الارشيف / سينما و تلفزيون / السينما كوم

Batman V Superman: Dawn Of Justice.. هل اخترت بطلك اليوم؟

سيل يومي من الأخبار التي تحيط بالفيلم منذ التفكير في صنعه وحتى بعد عرضه، إمكانية تغيير الصورة الشخصية على "فيسبوك" لمواكبة إطلاق الفيلم في دور العرض، ملايين "البوستات" على "فيسبوك" التي تواكب أو تسخر من الفيلم الذي انتظره العالم بأسره، منتجات تجارية تحاول استثمار هذا الحدث الفني للترويج لمنتجاتها منها إحدى شركات الأغذية التي روجت من خلال مقرمشاتها لاختيار البطل، سخرية لا تنتهي على مواقع التواصل الاجتماعي من تعبيرات بن أفليك الحزينة بعد الانتقادات التي طالت الفيلم.. كل ما سبق مجرد نذر يسير من شلالات المتابعة والاهتمام بصدور Batman V Superman: Dawn Of Justice الذي راهن عليه منتجوه ليكون عمل مفتاحي في مجموعة أفلام عالم دي سي السينمائي ذات الطموح في المنافسة الطاحنة مع عالم مارفل السينمائي الذي انطلق منذ سنوات.

من أهم أسباب الآمال المعقودة على هذا الفيلم بالذات هو استمرار المحاولة في إضفاء جوانب درامية أكثر تركيبًا على القصص القادمة من القصص المصورة الرائجة وعلى رأسها قصص الأبطال الخارقين خاصة مع قصة على هذا المستوى من الضخامة، وهي محاولة لا تزال مستمرة حتى الآن منذ التجربة الواثقة التي لا تخلو من بعض المشاكل للمخرج سام ريمي مع ثلاثية Spider-Man، أو حتى تجربة كريستوفر نولان مع ثلاثية Batman التي لم تكن في محصلتها النهائية على المستوى المأمول حتى مع المديح النقدي الذي أحاط بها وذلك بسبب اهتمامه بالأفكار على حساب الدراما.

هناك عامل آخر يحاول به المخرج زاك سنايدر -الذي اعتاد العمل باستمرار مع القصص المصورة مثلما كان مع 300 لـفرانك ميلر وWatchmen لالآن مور- أن يصنع شيئًا مختلفًا ومميزًا عن عالم مارفل السينمائي، وهو استغلال النزعة السوادوية التي تتمتع بها قصص عالم عالم دي سي بالتوازي مع الطبائع المركبة لشخصيات هذا العالم في سبيل تقديم عمل يحمل شيئًا من التركيب الدرامي في مقابل الخفة التي قد تتسم بها أفلام مارفل سواء في أجوائها أو في حكايتها.

حتى نهاية النصف الأول من الفيلم، أعتقد أن سنايدر قد أصابه التوفيق في تأسيس حكايته المركبة، بل قد تلمس حتى محبته الشديدة للأصل المصور، فهو لا يهتم باستعراض الأفكار على غرار ما فعله نولان في ثلاثية باتمان خاصته، بل يضع نصب عينيه توزيع العبء الدرامي للحكاية على أكثر من خط لا ينفصل عن الآخرين بقدر ما يصب بدأب في بقية الخطوط بدون أي ذرة من التعجل.

على مدار كل هذا الوقت، يراكم سنايدر على نحو متمهل جذور الصراع بين بطليه الرئيسين (باتمان وسوبرمان) ويمنح كلا الطرفين أسبابه المنطقية من وجهة نظره لهذه المشاعر، والتي لم يفضل سنايدر تطويرها لدرجة الصراع المباشر إلا مع منحها الوقت الكافي حتى يصل الصراع لذورته التامة وصولًا إلى النصف الثاني من الفيلم الذي يغذيه حتى الامتلاء بكل المشاهد الحركية التي ادخرها ولم يبذرها في نصفه الأول، وهو أمر مقصود حتى لا تستولي الحركة على الاهتمام بما هو أهم في هذه المرحلة، وهو الصراع المتصاعد بين باتمان وسوبرمان.

لكن مع حلول النصف الثاني من الفيلم، لم ينجح زاك سنايدر كالعادة في إكمال جميله حتى النهاية، بل إنك تشعر بأنه قد قطف كل ما زرعه بيديه بدأب على مدار النصف الأول على عجل وتسرع شديدين، ولم أصدق أن معركة حتمية ومنتظرة قد تفضي في النهاية إلى التصالح سريعًا على هذا النحو المستفز والمضحك، وذلك من خلال مبرر بالغ البلاهة، وهو تشابه الأسماء بين اسمي والدة باتمان ووالدة سوبرمان.. فقط، ويتحول كل الصراع المكتوم والمتراكم طوال كل هذا الوقت إلى قبض ريح، بل ويصيرا حليفان بهذه البساطة، صدقني أنا لا أسخر ولا أبالغ، هذا ما حدث بالفعل بعد كل الانتظار، وإذا لم تصدقني فشاهد الفيلم، أو اسأل أحد ممن شاهده من أصدقائك لتتأكد.

نقطة آخرى خصمت من رصيد سنايدر، وهو الاختلال الكبير في التوازن بين كفتي حضور شخصيتي باتمان وسوبرمان في النصف الثاني، وهذا ما يظهر خلال معركتهما المشتركة بالتعاون مع Wonder Woman ضد الوحش الكريبتوني الضخم، وهو ما يشعرك على نحو كبير بخفوت حضور باتمان ومشاركته في المعركة وحتى في التطور الدرامي، بل للحق تواري تمامًا إلى خلفية الصراع لحساب سوبرمان - الذي ينتمي لنفس العالم الذي جاء منه الوحش - والمرأة الأعجوبة - ذات القدرات الخارقة التي لا يتمتع باتمان بمثيل لها-.

لم يريحني أيضًا الجنوح نحو استعراض الأفكار الذي كان يقوم به لكس لوثر بما يتنافي مع نزعة التأسيس الدرامي الذي كان محور اهتمام سنايدر في النصف الأول، وبما يتناقض مع منهج تأسيس الصراع المتأني بين البطلين بإيعاز خفي من لكس لوثر، وهو ينبع ربما بتأثير من كريستوفر نولان - الذي يشارك في هذا العمل كمنتج منفذ فقط - مما قدمه سابقًا في ثلاثيته، مما حول الدافع الدرامي للكس لوثر من كل تدابيره إلى مجرد كراهية مجانية لا تختلف في أي شيء عما لدى أي شرير تقليدي آخر حتى مع المجهود المتميز من قبل جيسي أيزنبرج ليمنح لكس لوثر لمحة مختلفة عما نعرفه كمشاهدين عن نفس الشخصية.

كما لم أحب تلك المناورة الدرامية التقليدية حينما تخلصت لويس حبيبة سوبرمان من الرمح الكريبتوني القادر على القضاء على الوحش الذي يحاربونه، ثم حاولت تدارك خطئها فغاصت ورائه لتصير محبوسة في الماء.. فقط لكي يهم سوبرمان "بالاسئتذان" من مواصلة المعركة لكي ينقذ حبيبته المهددة بالموت، مع علمنا المسبق أنها قطعًا ستنجو بحكم ما هو معتاد من فيلم ينتمي إلى هذه النوعية.

أيضًا جاءت طريقة الربط بين هذا الفيلم وبقية أفلام عالم دي سي المنتظرة مفتعلة جدًا ومباشرة جدًا، ففي إحدى المشاهد يطلب باتمان من المرأة الأعجوبة أن تجمع من هم على شاكلتها من الأبطال الخارقين بسبب أنه لديه شعور سيء حول كارثة قادمة فقط، كما رأينا نفس اللمسة من الافتعال حينما كانت المرأة الأعجوبة تشاهد الفيديوهات التي بعثها باتمان لها حول بقية الشخصيات المنتظر ظهورها في فيلمي Justice League القادمين.

كنت أتمنى بشدة من Batman V Superman: Dawn Of Justice أن يواصل ما بدأه بشكل طيب حتى النهاية وألا يكون ذا نفس قصير بهذا الشكل الذي بدا عليه في نصفه الثاني، لكن مع الأسف يبدو أن زاك سنايدر مخرج ذو طموح كبير فقط، ولكنه ليس بذو قدرة على الاستمرارية والمواصلة، خاصة مع عمل حمل في أحشائه مسار واعد لحكاية متشعبة وناضجة وذات طابع سوادوي، حتى يتحول إلى مجرد "فيلم كوميكس" كما يسميه الغالبية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى