الارشيف / سينما و تلفزيون / السينما كوم

​رياض السنباطي: موسيقى تؤثر ولا تتأثر.. والألف لحن خير شاهد

من الطبيعي أن نجد العديد من أهل الطرب والموسيقى ونهتم بأعمالهم، لكن ليس من السهل أن نجد أسطورة من أساطير الموسيقى، التي ترحل وتترك بصماتها على العديد من الأعمال الفنية.

رياض السنباطي، رحالة الموسيقى العربية وابن فارسكور بدمياط، ولد السنباطي لأسرة بسيطة في إحدى محافظات الدلتا لأب يعمل في فرقة موسيقية لإحياء الأمسيات والليالي وغناء المواويل والتواشيح في قرى دمياط. السنباطي لم يبد عليه الاهتمام بتعليمه منذ الصغر، وذلك لشغفه الشديد بالموسيقى ورغبته الملحة في احترافها.

كانت بداية معرفة الوالد بموهبة طفله الصغير وهو في سن التاسعة حين رأه يعزف على العود لدى أحد النجارين وهروبه من حلقات العلم، فأيقن الوالد أن الابن يمتلك موهبة، فاصطحبه بعد ذلك في الحفلات وألحقه بفرقته حتى انتقل إلى مدينة المنصورة بصحبة العائلة وهو في سن الثانية عشرة وكان وقتها يلقب بـ"بلبل المنصورة" نظرًا لبراعته في الغناء والعزف على العود ونال شهرة كبيرة آنذاك.

استمر ترحال السنباطي من أجل الموسيقى، حيث انتقل مع الأسرة مرة أخرى إلى القاهرة حيث الغناء والطرب والمشاهير، وكان وقتها في سن السابعة عشر، يتلمس أولى خطواته نحو الاحترافية والعلم، فقرر التقدم لاختبارات معهد الموسيقى العربية، وكانت المفاجأة في أن لجنة التحكيم قد رأت أن مستواه يفوق بعض المدرسين بالمعهد وأنه لا يجوز لطالب أن يكون بكل هذه الموهبة في العزف على العود، لذلك قررت لجنة التحكيم تعيينه أستاذًا للعود بالمعهد.

انطلاقة السنباطي

انطلق السنباطي إلى عالم المجد من خلال التعرف على عمالقة الموسيقى والغناء مثل الشاعر أحمد شوقي والفنان الراحل محمد عبد الوهاب، وقام عبد الوهاب برعاية السنباطي فنيًا وقدم السنباطي أول لحن له من كلمات علي محمود طه بعنوان "مشرق البسمات أضيء سماء حياتي"، وتعرف السنباطي على شركة "أوديون" للتسجيلات والإسطوانات من خلال علي حسين المنسترلي وقام بتسجيل بعض الأغنيات والألحان حيث قام بالغناء بنفسه، لكنه تراجع بعد ذلك ورأى أن يركز في التلحين أفضل من الغناء، فلحن العديد من القصائد والأغنيات منها أوبريت "عروس الشرق" لـمنيرة المهدية و"يا ناري من جفاك" لـعبد الغني السيد.

علاقته بأم كلثوم

مثل السنباطي وأم كلثوم ثنائي رائع حيث قام بتلحين ما يزيد عن 200 قصيدة وأغنية لها، تقرب من ربع ما قدمه السنباطي طوال حياته الفنية، وكانت علاقة الثنائي قوية جدًا فكان يعتبرها حياته، حتى عكرت بعض المشكلات البسيطة صفو العلاقة بينهما، حيث تهكمت على لحن له وشبهته بألحان الموجي وطلبت منه بعض التعديلات، فبادر بالمقاطعة حتى عادت العلاقة من جديد.

وكان الشاعر أحمد رامي هو وسيط الصلح بينهما، لكن السنباطي طلب منه أن تصالحه "ثومة" بنفسها، وهو ما قامت به بالفعل.

وخلال عمله مع أم كلثوم لحن لها الكثير مثل الرباعيات في البداية وقصيدة "النيل" و"سهران لوحدي" و"ياظالمني" و"جددت حبك ليه" و"أروح لمين" و"شمس الأصيل" و"الأطلال" وغيرها.

السنباطي والسينما

كانت علاقة السنباطي بالسينما في ترابط لكن كان من خلال دوره الموسيقي وألحانه لأغاني العديد من الأفلام، والتي وصلت لما يزيد عن خمسين فيلمًا، منها "شادية الجبل" و"رابعة العدوية" و"ثورة المدينة" و"الحبيب المجهول" و"لحن الوفاء" و"خطف مراتي" و"بنت الأكابر" وغيرها من الأفلام، وكانت علاقة السنباطي بالتمثيل غير جيدة حيث اشترك في بطولة فيلم وحيد وهو "حبيب قلبي" لكنه لم يكرر التجربة حيث رأى أن التلحين هو عالمه وليس الثمثيل.

تكريماته

كان لنبوغ السنباطي أثرًا في حياته وتكريمه من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحصوله على وسام الفنون كما قام السادات بمنحه وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى. وحصل السنباطي أيضًا على جائزة اليونسكو العالمية عام 1977، باعتباره "الموسيقي المصري الوحيد الذي لم يتأثر بأي موسيقى أجنبية وأنه استطاع بموسيقاه التأثير على منطقة لها تاريخها الحضاري" بحسب تقديم الجائزة، وأحد خمسة موسيقيين فقط نالوا هذه الجائزة على فترات متفاوتة.

ورحل السنباطي عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 1981 عن عمر ناهز 75 عامًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى