيجابية التي تميَّز بها العمل، وجذبت الجمهور، وأوضحوا أن الاستعانة بالوجوه الجديدة في الدراما سلاح ذو حدين.
ورأى بعض النقاد أن المسلسل لم يوفَّق من الناحية الإخراجية على الرغم من مشاركة خمسة مخرجين في إخراج العمل. عبد الله السدحان في بدون فلتر
بينما قال آخرون: "إنتاج الدراما السعودية يقوم على نظام ارتجالي لا يفكّر في الإنتاج إلا قبل رمضان، وهذا السبب الرئيس وراء إخفاق كثير من المسلسلات".
وقدَّم العمل عديداً من القضايا الاجتماعية، واتّفق الناشطون على أن نجاح أعمال السدحان من عدمه لا تؤثر في نجوميته فيها، وأن بعض المشاهد في الحلقات لامست واقع الحال في المجتمع السعودي، واستحسنوا تأجيل تقييم العمل إلى نهايته، ليسهل عليهم إطلاق الحكم عليه كاملاً.
ولم تبرز حلقـات معينة في بداية العمل، تؤثّر في المشاهد، الذي سيجد نفسه مضطراً إلى تأجيل حكمه عليه حتى نهايته.
شباب البومب
انتقادات كثيرة طالت مسلسل "شباب البومب" في العام الماضي، لذا حرص فيصل العيسى، بطل العمل، في جزئه السابع على الظهور بصورة جديدة، تمحي تلك التبعات. ويمتاز العمل بجرأة الطرح، وتناول قضايا اجتماعية تهمّ فئة الشباب، على أن إطلالة فيصل بشخصية "عامر" كل عام، أصابت كثيرين بالملل، وكذلك طريقته المكررة في تقديم المشاهد. وأكّد كثير من الناشطين عدم تقبُّلهم ما يطرح في "شباب البومب" من قضايا، وكذلك بعض المصطلحات غير المناسبة للمشاهد، خاصة الأطفال والشباب، الذين يتابعون بكثرة العمل عبر "يوتيوب". فيصل العيسى في شباب البومب
ويرى مشاهدون أن الأفكار المقدَّمة في العمل جيدة، وأن طابعه الكوميدي يمنحه رونقاً خاصاً، افتقدته الدراما منذ فترة طويلة، فيما أبدى كثيرون إعجابهم بحلقات معينة. وتظلّ نسبة المتابعة الجماهيرية للعمل كبيرة، وهذا يعود إلى نجاح الأجزاء الأولى من "شباب البومب" في الأعوام الماضية، على أن بعضهم يرى أن هدف العمل لا يتجاوز الإطار الكوميدي فقط.
وجهة نظرة الأبطـال
أما أبطـال الأعمال الدرامية فينظرون إلى ما قدّموه بتفاؤل، متمنّين أن تحقق أعمالهم النجاح، والمشاهدة الجماهيرية، والأهداف المرجوة منها، في مقدّمتها تطوير الدراما السعودية.
الأعمال التي تصدّرت "الترند" السعودي
يأتي في مقدمة الأعمال التي تصدّرت "الترند" السعـودي في موقع "تويتر" مسلسل "العـاصوف"، الذي حظي بالاهتمام الأكبر للمشاهد، وسجّل أعلى نسبة متابعة جماهيرية، وتصدر "الترند" أكثر من مرّة، إضافة إلى تحوّله إلى محور الحديث في كثير من الاجتماعات والجلسات، واكتساحه الدراما السعودية هذا العـام.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي