الارشيف / سينما و تلفزيون / السينما كوم

"الثمن"... من الذي سيدفعه؟

من بين المشاركات المصرية العديدة في دورة هذا العام من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، عرض مساء أمس آخر أفلام برنامج آفاق السينما العربية، وهو فيلم (الثمن) الذي يقوم ببطولته عمرو يوسف وصبا مبارك وصلاح عبدالله، وأخرجه المخرج هشام عيسوي في أحدث أفلامه المصرية بعد فيلم الخروج من القاهرة.

يستند الفيلم إلى رواية (ديما) للكاتبة أمل عفيفي الذي قامت باقتباسه سينمائيًا بنفسها أيضًا في ثاني تعاون سينمائي لها مع هشام عيسوي، والذي يحاولان من خلاله معًا أن يكون فيلمًا يجمع بين الحسنيين: فيلم ذو صبغة جماهيرية قابلة للتسويق تلافيًا لما حدث مع الفيلم السابق، وأن يكون فيلمًا ذو حس فني مختلف ومميز، ولكن هل نجح الفيلم بالفعل في التوفيق بين هذين الجانبين؟

هذه المعضلة التوفيقية واجهت المخرج والكاتب تامر عزت حينما شرع في العمل على أول أفلامه الروائية الطويلة (الطريق الدائري)، وقد حاول تنفيذها قدر المستطاع، لكنها لم تسير على النحو المطلوب، وكذلك في فيلمنا هذا، لأنه حينما تشرع في كتابة عمل يستهدف كل الشرائح، عليك أن تبحث عن طريقة مثلى تستطيع أن توصل بها حكايتك بحيث يستطيع استيعابها جميع المشاهدين بدون الوقوع في فخ النخبوية أو فخ الإملاء الشفاهي.

وقع الفيلم للأسف في الفخ الثاني بشكل متوقع، وهو فخ - مع الأسف - يقع فيه غالبية المخرجين المصريين الذين يخشون من عدم وصول قصص أفلامهم ومغزاها إلى المشاهدين غير المتمرسين بالسينما - مثل المخرج داوود عبدالسيد -، لذا يعملون على إيضاحها وشرحها لهم خوفًا أن من يردوا بأن الفيلم غير مفهوم.

مثلًا، لماذا تحكي ديما (صبا مبارك) قصة قدومها من سوريا بعد هروبها من نيران الحرب الأهلية إلى مصر وعن "معاناتها الأمرين" من خلال مونولوج طويل في مشهد يحاول مخرجه أن يفضي عليه صبغة فنية حالمة وألوان هادئة ومساحات ظل هائلة، شعرت هنا في هذا المشهد أن هناك شيء من التنافر بين الحس الفني للمشهد وبين طبيعة المونولوج، وأن الرؤيتين غير متصالحتين.

كما لا تقتصر هذه المشكلة على هذا المشهد فقط، بل في معظم حوارات الفيلم كذلك، فلا بد أن يشرح الممثل لزميله في المشهد الماضي الذي يجمعهما معًا بالرغم من كون كلاهما يعرفانه بالفعل دراميًا ولا يحتاجان إلى إعادة شرحه مجددًا، وكان من المفترض بفيلم ينشد التوازن أن يبحث عن حلول بديلة للسرد بدلًا من اللجوء للحلول السهلة دومًا.

كما لم أفهم جيدًا توازنات القوى الدرامية بين شخصيتي الفيلم الرئيسيتين ديما ومجدي (عمرو يوسف)، فعلى الرغم من "بروزة" الفيلم لمأساة اللاجئة السورية ديما، إلا أن صراعها الدرامي يبدو مهمشًا طوال النصف الأول من الفيلم في حضور الخط الخاص بمجدي الذي يواجه صراعًا أخلاقيًا مريرًا طوال النصف الأول أيضًا.

تدخل الكاتبة عاملًا قدريًا إلى خط مجدي لكي يكون حافز له على القيام بما يطلبه منه صفوت (صلاح عبدالله) من تنفيذ لعملية قتل الروائي والمفكر جلال محمود (عبد العزيز مخيون)، وهو إصابة زوجته بورم في المخ، لكن الطريقة التي يدخل بها هذا العامل القدري تبدو وكأنها حيلة درامية فقيرة لدفع مجدي إلى اتخاذ قراره بتنفيذ المهمة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى