"واللي بيحلم راح يتجنن.. راح يتجنن"
هكذا هاجم الجميع حمص وحلاوة بقسوة بعدما تحديا الجميع بأنهما بحلول سنة 2000 "هايكونوا فوق.. فووق".
"أن يملك المرء شيئًا يجسّد له الحرية يمكن أن يجعله أسعد، حتى مما لو نال الحرية التي يجسّدها هذا الشيء"
(هاروكي موراكامي - كافكا على الشاطئ)
أعتقد أنها المقولة المفضلة لدى ماهر عواد بكل تأكيد، وأكاد أجزم أنه كان يضعها على مكتبه ينظر إليها أحيانًا أثناء كتابته لأفلامه التي تستطيع بكل سهولة حصرها على أصابع يديك، فـ مؤلف "يا مهلبية يا" و"الدرجة التالتة" و"الأقزام قادمون" و"سمع هس" وحتى "رشة جريئة"، خريج المعهد العالي للسينما عام 1983، أحضر صندوقًا سحريًا وضع فيه أحلامه الرقيقة وسعيه للحرية معًا، مع قسوة الناس وسوداوية الواقع وسعى لخلطهم، موّلدًا منتَجًا يشع بالأمل والبهجة والسخرية.
وما كان لـ الأحلام أن تتحقق إلا بوجود من يضع لمسته ويضيف أحلامه هو الآخر ويشكل مع الأول ثنائي يثير الجدل وينتصر للحب ولـ الأحلام البعيدة، فكان شريف عرفة.
"شريف" ابن عائلة فنية، يملك من الأدوات المبهجة والساخرة في بعض الأوقات ما يجعله يستطيع تشكيل نفسه حسب ما يرى وحسب ما يريدنا أن نرى، لك فقط أن تعلم أن مخرج "سمع هس/ طيور الظلام / اضحك الصورة تطلع حلوة / حليم / الناظر / مافيا / الجزيرة" هو نفس الشخص.
شكل الثنائي "شريف / ماهر" موجة مثيرة للجدل في السينما المصرية أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، أفلامهما تميزت بالطابع التراجي _كوميدي الساخر، مع وجود رسائل ذكية وشديدة الخبث، يضع فيها المبدعان السم بالعسل، أفلام تدعو للثورة والحب وتحديد مفهوم الوطن، تدعو للوقوف بجانب الحلم وتبعث الأمل، تقف بجانب الفقراء والمهمشين أمام كل صاحب مصلحة، تقف في وجه كل الأنطمة المستبدة مهما كبر حجمها أو صغر، من المغني المشهور للحاكم المستبد.
فـعلى سبيل المثال في فيلم "الدرجة التالتة" عن أحلام سرور ومنّاعة، وجماعة المشجعين البسطاء فى وجه المتحكمين في ناديهم المفضل، كوميديا مختلفة على أحمد زكي وسعاد حسني، درس قاسي لـ الأنظمة المتحكمة فى مصائر الشعوب، "ماهر" يريد أن يرسل لكل مستبد رسالته الدائمة أن القوة هي الشعب وإن اختلف شكل الوطن.
وفي "يا مهلبية يا" وهو درس مهم في فن السيناريو وعلامات استفهام كبيرة يضعها الرجلان على مفهوم الوطنية، ويعتبر الفيلم من أكثر التجارب الهامة والمظلومة نقديًا وجماهيريًا، بينما في "سمع هس" يجمع الفيلم الحماس فى الكتابة والسخرية المحزنة من حال زوجين شابين، وما فعلته المدينة من ضياع لحلمهما ومطاردة الجميع وسرقة أغنيتهما لتصبح لحن وطني مهم، وحتى اتهامهما بعدم الوطنية عند المطالبه باستعادته، بالطبع هناك فارق "أنت بتدلع حلاوة.. وأنا بدلع الوطن".
توقف ماهر عواد عن الكتابة وعن جزء من أحلامه، وانشغل شريف عرفه باحتياجات السوق، تاركين جزء مهم من تجربة السينما في مرحلة اقتربت من النضوج، بينما لم يستطع أي ثنائي بعدهما من تكرار التجربة أو حتى الاقتراب لـ هذا النوع من الفن الشائك الممتع المثير للجدل.
عزيزى ماهر عواد نحن الآن في عام 2015، أي تعدينا سنة الأحلام بـ 15 عامًا كاملًا.. ولم يحدث شيء على الإطلاق.