«سقطَ چون على رُكبتيه، ومدَّ يده إلى مقبض الخنجر وانتزعَه من بطنه ليتصاعَد الدخَّان من الجرح في هواء الليل البارد، وهمسَ باسم جوست والألم يكتسح جسده كله. اطعنيهم بالطَّرف المدبَّب. عندما انغرسَ الخنجر الثالث بين لوحي كتفه أطلقَ أنينًا وهوى على وجهه في الثَّلج، ولم يشعر بالطعنة الرابعة، فقط بالبرد...».
”رقصة مع التنانين“، الكتاب الخامس من ”أغنية الجليد والنار“
يُمكنك أن تقول بالكثير من الاطمئنان، ودون نسبة خطأ كبيرة، إن أكبر نقاش دائر على الإنترنت منذ منتصف يونيو الماضي وحتى الآن، بالذات الآن، له علاقة بشكلٍ أو بآخر بمحاولة الإجابة على السؤال الذي يُلقيه جمهور مسلسل Game of Thrones عن عودة چون سنو إلى الحياة من عدمها، منذ رأيناه في اللحظات الأخيرة من الموسم الخامس يسقط ودماء الحياة تتسرَّب منه، بعد أن تلقَّى عددًا من الطعنات لا يُمكن أن يظل أحد حيًّا بعده من رفاقه في حرس الليل، قبل أن تنطفئ لمعة الحياة في عينيه (التأثير الذي قال صانعا المسلسل دي بي وايس وديڤيد بنيوف عنه إنه تكلَّف الكثير من المال والمجهود، للتأكيد على حقيقة موت چون). السؤال نفسه يُلقيه قرَّاء روايات ”أغنية الجليد والنار“ لـچورچ ر. ر. مارتن منذ مدةٍ أطول بكثير، فآخر لقاء لهم بچون سنو كان في الفصول الأخيرة من ”رقصة مع التنانين“، الرواية الخامسة من السلسلة التي صدرت في 2011 بعد شهرٍ تقريبًا من الانتهاء من عرض الموسم الأول من المسلسل، وقد تركوه في الموقف نفسه الذي اختلفت تفاصيله بعض الشيء عن المسلسل (عدد الطعنات، محاولته الدفاع عن نفسه، أولي لم يكن من وجَّه الطعنة الأخيرة)، لكن تظل النتيجة واحدة.
السؤال الآن ليس إن كان چون سنو ميتًا، فكلهم يؤكِّدون هذا، من كيت هارينجتون ممثِّل الشخصيَّة، إلى مؤلِّفي المسلسل، إلى كبار المسؤولين في شبكة HBO، الذين دعموا الإجابة بطرحهم لنَص المشهد الأخير من الموسم الخامس على الإنترنت منذ أسابيع قليلة، والذي ورد في نهايته أننا ”نرى السكين في يد أولي عندما ينغرس في قلب چون مباشرةً"، ثم ”ينسحب الإخوة تاركين چون ليموت وحيدًا على الأرض ودماؤه تسيل منه بغزارة. ينطفئ النور في عينيه المفتوحتين بينما نُسدِل الستار على الموسم الخامس“. السؤال إذن: كيف سيعود چون إلى الحياة؟
للمرَّة الأولى يجد قرَّاء سلسلة الروايات أنفسهم مثل مشاهدي المسلسل تمامًا، لا يملكون سُلطة المعرفة المسبقة بعددٍ كبير من الأحداث القادمة، أو فكرةً ما عن الاتجاه الذي ستمضي فيه الأمور على أقلِّ تقدير، لكن المؤكَّد أن هناك الكثير جدًّا من التكهُّنات والتوقُّعات من الجميع، وقد أفردوا لها نقاشات طويلة دعمها كلٌّ منهم بأدلته على المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي وقنوات يوتيوب وغيرها. هل ستُعيده المرأة الحمراء مليساندرا إلى الحياة؟ نحن نعرف أن كهنة رالور قادرون على هذا، كما فعل ثوروس المايري مع اللورد بريك دونداريون ستَّ مرَّات، ولا شكَّ أن عودة مليساندرا إلى الجِدار قبل اغتيال چون بقليل توحي بهذا، فهل يتطلَّب الأمر تضحيةً كي ينجح؟ من سيكون القربان إذن؟ أهو جوست، ذئب چون الرهيب، أو ربما أولي أو أحد آخر ممن خانوه؟ هل سيتلبَّس چون ذئبه قبل أن تزهق روحه؟ هذا أيضًا نعرف أنه ممكن، وقد رأيناه مع الهمجي أوريل في الموسم الثالث، عندما حلَّ في الصقر قبل أن يموت جسده البشري مباشرةً، بالإضافة إلى أن الكُتب تذكر أن كلَّ أبناء ستارك يتمتَّعون بهذه الموهبة، وكثيرًا ما راودَت أحلام الذئاب كلًّا من چون وبران وآريا التي تستطيع الآن الحلول في جسد ذئبتها نايميريا التي اضطرَّت للتخلي عنها في بدايات الأحداث. لكني شخصيًّا لا أدري ما قد يعنيه هذا بالضبط، لأن من الصعب أن أتخيَّل دور چون سنو يلعبه كلب طوال بقيَّة أحداث المسلسل بدلًا من هارينجتون، ليكون أعلى الكلاب أجرًا في تاريخ التليفزيون!
هناك مَن رأيهم كذلك أنه قد يتحوَّل إلى جثَّة حيَّة أو حتى يصير ملك الليل الجديد، وهناك مَن يقولون إنه سيعود إلى الحياة عندما يحاولون حرق جثَّته، لأنه أصلًا نِصف تارجاريَن وهؤلاء لا تحرقهم النار، على غرار ما حدث مع دنيرس في نهاية الموسم والكتاب الأول، وإن كنتُ لا أميل إلى هذا على الإطلاق، لأنه سبق لنا أن رأينا يد چون تحترق في مواجهته مع جثَّة أوثور الحيَّة في الموسم الأول، فضلًا عن ذِكر الكتب لعدَّة مواقف تعرَّض فيها نسل تارجاريَن للموت حرقًا، حتى أن دنيرس نفسها تصاب في الكتاب الخامس بحروق بالغة، بينما ما حدث لها عند مولد التنانين كان بفعل السحر الدموي الذي مورس في المكان قبلها بقليل، وهو ما أكَّده مارتن نفسه. اليقين إذن أن چون عائد بشكلٍ أو بآخر، خصوصًا أن لُغز أمه لم يُحل بعد، وعلاوة على أن الجمهور متشوِّق لمعرفة إجابة هذا السؤال المطروح منذ الموسم والكتاب الأول، فمن الضروري في رأيي أن يعرف چون نفسه -كشخصيَّة- الإجابة، لما يعنيه هذا بالنسبة للمنحنى الذي قد تأخذه شخصيَّته إذا اتَّضح حقًّا أنه ينتمي نِصف انتماء إلى عائلة تارجاريَن، سواء كان ابن ريجار تارجاريَن وليانا ستارك، أو كان ابن إدارد ستارك حقًّا وكانت أمه من عائلة تارجاريَن، أو اتَّضح أنه تارجاريَن بالكامل. نعم، هناك من فكَّروا في كون هذا أحد الاحتمالات، ومنهم أنا، بناءً على واحدة من الرؤى العديدة التي شاهدتها دنيرس في بيت الخالدين في الكتاب الثاني ولم ترد في المسلسل، عندما ترى أخاها ريجار مع امرأة، ومعهما طفل رضيع يقول ريجار إنه ابنه إجون، وإنه الأمير الموعود، وإن أغنيته هي أغنية الجليد والنار. هل من الممكن إذن أن يتَّضح أن چون سنو هو في الحقيقة إجون تارجاريَن الذي لم يقتله جريجور كليجين يوم اقتحام كينجز لاندنج؟ وهل يعني هذا أنه أحقُّ بالعرش الحديدي من دنيرس، بما أنه يسبقها في تسلسل الوراثة؟ هل سيكون هناك عرش حديدي أصلًا؟
من المنطقي أن يستغرق الكلام عن شخصيَّة واحدة كلَّ هذه المساحة، نظرًا للخطوط الدراميَّة الكثيرة المتعلِّقة بها بالفعل، من احتمال أن چون هو من سيقود البشر في معركتهم ضد المُشاة البيض -”الآخَرين“ في الكُتب- القادمين ومعهم الموت والليل الطويل، إلى المعركة الضخمة التي نعتقد أنه سيقودها ضد جيوش عائلة بولتون لاستعادة وينترفل والشمال (ما سيحدث في الحلقة التاسعة في الغالب، فكما تعوَّدنا من الحلقة التاسعة من كل موسم، هناك موت صادم أو معركة كبيرة، بالتبادل)، إلى وجود جميع أبناء ستارك المتبقين على قيد الحياة باستثناء آريا في الشمال بالفعل، ما قد يعني اجتماع شملهم قريبًا، إلى ما قد تعنيه نهاية حرس الليل وانهيار الجِدار لمصير العالم (وأتوقَّع بشدَّة أن هذا سيحدث عاجلًا أو آجلًا، فدراميًّا لن يبنوا هذا الصرح العملاق دون نيَّة لهدمه، أو هذا ما أتصوَّره)، إلى شكل العلاقة التي ننتظر أن نراها بين چون ودنيرس عندما يلتقي الجليد بالنار، وإن كان سيمتطي واحدًا من تنانينها بالفعل.
غدًا نُلقي نظرةً سريعة على ما قد نراه يحدث مع شخصيَّات أخرى مهمَّة استنادًا على المعلومات والتلميحات التي أعطاها لنا مارتن في كُتبه.