(تحذير: المقال يحتوي على حرق لأحداث الحلقة)
صدرت الحلقة الرابعة من الموسم الخامس بعنوان (أبناء هاربي)، وهو اسم حركة التمرد التي نشأت ضد حكم دانيريس تارجارين في مدينة ميرين في خليج العبيد. والاسم -بطبيعة الحال- مرتبط بالحدث الأهم في الحلقة على الإطلاق، وربما الحدث الأهم في الموسم بأكمله حتى الآن.
بخلاف ذلك الحدث، الحلقة تحتوي على أكثر من مشهد هام، ومنها ما قد يكون عاملا مؤثرا بشكل كبير في مستقبل الممالك السبع والعرش الحديدي.
كينجز لاندينج:
الملكة الأم سيرسي لانيستر تفور غضبا من الداخل، لكنها باردة كالثلج من الخارج، وتنال كل ما تريد بهدوء وروية شديدين، ولا شك أنها خصم لا يستهان به في معركتها الخاصة مع الملكة مارجري تايريل، والتي انتقلت إلى مستوى مختلف تماما عن لعب الصغار الذي كانت تمارسه الأخيرة. إذا أغضبت الملكة الأم، فلا تلومن إلا نفسك!
أعادت سيرسي السلطة والسلاح للميليشيات الدينية بقيادة العصفور الأكبر بعد حرمان دام أكثر من مئتي عام، وأول ما طلبته منه هو القبض على لوراس تايريل شقيق مارجري، الآثم في نظر الرب بتهمة المثلية الجنسية. والملك الصبي ضعيف الشخصية تومين باراثيون لا يمكنه عمل أي شيء في وجه جبروت أمه ولا لإرضاء زوجته، ويضيع حائرا بين الاثنتين.
المجلس الصغير يصبح أصغر وأصغر مع الوقت على حد تعبير جراند ميستر بيسيل، لكن يبدو أن سيرسي لم تنتهِ بعد مما تفعله في إعادة تشكيل العاصمة بما يتوافق مع أهوائها. اتضح لنا في هذه الحلقة سبب تعيين سيرسي لميس تايريل والد مارجري وزيرا للمالية، حيث قامت بإرساله إلى البنك الحديدي في برافوس للتفاوض معهم على جدولة ديون المملكة، وأرسلته إلى هناك في حماية قائد حرس الملك السير ميرين ترانت شخصيا، وهو أحد الأتباع المخلصين لسيرسي. ترى هل يكون هذا هو التدبير الثاني الذي تمكره من أجل مارجري؟
السور:
لم يحدث الكثير عند السور في هذه الحلقة، ربما فقط مشهد حميمي وشاعري للغاية بين ستانيس باراثيون وابنته مشوهة الوجه، مشهد خرج مؤثرا بشكل كبير. أيضا هناك أمر آخر، وهو أن جون سنو بعد كل تلك الصولات والجولات ما يزال لا يعلم أي شيء على الإطلاق! تأكيد ثان يأتي من سيدة النار ميليساندر.
وينترفيل:
ما تزال الأمور هادئة نوعا ما في وينترفيل مقر حكم إمارة الشمال، والتي يسيطر عليها آل بولتون في الوقت الحالي، وهو الهدوء الذي يسبق العاصفة بالطبع. سانسا ستارك كانت قد وافقت على عرض الزواج التي أتى لها من رامزي بولتون عن طريق اتفاق اللورد باليش مع والده، حيث أقنعها باليش أن هذه هي فرصتها الوحيدة للانتقام من قاتلي أخيها وأمها.
في محاولة لضبط ميزان القوى من جهة كينجز لاندينج، تستدعي سيرسي في طلب اللورد باليش كي يحضر إلى هناك على وجه السرعة، ويقوم قبل رحيله بطمأنة سانسا على وجودها في أمان في وينترفيل وبين أهل الشمال الذين يحبونها، ولا يسعهم الانتظار لرؤيتها أميرة لهم رغم كل شيء.
يخبر باليش سانسا بتحليله لما سيحدث من تصاعدات في المرحلة القادمة بين آل بولتون وستانيس باراثيون، والتي قد تنتهي بتنصيب سانسا حاكمة على الشمال، وهو تحليل كان يراه المعظم منطقيا جدا حتى قبل سماعه من باليش، الذي يثبت في كل مرة علمه ببواطن الأمور، ورؤيته للصورة الكاملة بشكل كامل بخلاف غيره، وهو ما لا ينافسه فيه سوى الداهية الآخر اللورد فاريس.
لكن هناك شيء ما غير مريح في كل هذا، شيء يضيء مصباحا صغيرا في خلفية المشهد! طبقا لقواعد الدراما المتعارف عليها، يمكن لذلك التحليل أن يحدث بحذافيره، لكن ما كان ليكون بهذا الوضوح للمشاهد، وما كان ليقال نصا هكذا، أعتقد أن هناك شيء ضخم خفي وراء ما هو قادم. أما طبقا لقواعد جورج مارتن، فلابد أن ما سيحدث سيكون مختلفا ومذهلا وفاجعا بكل المقاييس!
دورن:
تصل القافلة المزدوجة المكونة من جيمي لانيستر وبرون إلى دورن على متن سفينة تجارية، وبعد معركة خفيفة مع أربعة فرسان على شاطئ البحر، يستعد كلاهما من أجل المهمة المستحيلة التي أتوا بسببها إلى «أرض المضاجعة والقتال» على حد تعبير برون، ألا وهي العثور على ميرسيلا باراثيون وإعادتها إلى كينجز لاندينج مرة أخرى، بشرط عدم لفت الانتباه وعدم التسبب في بدء حرب ضروس بين الإمارتين، وكل هذا برجلين فقط لا غير أحدهما يقاتل بيد واحدة!
برون من الشخصيات الثانوية الممتازة في المسلسل، وهو محبوب لدى الجمهور منذ ظهوره أول مرة عندما خاض محاكمة بالقتال بدلا من تايرون لانيستر في قلعة (ذا إيري). خفيف الظل، مقاتل لا يشق له غبار، ويعد أحد المقاتلين الذين يعدوا على أصابع اليد الواحدة الذين كان يمكنهم هزيمة (ذا مونتين). الممثل الذي يقوم بأداء الشخصية مميز جدا، ودائما ما يتسم أداؤه بالبساطة والتلقائية.
يحدث ما يتوقعه برون من عدم أمانة صاحب السفينة التي وصلا على متنها إلى دورن، ويتسبب في معرفة فتيات (ساند سنيكس) بوجودهما هناك. وبعد رفض دوران حاكم درون وأخو أوبرين مارتيل الدخول في حرب لا طائل لها مع آل لانيستر فقط من أجل الانتقام لمقتل أخيه، تذهب إلاريا ساند إلى (ساند سنيكس) وتتحد معهن ضد آل لانيستر، وتتضمن خطتهن الدخول في حرب كبرى مع آل لانيستر، أو الانتقام منهم في ابنتهم ميرسيلا على الأقل قبل أن يستعيدها جيمي. فلنتوقع قريبا إذن مواجهة كبيرة بين (ساند سنيكس) بقيادة إلاريا ضد جيمي وبرون.
تايرون لانيستر:
أخيرا ومنذ بداية الموسم، نرى تايرون بعيدا عن الخمر لعدة دقائق، ويعود عقله للعمل بشكل كامل في مشهد هو الأمتع على الإطلاق في الحلقة كالعادة؛ حيث يعرف تايرون كل شيء عن خاطفه جورا مورمونت دون أن ينبس الأخير ببنت شفه، يعرف اسمه وماضيه وحاضره... كل شيء حرفيا!
يكتشف تايرون أن جورا يأخذه إلى الملكة دانيريس تارجارين وليس إلى أخته الملكة الأم سيرسي، إن القدر يصر بكل مناحيه على وصول تايرون إلى مقر حكم الكاليسي في ميرين، فهل الأمر يستحق ذلك فعلا؟ هل وجود تايرون في ميرين سيصنع فارقا مع الكاليسي كما يزعم اللورد فاريس؟ إجابتي البسيطة أنه سيصنع فارقا ضخما بلا شك.
ميرين:
ما تزال دانيريس تارجارين مصرة على موقفها من ألعاب القتال، وترفض بدء الموسم رفضا قاطعا رغم محاولات هزدار زو لوراك الكثيرة في إقناعها بالأمر، ورغم توصية داريو ناهاريس لها بالنفع الذي من الممكن أن يعود عليها من ذلك.
تقوم حركة التمرد (أبناء هاربي) بهجمة شرسة على جيش الكاليسي في ميرين، ويقتلون الكثير منهم في معركة مبنية على عنصر المفاجأة وخيانة بعض أهالي ميرين الفقراء والغاضبين من فعل أمهم (ميسا) الأخير. المعركة حدثت في شوارع ميرين الضيقة، وكانت ضارية ودموية جدا، وخسرت فيها دانيريس اثنين من كبار معاونيها، قائد حرسها السير باريستان سيلمي، وقائد جيش أنساليد جراي وورم، لكن ذلك حدث بعدما خاضا معركة مشرفة للغاية ضد (أبناء هاربي)، بل قتلوهم جميعا قبل أن يسقطا على الأرض بلا حراك.
يا لها من خسارة فادحة للكاليسي! لكن يبدو أن القدر يعد الأمور من أجل مجلسها الجديد القادم في الطريق، تايرون وفاريس وجورا.