"لطالما أعجبتني الشخصيات الغريبة"
تيم بيرتون
تيم بيرتون Tim Burton، الأمريكي صاحب السبعة وخمسين عامــًا، الذي قضى أكثر من أربعين عامــًا في عالم الإخراج والكتابة والإنتاج السينمائي.
فمنذ بداية سبعينات القرن الماضي وحتى الآن، قدم لنا ما يقرب من 35 عملًا سينمائيًا مميزًا منها Batman مع النجمين جاك نيكولسن ومايكل كيتون، وMars Attacks. وكذلك العديد من الأعمال مع النجمين جوني ديب وهيلينا بونهام كارتر مثل: Edward Scissorhands وAlice in Wonderland وCharlie and the Chocolate Factory وSweeney Todd: The Demon Barber of Fleet Street وDark Shadows وSleepy Hollow.
تيموثي والتر بيرتون مهووس بعالم الموتى، وما بعد الحياة، وفكرة الخلق، في محاولة لتخيل هذا العالم الغامض وهذا يظهر في عدد من أعماله مثل Corpse Bride وBeetlejuice، أو الأشخاص ذوي القدرات غير العادية وعوالم السحر مثل Edward Scissorhand، وCharlie and the Chocolate Factory، كذلك الرعب الذي لا يخلو من حكايات تيموثي الذي يقول: لم أقم في حياتي سوى بعمل أفلام رعب، هي نوعية الأفلام التي أحبها أكثر من أي فيلم آخر.
الخيال، سواء كان علميــًا أو لا، هو الرفيق الدائم لبيرتون. تشعر أثناء مشاهدة أعماله بخيال الطفل "تيموثي"، خيال خصب لم ينضب طوال العقود الأربعة الماضية. ولعل هذا ما يجعله كثيرًا يصنع أفلام الــ(animation (1 فيطوع الرسوم المتحركة وفقــًا لخياله الذي لا يسعه سوى عالم السينما.
كذلك تيم بيرتون في معظم أعماله يرافق داني إلفمان Danny Elfman، الذي قدم الكثير من الأعمال الموسيقية البديعة التي تغلف أفلام بيرتون وتصنع لها مذاقــًا خاصــًا.
Frankenweenie، هو تجربة بيرتون في عام 2012، والذي يبدو من اسمه قبل مشاهدته أنه متأثر بالعمل الأدبي الشهير Frankenstein للكاتبة البريطانية ماري شيلي Mary Wollstonecraft Shelley، والذي تحول لصورة سينمائية تكررت كثيرًا لكن أشهرها على الإطلاق النسخة التي ظهرت على الشاشة الفضية عام 1931.
تيم بيرتون قام بإخراج نفس الفيلم عام 1984 ولكنه كان فيلمــًا قصيرًا لا يتعدى النصف الساعة، ولم يكن فيلمــًا ضمن فئة الرسوم المتحركة. ومنذ ثلاثة أعوام أعاد بيرتون إنتاج الفكرة مع والت ديزني ولكن مع وجوه تمثيلية أخرى مثل كاثرين أوهارا التي عملت مع بيرتون في فيلم Beetlejuice وThe nightmare before christmas، وكذلك وينونا رايدر التي عملت في (2) Beetlejuice أيضــًا وكذلك فيلم Edward Scissorhands.
في هذا الفيلم يتضح تأثر بيرتون بأعمال كريستوفر لي الخالدة التي جسد فيها شخصية دراكولا، وبالطبع الفكرة الرئيسية للفيلم التي تدور حول إعادة الحياة للموتى مرة أخرى عن طريق العلم. فإذا كان الطبيب "هنري فرانكنشتاين" في Frankenstein يود أن يبرز نبوغه العلمي بإعادة الحياة للموتى، فالصغير "فيكتور فرانكنشتاين" في Frankenweenie بدافع الفقدان والحب يود أن يعيد الحياة لجروه "سباركي".
هنري تحولت معه المومياء إلى وحش مخيف يسفك الدماء ويحصد الأرواح، أما فيكتور فكان جروه أليفــًا، عاد للحياة من أجل أن يؤنس وِحدة صديقه، إلا أن مَنْ يسعون للقوة والشهرة والنجاح دون أي مراعاة للآخرين هم من استخدموا محاولة فيكتور النبيلة وجعلوها أداة لصناعة الشر والخوف.
الفيلم أبرز الشخصية الشبيهة لوحش فرانكشتاين من خلال أحد زملاء فيكتور، وكذلك تم ذكر اسم شيلي في إشارة واضحة لمؤلفة فرانكنشتاين.
لم يتوقف بيرتون صاحب فكرة الفيلم عند حدود فرانكنشتاين، بل جمع بعض الشخصيات مثل شخصية الأحدب الذي نتذكر معه شخصية أحدب نوتردام، كذلك يمكن أن ترى بوضوح شخصيات من أفلام دراكولا وحتى الأسماء مثل إلسا فان هيلسنج.
الرمزية الكنائسية موجودة في الفيلم سواء من خلال الموسيقى أو الصورة، كذلك خرافة طواحين الهواء، ذلك الشيء الضخم الذي حاربه دون كيخوته ظنــًا منه أنه كيان عملاق شرير يجب قتله.
يحاول تيم من خلال الفيلم أن يتحدث عن قيمة العلم العظيمة والتي قد يعتبرها البعض من ذوي العقول الضيقة أنها مسألة غير مهمة، فالعلم عندهم سحر وخرافة، وأن الناس يرتضون بالعلم وفق النتائج التي يمنحها لهم، فسعادتنا تكون بالغة عندما نرى منتج هذه العلوم مثل الكهرباء، لكننا لم نعلم أو نهتم بتاريخ ومشقة العلم، وربما الصراع بين كل من توماس أديسون ونيكولا تسلا الذي ظهرت نتيجته بعد سنوات. الفيلم يطرح فكرة "التساؤل" وأهميته البالغة التي لا نكترث كثيرًا بها بقدر ما يكون اكتراثنا منصبًا حول الإجابات والنتائج.
بيرتون أراد طوال الوقت أن يقول إن الحب هو الذي قد يجعل الأشياء نافعة للبشر، فالعالِم إذا قام بتجاربه عن حب بغرض نفع البشر، ستكون النتيجة حتمــًا إيجابية، أما إذا أراد أن يقدم هذا العلم من أجل المصلحة الشخصية والمجد، فالنتيجة لن تكون جيدة إطلاقــًا، خاصة وأن العلم مثل أي شيء في الكون سلاح ذو حدين.
فنوبل - مخترع الديناميت والكثير من المتفجرات الأخرى لاستخدامها في بناء شبكات الطرق وعمليات التعدين - لم يكن يعلم أن اختراعاته ستقتل آلاف الأبرياء يومــًا ما.
شخصية تيم بيرتون طاغية على الفيلم، يمكنك أن تلمسها منذ اللحظات الأولى، ولازالت هذه الشخصية تقدم أعمالًا مع بساطة أفكارها إلا أنها رائعة، لا يمكنك أن تشعر معها بالملل، تُصاب فيها دومــًا بهذه الإشعاعات المتواصلة من الحب والكوميديا والخيال والرعب.
(1) درس بيرتون الرسوم المتحركة في ديزني بعد الحصول على زمالة هناك أثناء دراسته في معهد كاليفورنيا للفنون، كما أن موهبته في الرسم منذ الصغر هي التي مهدت له الطريق سريعــًا لعالم هوليوود.
(2) يوجد جزء ثانٍ للفيلم الذي أنتج عام 1988 من بطولة وينونا رايدر وكاثرين أوهارا، وجينا دايفس وأليك بولدوين، لكن لم يعلن عن ميعاد عرضه حتى الآن.