تحويل روايات القصص الخيالية أو الـ"Fairy Tales"، المصطلح الأشهر الذي يطلق على هذه النوعية من الروايات إلى أعمال سينمائية مناسبة للبالغين والكبار برؤية سوداوية تعتبر تجربة محفوفة بالمخاطر، نظرًا لارتباط ذهن المتفرج الدائم بكون هذه القصص موجهة للأطفال، على الرغم من أن معظم هذه القصص لم تكتب للأطفال في اﻷصل.
ولعل أبرز ما يؤكد هذا الكلام الجدل الذي مازال قائمًا حول كتاب "ألف ليلة وليلة" الأصلي، الذي يحتوى على بعض المفردات الجنسية الصعبة. ومن هذا المنطلق بدأ المخرج الإيطالي الشهير "ماتيو جاروني" التحضير لفيلم بعنوان "Tale of Tales" مستوحاة قصته عن مجموعة قصص خيالية للبلاط الملكي كتبها الشاعر الإيطالي "جيامباتيستا باسيل" في القرن الـ17.
وتم رصد ميزانية كبيرة للفيلم بالتعاون مع وزارة الثقافة الإيطالية والاتحاد الأوربي، ومن أجل البحث لانتشار واسع للفيلم لتعويض ميزانيته الكبيرة التى وصلت إلى 12 مليون يورو تقرر أن يكون الفيلم ناطق باللغة الإنجليزية والاستعانة بممثلين ذو أسماء رنانة من اجل تسويقه عالميًا.
تدور أحداث الفيلم باختصار حول ثلاث ممالك مجاورة لبعضها البعض، فالمملكة الأولى يحكمها ملكة تطوق إلى الإنجاب بشدة ويعقد معها دجال اتفاق لتنجب ليأتي بعد الإنجاب مشاكل لا حصر لها، والمملكة الثانية يحكمها ملك مهووس بالنساء والجنس يقع أثير غرام صوت عذب لشقيقتين توأم لم يخرجا من منزلهما طيلة حياتهما ولكن ما لا يعرفه الملك أنهما تجاوزا العمر وأصبحا مجرد سيدتين معمرتين بالسن، أما المملكة الثالثة فيحكمها ملك مفتون بحشرة وهي البرغوث ويقوم بتربيته إلى أن يصبح كائن ضخم غريب، ويموت الكائن مع توالي الأحداث فيقوم الملك بسلخ جلد الكائن وتخليدا لذكراه يجري مسابقة داخل أرجاء المملكة من يتعرف فيها إلى ماهية جلد الكائن، يتزوج من ابنته الأميرة الصغيرة ولكن لحظها السيء من ينجح في التخمين هو غول مخيف.
السؤال هنا هل حققت الاستعانة بهذا الكم من النجوم الفائدة المرجوة؟ الإجابة ستكون حتمًا لا، فإذا نظرنا لأداء الممثلة المكسيكية الشهيرة سلمى حايك، والتي تلعب دور الملكة الغيورة على ابنها، والتي كانت تطوق إلى الإنجاب بشدة، فسنجد أداءها وتعبيرات وجهها معظم الوقت واحدة ولم تنجح سوى في التحديق المبالغ فيه، ناهيك عن أنها لم تستطع إتقان هيبة الملكة وقوتها وجبروتها لتصبح أضعف عنصر في الفيلم.
أما عن الممثل الأمريكي "جون سي رايلي" الذي لعب دور زوج الملكة والذي لم يظهر سوى بضعة دقائق على الشاشة فلم يضف له الدور أي شيء جديد، وفقد باختياره فكرة وجود ضيف شرف مميز.
وبالنسبة للمثل الفرنسي "فينسينت كاسل" والذي قام بأداء شخصية الملك المهووس بالنساء فكان من الممكن اختيار ممثل أصغر بالسن حتى يلائم طبيعة الدور أكثر. ولكن يبقى أداء كل من الممثل البريطاني "توبي جونز" في دور الملك المفتون بحشرة البرغوث والممثلة اﻷسكتلندية "شيرلي هيندرسون" في دور "إيما" إحدى الشقيقتين التوأم والفرنسي "غيوم ديلوناي" في دور الغول المخيف، فجاء أداؤهم جميعًا موفق للغاية.
نأتي إلى فنيات الفيلم بالنسبة إلى الديكورات لم تكن على مستوى الحدث إطلاقًا، فلم يستطع الديكور أن ينقل الجو الأسطوري للرواية الخيالية ولم يستطع أيضًا أن يظهر الفرق بين الممالك المختلفة، فظهرت وكأنها مملكة واحدة, أما على مستوى الصورة فجاءت مميزة ويأتي ذلك نظرًا للاستعانة بمدير التصوير البولندي الشهير والمخضرم "بيتر سوسشيتزكي" صاحب إدارة التصوير لأفلام كبيرة من أشهرها "Star Wars : Episode V –The Empire Strikes Back"عام 1980 و"The Rocky Horror Picture Show" عام 1975.
أما المونتاج فجاء سلس معظم الوقت خاصة في التنقل بين الثلاث قصص. وكان السيناريو على صعيد الحرفة والسرد مميزًأ، أما على مستوى الإخراج للعمل فشعرت أن المخرج الإيطالي ماتيو جاروني لم يستطع أن يمتلك زمام الأمور جيدًا وكان عليه أن يستعين بممثلين إيطاليين أكفأ بدلًا من كوكبة النجوم التي قام باختيارها والتي لم تشفع له. في المجمل "Tale Of Tales" عمل خاوي، لم يحمل الروح المطلوبة في الكثير من الآحيان.