بعد تحقيق فيلمه السابق للمعادلة ما بين إرضاء المجتمع الذي ينتمي إلي "السينما النظيفة" وبين إرضاء منتجه من خلال شباك التذاكر، سريعاً ما انطلق المخرج عمرو سلامة للعمل مع الكوميديان الأول من أبناء جيله أحمد حلمي في فيلم "صنع في مصر". والذي ينافس بموسم عيد الفطر الذي طالما ما سيطر عليه المنتج الأذكي في مصر محمد السبكي على مدار سنين.
ومنذ أن بدأت الحملة الدعائية للفيلم وسرعان ما انطلقت اتهامات للمخرج ومؤلفه "مصطفي حلمي" بسرقة الفكرة من الفيلم الكوميدي الأمريكي "Ted" بسبب ظهور "دبدوب" ناطق في تريلر الفيلم.
وفي الواقع الإقتباس ليس "عيب" أو "حرام" بل بالعكس يضع الفيلم في عبء المقارنة مع الأصل، وهنا الأصل يتفوق مقدماً من الناحية المادية كإنتاج والتقنية كتحريك (Animation). بدت لي تجربة عمرو سلامة وأحمد حلمي مثيرة للانتباه بجانب الكاتب مصطفي حلمي الذي طالما أضحكني خلال سكريبتات برنامج "البرنامج" في موسمه الأول. فقررت أن أخاطر واختلط بجمهور الأعياد الذي ينتظر "المزة" الحلوة داخل الفيلم.
من سوء حظي، لم يكن الفيلم اقتباساً للفيلم الأمريكي "تيد" فجاء السيناريو ضعيف وهزيل وغير متماسك فاقد المبررات والمواقف. لم يكن سوي بعض "الإسكيتشات" المجمعة من خيال المؤلف وبعض الإفيهات التي كان من الممكن أن أعجب بها علي "ستاتيوس" بموقع تواصل اجتماعي وفقط.
أما الشخصيات، وما أضعف الشخصيات، فلم أجد لأي منها أي أبعاد، اكتفي السيناريست بجانب وحيد من كل شخصية والذي يلقنه لك في أول الفيلم بالملعقة في جمل حوارية ضعيفة من نوعية "إنت فاشل وهتفضل فاشل".
ثم ليُظهِر شخصية الـ"دبدوب" ويأتي به إلي الحياة، لجأ السيناريست إلي مشهد عبثي، برره في آخر الفيلم، ليفقد قيمته العبثية ويهبط إلي أدني مستوايات "الحبكات الدرامية" في تاريخ السينما المصرية.
علي الجانب التمثيلي، بذل أحمد حلمي قصارى جهده ليبدو مضحكاً، وبالفعل نجح في بعض الأحيان، ولكن دوره يعتبر "بائس" جداً بعد رحلته القصيرة من النجاحات في أفلامه السابقة، وهنا يتحمل حلمي مسئولية فشله في الاختيار، خاصةً أنه مشارك في العملية الإنتاجية، وأتوقع إبتعاده عن السوق لفترة ليست بقصيرة.
ياسمين رئيس، ذلك الوجه الملائكي، دورها لا يقل سذاجة عن دور أحمد حلمي. ولكن لا ألوم علي "فتاة مصنع" محمد خان، إذ لم يكن لممثلة أن ترفض مثل هذا العرض المغري لتظهر في فيلم، رغم سوء صناعته، سيشاهده الملايين. فالإنتشار والعلاقة مع الجمهور عنصران لابد وأن يتوافرا في الممثل. بجانت أن "أكل العيش" حلو.
أعتقد أن شباك التذاكر الكوميدي سيخذل أحمد حلمي هذه المرة لحساب فيلم "الحرب العالمية الثالثة" المتسق مع نفسه والذي لا يدعي سوي أنه فيلم "مسلي"، بدون إقحام الأطفال لكسب جمهور العائلات أو لصق مشاهد "عميقة" تناقش الوجود والإنسانية بسطحية وفقدان مبرر كما هو الحال في "صنع في مصر"، ويا ليته ما صنع في مصر!.
*إذا أتينا بأي مخرج مبتديء ، لقدم الفيلم مثلما قدمه عمرو سلامة.
*الحسنة الوحيدة للفيلم هي موسيقى أمير هداية.