اقترب موعد العُرس السينمائي الأخير لأفلام 2014، وهو بالطبع الحفل السابع والثمانون لتوزيع جوائز الأوسكار الذي سيقام على مسرح دولبي بلوس أنجليس مساء يوم الأحد القادم الموافق 22 من شهر فبراير. الأوسكار هذا العام مختلف إلى حد كبير عن العام السابق في توقع الحاصلين على جوائز عديدة، وربما يعود ذلك إلى تقارب مستويات الأفلام المنافسة، بجانب اختلاف النقاد والمصوتين والجوائز الأخرى في اختيار الأفضل في كل فئة، خصوصًا في جوائز أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل وأفضل مؤثرات بصرية وأفضل موسيقى تصويرية وجائزتي أفضل سيناريو. بعكس العام الماضي حيث كانت أكثر من 90% من الجوائز متوقعة بشكل مثير للحنق، لذلك وإن كان هذا العام غير مُرضٍ للكثير من جمهور السينما، لكنه بالتأكيد عام مثير للغاية من حيث المنافسة بين الأفلام والمرشحين منها. الجدل واسع جدا بين جمهور السينما بجميع قطاعاته المتخصصة وغير المتخصصة حول أهم أفلام العام السابق، أي منها هو الأحق بأفضل فيلم في العام؟ وما هي الأفلام التي لم تقدر بشكل كافٍ؟ ومن الممثل الذي كان يستحق الترشح بدلا من ممثل آخر؟
لكننا هنا سندع كل ذلك الجدل جانبا لنتحدث عن شيء آخر تماما، لكنه شي مرتبط بالأوسكار بالطبع. سنتحدث بالتفصيل عن الجائزة التي يطمح إليها أي صانع سينما في العالم أجمع، وتأمل الكثير من دول العالم أن يكتب اسمها من ضمن الفائزين بها، وهي جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
التعريف بالجائزة وتاريخها
هي أحد جوائز أكاديمية فنون وعلوم السينما والشهيرة بأكاديمية اﻷوسكار، وتمنح ﻷفضل فيلم روائي طويل تم إنتاجه خارج الولايات المتحدة اﻷمريكية بلغة غير اﻹنجليزية.
في بداية منح الأكاديمية للجوائز في عام 1929 لم تكن هناك جائزة منفصلة ﻷفضل فيلم أجنبي. ما بين عامي 1947 و1955، خصصت اﻷكاديمية جائزة شرفية ﻷفضل فيلم أجنبي في العام، وذلك من ضمن اﻷفلام اﻷجنبية التي تعرض في الولايات المتحدة، لكن الجائزة لم تكن منتظمة، حيث لم يتم منحها ﻷي فيلم عام 1953، ولم يكن يتم اختيار الفيلم الفائز ما بين عدة مرشحين مثل باقي الجوائز، وإنما كان يتم منحها مباشرة للفيلم اﻷفضل من وجهة نظر اﻷكاديمية كل عام.
منذ حفل اﻷوسكار رقم 29 عام 1956 إلى اﻵن أصبحت الجائزة سنوية، ويتم اختيار الفيلم الفائز من بين خمسة مرشحين، وأول فيلم فاز بالجائزة ذلك العام هو تحفة فيدريكو فيليني La Strada.
على عكس بقية جوائز اﻷكاديمية وما يعتقده البعض، تلك الجائزة لا تمنح ﻷي شخص بعينه من صناع الفيلم، وإنما يستلمها مخرج الفيلم الفائز بالنيابة عن كل المشاركين في الفيلم، وتعتبر الدولة المنتجة للفيلم هي الفائزة الرسمية بالجائزة. فمثلا فيليني لم يفز رسميا بأي جائزة أوسكار في حياته رغم أنه أخرج أربعة أفلام فازت بجائز اﻷوسكار ﻷفضل فيلم أجنبي، وجائزة اﻷوسكار الوحيدة التي حصل عليها فيلني كانت اﻷوسكار الشرفية عام 1992.
شروط التقدم والترشح للجائزة
كل دولة من دول العالم مدعوة للتقدم إلى اﻷكاديمية كل عام بفيلم واحد فقط تعتبره هو أفضل فيلم في العام لديها. الجهة المسئولة عن اختيار الفيلم الذي تتقدم به كل دولة للترشح إلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي لابد أن تكون منظمة أو لجنة أو مجلس مكون من أشخاص يعملون في صناعة السينما. جميع اﻷفلام المتقدمة للترشح إلى الجائزة يتم إرسالها إلى اﻷكاديمية مصحوبة بترجمة إنجليزية، وتتم مشاهدتها من قبل أعضاء (لجنة اﻷكاديمية لجائزة أفضل فيلم أجنبي)، وذلك لاختيار القائمة النهائية لترشيحات الجائزة والمكونة من خمسة أفلام.
على عكس جوائز اﻷكاديمية اﻷخرى، لا يشترط أن يكون الفيلم اﻷجنبي قد تم عرضه في دور عرض الولايات المتحدة اﻷمريكية لكي يكون مؤهلا للترشح لجائزة اﻷوسكار لأفضل فيلم أجنبي، وإنما يجب أن يكون الفيلم قد تم عرضه (على اﻷقل سبعة أيام متتالية في دار عرض تجارية) في دور عرض الدولة المتقدمة بترشيح الفيلم للجائزة في الفترة المحددة بقوانين اﻷكاديمية، والتي عادة ما تكون مختلفة عن الفترة الخاصة بأفلام الجوائز اﻷخرى.
رغم أن الجائزة مخصصة للأفلام اﻷجنبية (غير اﻷمريكية) بشكل عام، إلا أن أحد الشروط اﻷساسية للأفلام المتقدمة للترشح للجائزة أن يكون أغلب حوار الفيلم يدور بلغة غير اﻹنجليزية. وتتعامل اﻷكاديمية مع هذا الشرط بمنتهى الحزم، وأحدث الحالات المرتبطة بذلك كانت بخصوص الفيلم اﻹسرائيلي (The Band's Visit (2006، والذي حرمته اﻷكاديمية من الترشح للجائزة بسبب وجود الكثير من اﻹنجليزية في حوار الفيلم.
من اﻷسباب اﻷخرى التي يمكن أن تحرم الفيلم من الترشح للجائزة هي أن يكون فيلما تلفزيونيا أو تم عرضه على اﻹنترنت قبل نزوله في دور العرض، وهذا الشرط حرم الفيلم التلفزيوني الهولندي (Bluebird (2004 من الترشح للمسابقة في ذلك العام.
كما يمكن للأكاديمية أن ترفض أحد اﻷفلام بسبب عدم مشاركة الدولة المتقدمة بترشيح الفيلم في إنتاجه بشكل كافٍ، كما حدث مثلا مع فيلم آنج لي (Lust, Caution (2007 الذي تقدمت به تايوان ذلك العام، ورفضته اﻷكاديمية ﻷن معظم طاقم الفيلم كان غير تايواني، لتتقدم تايوان بفيلم آخر بدلا منه.
منذ عام 2006 قامت اﻷكاديمية بتعديل شرط اﻷفلام المتقدمة للترشح للجائزة الذي كان يُلزم الفيلم بأن يكون حواره بأحد اللغات اﻷم للدولة المرشحة. لم تتمكن أفلام كثيرة من التقدم للجائزة قبل ذلك العام بسبب هذا الشرط، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الفيلم اﻹيطالي (Private (2004 الذي كان باللغتين العربية والعبرية.
إحصائيات
أكثر دولة فازت بالجائزة هي إيطاليا بعدد 11 جائزة، ويليها فرنسا بتسعة جوائز.
أكثر دولة ترشحت للجائزة هي فرنسا بعدد 36 ترشيحا، ويليها إيطاليا بـ 28 ترشيحا.
بولندا وإسرائيل هما أكثر الدول ترشيحا للجائزة بدون أي فوز، بعدد 10 ترشيحات لكل منهما. هذا العام هو الترشيح العاشر لبولندا بفيلم Ida، وهو فيلم قوي جدا ومتوقع بشدة حصوله على الجائزة لبولندا ﻷول مرة. الفيلم حصل بالفعل على جائزة البافتا ﻷفضل فيلم أجنبي هذا العام، كما أنه مرشح لجائزة اﻷوسكار أفضل تصوير.
البرتغال هي الدولة صاحبة أكثر عدد من اﻷفلام المتقدمة للترشح للجائزة دون الحصول على ترشيح واحد في تاريخها، بعدد 31 فيلما.
الرقم القياسي ﻷكبر عدد من اﻷفلام حصلت على الجائزة لمخرج واحد هو أربعة أفلام لكل من فيدريكو فيليني وفيتوريو دي سيكا.
اﻷفلام اﻷوروبية هي اﻷكثر حصولا على الجائزة منذ نشأتها، فمن أصل 66 جائزة تم منحها منذ عام 1947، 54 جائزة منهم تم منحها لأفلام أوروبية، وست جوائز ﻷفلام أسيوية، وثلاث جوائز ﻷفلام أفريقية، وثلاث جوائز ﻷفلام من اﻷمريكتين.
الوطن العربي والجائزة
ثمانية أفلام لثلاث دول عربية فقط هي حصيلة الوطن العربي في الترشح لجائزة اﻷوسكار لأفضل فيلم أجنبي. تأتي الجزائر في مقدمة الدول العربية وصولا للقائمة النهائية للجائزة برصيد خمسة أفلام، واﻷفلام هي:
(Z (1969 وهو أهم وأفضل فيلم عربي تم ترشيحه في تاريخ اﻷوسكار للجائزة، وهو فيلم سياسي من الدرجة اﻷولى، بل ويعتبره الكثير من النقاد أهم فيلم سياسي في تاريخ السينما. ولا عجب في ذلك، فقد فاز الفيلم بالجائزة بالفعل ذلك العام، ليكون الفيلم الوحيد عربي اﻹنتاج الذي اقتنص تلك الجائزة حتى اﻵن، كما رشح الفيلم ﻷربعة جوائز أوسكار أخرى، فاز منها بجائزة أفضل مونتاج.
(Le Bal (1983 وهو فيلم تاريخي موسيقي من إخراج اﻹيطالي إيتوري سكولا بإنتاج إيطالي فرنسي جزائري مشترك. والفيلم بدون أي حوار على اﻹطلاق.
(Dust of Life (1995 و(Days of Glory (2006 و(Outside the Law (2010 وهي أفلام درامية قوية جدا ومثيرة للجدل من إخراج الفرنسي ذي اﻷصل الجزائري رشيد بوشارب.
نالت فلسطين ترشيحين للجائزة في تاريخها عن الفيلمين الهامين الجنة اﻵن (2005)، وعمر (2013) في ترشيحات العام الماضي، والفيلمان من كتابة وإخراج الفلسطيني هاني أبو أسعد.
في ترشيحات هذا العام نالت موريتانيا الترشيح الثامن للوطن العربي ﻷول مرة في تاريخها بفيلم (Timbuktu (2014، وهو فيلم دراما من كتابة وإخراج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو.
مصر والجائزة
تأتي مصر في المركز الثاني بعد البرتغال في عدد اﻷفلام المتقدمة للترشح للجائزة دون الحصول على ترشيح واحد خلال تاريخها، وذلك بعدد 30 فيلما منذ عام 1958 عندما تقدمت مصر بطلب الترشح للجائزة أول مرة بفيلم باب الحديد من إخراج يوسف شاهين. أول مرة يدخل فيلم مصري ضمن القوائم الرئيسية للترشيحات النهائية للأوسكار كان العام الماضي بفيلم الميدان، لكنه كان مرشحا في فئة أفضل فيلم وثائقي وليس أفضل فيلم أجنبي.
إليكم القائمة الكاملة للأفلام التي تقدمت بها مصر للترشح ﻷوسكار أفضل فيلم أجنبي:
باب الحديد 1958 - دعاء الكروان 1959
المراهقات 1960 - وا إسلاماه 1961
اللص والكلاب 1962 - أم العروسة 1963
المستحيل 1965 - القاهرة 30 [1966]
المومياء 1969 - امرأة ورجل 1971
زوجتي والكلب 1971 - إمبراطورية ميم 1972
* Enslaved by the Past 1974
أريد حلا 1975 - على من نطلق الرصاص 1975
إسكندرية.. ليه؟ 1979 - أهل القمة 1981
إسكندرية كمان وكمان 1990 - أرض اﻷحلام 1993
المصير 1997 - أسرار البنات 2001
سهر الليالي 2003 - بحب السيما 2004
عمارة يعقوبيان 2006 - في شقة مصر الجديدة 2007
الجزيرة 2007 - رسائل البحر 2010
الشوق 2011 - الشتا اللي فات 2013
فتاة المصنع 2014
* الفيلم موجود رسميا باسم مصر في قائمة اﻷفلام المتقدمة للترشح للجائزة عام 1974، لكنه غير معلوم المخرج أو الاسم العربي، ولا توجد عنه أي معلومات أخرى متاحة.