في مهرجانات الأرز الدوليّة كان يكفي أن تقف الفنّانة ماجدة الرومي على المسرح لتكون هي الحدث، خطفت الأضواء رغم أنّها لم تكن على ما يرام، أو هكذا شعر مشاهدو محطة MTV التي تولّت نقل الحدث.
خان الصوت ماجدة الرومي أكثر من مرّة، برّر محبّوها على مواقع التواصل الاجتماعي الأمر بحرارة الجو المنخفضة جداَ في منطقة الأرز المرتفعة عن سطح البحر. على المسرح كان ثمّة أكثر من مدفئة لتدفئة الجو، لكنّ الصقيع كان سيّد الموقف، كان صوت الفنانة يرتجف أحياناً، في مشهد سبق وشاهده متابعو المهرجان في دورات سابقة مع الفنانتين نجوى كرم وإليسا ومع ماجدة نفسها.
ما الذي حصل في مهرجانات الأرز؟ هل خان ماجدة الرومي صوتها؟ أم أنّ الصقيع أثّر على حبالها الصوتيّة؟
أستاذة الموسيقى أراكس شيكيجيان التي تتولّى تدريب العديد من النجوم من بينهم ماجدة الرومي وجوليا بطرس، أكّدت في حديث لـ"سيدتي نت"، أنّ ما قدّمته الفنانة في حفلها يجب أن يكون موضع تقدير لا انتقاد، آخذة في الاعتبار الظروف التي أقيم بها الحفل.
وعن تأثير عوامل المناخ على صوت الفنانة تقول "لم يكن ينقص في المهرجان سوى تساقط الثلج. كان الجو صقيعاً والجمهور الحاضر كان يرتجف من البرد، ومن الطبيعي أن يؤثّر الطقس على أداء الفنّانة، إذ أنّها تفتح فمها فيدخل الهواء البارد لكن هناك نقطة أهم بكثير من عامل الطقس وهي عامل السن". ماجدة الرومي
وتتابع أراكس "ثمّة أمر مهم لدى المطربات فقط، وهو التأثير الذي يخلّفه انقطاع الدورة الشهريّة وما يسمّى بالـ menopause. هناك أمرٌ علميٌ أتمنّى أن يصبح واضحاً للناس بعد انقطاع الدورة يضعف الهرمون الذي يحافظ على توازن الجسد، وعدم إفراز هذا الهرمون يؤثّر سلباً على الصّوت".
وتتابع "بعد الخمسين يضعف صوت الفنانات، وتخفّ طاقاتهنّ، وانقطاع الدورة يؤثّر على مرونة الصّوت ولمعانه، والسيّدة ماجدة تخطّت سنّ الخمسين".
وعن التدريبات التي تقوم بها السيّدة ماجدة الرومي تقول "نحن بدأنا معها منذ مدّة تدريباً جديداً ضمن مدرسة تقوم على مبدأ ألا تعتمد على الحبال الصّوتيّة بل على قوّة الجسد. فعن طريق قوّة الجسد تبرز مخارج الصّوت".
وعن تأثير العمر على المطربين الرجال تقول "بالنسبة إلى الرجال العمر أيضاً يؤثّر في قوّة الصّوت، فنان بعمر الستين عاماً لا يغنّي بنفس الطاقة كما كان يفعل في العشرين والثلاثين والأربعين، لكن لدى السيّدات يؤثّر عامل العمر أكثر بسبب مرحلة الـ menopause كما سبق وشرحت".
وعن غناء ماجدة الرومي في مهرجانات الأرز وما تبعه من علامات استفهام لدى كثيرين تساءلوا عن سبب الضعف الواضح في صوتها في بعض الأغاني تقول " في الحفل غنّت ماجدة الرومي بطريقة مختلفة تماماً، وثمّة أمر أريد أن يفهمه الناس، ماجدة لم تعد تغنّي بالحبال الصّوتية، بل تغنّي مثل مغنّي الأوبرا، في الغناء الأوبرالي ليس ثمّة ميكروفون، ونحن نأخذ هذه التقنيّة ونستخدمها بالغناء الشرقي".
وتتابع "أنا أوّل من طبّقت هذه المدرسة، منذ العام 1985 استخدمها، وأتعامل مع مطربين عالميين مشهورين في أوروبا، كما أعمل مع ماجدة الرومي وجوليا بطريقة أن تكون القاعدة هي الغناء الأوبرالي".
ماجدة الرمي تطرح أغنية جديدة قبيل حفلها في مهرجانات الأرز الدولية
وتشبّه أراكس الغناء بالرقص تقول "في أكاديميّة الرّقص يعلّمون الطلاّب الباليه لأنّه الأساس ولأنّه يهذّب الجسد، ثم يختار الطالب الفرع الذي يريد. تماماً مثل الغناء، لدينا طريقة المخارج الصّوتية والغناء الأوبرالي نوجّهها إلى الشرقي أو الجاز أو البلوز".
وعن ماجدة الرومي تقول "علينا أن نقدّر فنّانتنا لأنّها تغنّي مباشرة في حفل منقول على التلفزيون، لا تقبل أي مغنّية أن تُنقل حفلتها مباشرة لأنّها مهما كانت متمكّنة من صوتها، قد تفلت منها الكثير من الأمور التي لا يمكن تداركها على الهواء".
أمام شاشة التلفزيون، كان الانطباع السائد أنّ ماجدة الرومي لم تكن على ما يرام، وأنّ ثمّة ما كان يضايقها تجيب أراكس "أمام المسرح حيث كنّا نجلس، كان صوتها جميلاً وكانت تؤدي بشكل رائع، وهذا ما شاهدته أيضاً عبر مقتطفات بثّت على الفايسبوك بعد عودتي من الحفل".
تتابع "في فترة سابقة، كان صوت ماجدة يبدو متعباً، وثمّة تقنيّات تعيد تهذيب الصّوت، اليوم أي مغنٍ شابٍ أو مغنية صبيّة في عمرٍ معيّن بإمكانهما الغناء، إنّما الجّدارة هو أن تغنّي امرأة بهذا الصّوت وقد تعدّت الستّين من عمرها. هي الوحيدة في سنّها تغنّي بهذه الظّروف ومباشرةً على الهواء، وهذا أمر يجب أن يكون موقع تقدير".
وتتابع "الأغاني مكتوبة بمقام معيّن وكانت تغنّيها عندما كانت في الثلاثينيات من عمرها، في العادة نقوم بتخفيضها أكثر من مقام لتناسب صوتها في هذا العمر، لأنّها تكون قد أضاعت النوتات العالية، وأضاعت الجواب. لكنّ ماجدة الرّومي حافظت على نفس المقام في هذا العمر".
دعوات لمقاطعة حفل ماجدة الرومي في مهرجان قرطاج فهل تتبرع بأجرها كما فعلت أحلام؟
وعن خطورة الغناء المباشر تقول "نجوم شباب يرفضون أن تنقل حفلاتهم مباشرةً على الهواء، لأنّ كل أخطاء الصوت تظهر، حتى شاكيرا لم تقبل بأن تنقل حفلتها على الهواء. ماجدة الرومي أصبحت اليوم أيقونة، وهي منذ 4 سنوات تتابع معنا التقنيّة الجديدة التي درستها أنا 15 سنة، عندما بدأت معي لم تكن بهذا المستوى، وكلّما تمكّنت أكثر من التقنية، كلّما قويت مخارج الصوت وكلما قوي القرار. في الحفل وأتحدّث هنا بطريقة علميّة، أعطتنا ماجدة سلّم صوتٍ رهيب بهذا العمر ومباشرةً على الهواء".
أراكس التي رافقت جوليا في حفلاتها الأخيرة نسألها عن سر محافظة جوليا على قوّة صوتها تقول "لا تنسوا فارق العمر بينها وبين ماجدة 12 سنة، وبعيداً عن المقارنة ماجدة عيني وجوليا قلبي، لكن الحق يقال أمامنا سنوات ستفاجأوا فيها بماجدة الرومي، التي مرّت في فترة كانت كأنها انعزلت".
تراهن أراكس على الوقت، فتمرينات الصوت تشبه الرياضة، التي يحتاج من يمارسها إلى وقتٍ ليصقل عضلاته، وكلما اشتغل أكثر كلّما تمكّن من تقوية صوته أكثر.
وتختم أراكس حديثها عن ماجدة بقولها "غنّت يا بيروت ثاني أوكتاف وهي إمكانات رهيبة، بينما في سنّها ثمّة فنانات لا يجرؤن على الصّعود إلى المسرح ولا يتمكنّ من غناء جملة واحدة بينما غنّت هي ساعتين. ثمّة مطربات من جيل بنات ماجدة دون أن أدخل في تسميات، يغنين نوتات عالية وكأنّهن يصرخن لذا لا يجوز أن ننتقد امرأة بعمرها تملك كل هذه الإمكانيات".
تعتبر أراكس أنّ لدى عامّة الشعب لا يوجد مقياس للثقافة الموسيقيّة، لأنّ البعض يأخذ طقطوقة ويرقص عليها، وتعتبر أنّه من الضروري نشر الثقافة الموسيقيّة كي لا تٌبنى الأحكام جوراً خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بأسس علميّة لا يكتفي معها مجرّد التحليل والنقد المستند على انطباعات شخصيّة.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي