لا أعرف صراحة ما هي الحالة الأكثر إمتاعا، قراءة الرواية ثم مشاهدة التريلر ثم مشاهدة الفيلم أم مشاهدة الفيلم قبل الرواية، أم مشاهده الفيلم بدون مشاهده التريلر الغامض الذي يصح وصفه بالتيزر أكثر من كونه تريلر.
معلش لخبطتكوا معايا، لكن الصراحة أن هذه هي حقيقة عودة كريم عبدالعزيز إلي السينما بعد غياب فترة عن جمهوره في جلد مختلف وفكر جديد لروائي يكتب للسينما لأول مرة ومخرج يقدم فيلمه الثالث، الأمر الذي أنتج عملًا قد لا يكون مناسبًا ليكون عرضه الأول في العيد حيث تكون المتعة والبهجة والنزهة والفيشار هي هدف الجمهور وهو ما لا يتلاءم مع طبيعه فيلم "الفيل الأزرق"، لكن المحصلة أن الفيلم نجح جماهيريًا ولا تزال يافطة "كامل العدد" موجودة في أغلب دور العرض!
الفيلم يخرج منه الجمهور أما ناقمًا على كريم الذي تنازل عن دور ابن البلد المطحون خفيف الدم ليلعب دورًا جديدًا عليه، وقد يكون الأصعب في مشواره، أو يكون الجمهور متشبعًا بجرعة سينمائية حقيقية لخصها أحدهم بعد العرض الذي حضرته قائلًا (أنها المرة الأولي التي ادخل فيلمًا عربيًا ويبهرني مثلما تبهرني السينما الأجنبية)، لن افعل ما فعله الأخرون في قراءتهم للفيلم من خلال مقالات، فأقوم بحرق أحداثه واحرم المشاهد القادم من لذة المتابعة وحرية الحكم الذاتي، ولكنني سأطرح نقاطًا لا تمس الكرة الدوارة الغامضة التي تلاعب بها المؤلف والمخرج طوال الوقت لنظل مشدوهين باحثين عن زاوية جديدة لتناول الفكرة، فيفاجئونا بفكرة أخري!
رغم أنه فيلم للعيد وللنجم المحبوب للكبار والصغار كريم عبدالعزيز لكنني كنت أري ضرورة أن يتم كتابة لافتة "للكبار فقط" لما يحتويه من أفكار قد تُذهب الأطفال بعيدًا عن الفيلم، فهو يحتاج تركيز كبير من الكبار لفهمه، فما بالنا بالأطفال.
موسيقي الفيلم إبداع جديد لـهشام نزيه يظهر بعد شهر كامل حقق فيه إبداع رائع مع الموسيقي والإنشاد الصوفي في "السبع وصايا"، لينافس نزيه نفسه هذا الموسم رغم تقديرنا الشديد لـتامر كروان في "سجن النسا" الذي كان امتدادًا لنجاح موسيقي "ذات".
تظهر نيللي كريم في الفيلم وأنت تري إنسانة أخري غير التي تابعناها شهرًا كاملا في دور "غالية"، لكن "لبني" هنا اشتاق لها المشاهدون مثلما اشتاق "يحيى" لحبه القديم في "الفيل الأزرق".
أن يكون في أفيش الفيلم نيللي كريم وخالد الصاوي خلف كريم بعد بطولاتهما الرمضانية تعني شيئا هام هو أن الثلاثة فنانين حقًا، والعمل هو البطل الذي منح كلا منهم فرصة لكي يتألق، ويصل لأعلى حالاته الإبداعية في هذا الفيلم.
إن كان كريم قد غير جلده في هذا الفيلم، فأن خالد الصاوي قدم إبداعًا غير مسبوق لنفسه، عوض محبيه عن إخفاق "تفاحة آدم" في تحقيق ما تستحقه موهبة خالد الصاوي.
مروان حامد حسده الكثيرون على فيلمه الأول "عمارة يعقوبيان"، بالإنتاج الضخم وكم النجوم، لكنه عاد وأثبت أنه على قدر الفرصة التي حصل عليها، ويستحق أن تُوضع بين يديه نصوص ربما لا يقدر عليها إلا قليلون، هو في صدارتهم.
ظهر أحمد مراد من قبل روائيًا، أخذت منه هند صبري رواية "فيرتيجو" كمسلسل، وينتظر تحويل "تراب الماس" لفيلم سينمائي ربما يكون أول تعاون مع أحمد حلمي ومنى زكي على شاشه السينما وجهًا لوجه، ولاتزال روايته الأخيره 1919 تحظى بإقبال كبير من القراء.
يمكنك أن تحب الفيلم أو لا تحبه لكنك إذا كنت تحب الفن السينمائي في حد ذاته، فلا يمكن أن يفوتك فيلم بهذا القدر من التجديد والإيقاع، دون أن تراقب فيه كل مشهد بل وكل مؤثر صوتي ففي كل منها إبداعا وإمتاعا.
ربما شاء حظي أن يكون تعارفي الأول بالنجم كريم عبدالعزيز في تعاون أول فيلم دراما تسجيلية يحمل اسم (القرار)، ظهر منذ شهور قليلة، الأمر الذي جعلني اقترب منه كإنسان، أحببت بساطته وخفة دمه العفوية، وتأكدت إنها سر نجاحه وشعبيته بين مختلف طبقات المجتمع بل ومختلف الأعمار، واعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لأن يكسر قاعدة أفلام العيد لتقديم سينما حقيقة وليست سينما الفيشار التي سئمنا منها في الأعياد خاصةً بعد أن كان هذا هو عيد المجددون في السينما كريم وحلمي والثلاثي ولم يغب منهم سوي مكي مع كامل تقديرنا لمن يقدمون السينما الجميلة، لكن التجديد والأفكار غير التقليدية هي ما تحتاجه السينما المصرية.