الارشيف / سينما و تلفزيون / السينما كوم

عالم ليس لنا: من "عين الحلوة" مع خالص الحب

فى صيدا بجنوب لبنان, يعيش 70,000 لاجىء فلسطينى على مساخة كيلومتر مربع واحد فى أكبر مخيم للاجئين فى لبنان, عين الحلوة. بعد أن مر أكثر من ستين عاماً على تأسيس المخيم, الكثير من سكانه لم يروا فلسطين من الأساس وجزء كبير من هؤلاء لم يروا مكان آخر غير المخيم، يتحكم الجيش اللبنانى بمداخل المخيم ويوجد بداخله العديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة لكن أقواهم حركة فتح, التى تتحكم بالأمن داخل المخيم. بالنسبة لأغلب ساكنين المخيم، الإقامة هناك هى إقامة جبرية طال بها الأمد أكثر مما يجب ولكن بعضهم يرحل ويختار الرجوع من حين لآخر.

ولد مهدى فليفل فى دبى سنة 1979,لأب وأم من مخيم عين الحلوة فى جنوب لبنان, مثل الكثير من العائلات الفلسطينية سافر أبواه إلى الإمارات للعمل هناك، اشترى والد مهدى كاميرا فيديو وكان مهتماً جداً بتصوير كل شىء. من دبى عادوا إلى عين الحلوة ومنها سافروا إلى الدنمارك, ليستقروا هناك. ورث مهدى عادة التصوير من والده, درس السينما فى المعهد البريطانى القومى للسينما والتليفزيون وظل يعود إلى عين الحلوة كلما استطاع, فتكون لديه بجانب ما ورثه عن والده كم هائل من المادة المصورة, تؤرخ لعائلته و تؤرخ أيضاً لعين الحلوة.

يفوق عمر جد مهدى عن 75 عاماً, قضى منهم 60 عاماً فى المخيم هى عمر المخيم منذ تأسيسه, تتحول لغة الجد الفلسطينية المليئة بالشتائم إلى الفصحى المنمقة حين يتكلم عن العودة. سعيد, خال مهدى لا يتكلم عن العودة ووفقاً لمهدى فقد تغير تماماً عن ما كان خاصة بعد موت صديقه الأقرب وتراكم الباسبورات فى الدرج بدون امل بالسفر المنتظر, اما أبو غياد فهو شاب من سن مهدى ولد و عاش عمره كله فى المخيم, يعمل مع فتح رغم كرهه لقادتها رغبة فى بعض المال الذى يساعد على الحياة، وعلى عكس مهدى الذى يضمن له باسبوره الخروج من عين الحلوة وقتما يشاء, وهو يفعل ذلك فعلاً, أبو إياد لا يملك الباسبور الذى يخرجه من هذا المنفى الذى اصبح وطن.بأشخاصه العفوية وتصويره الدؤوب لهم على مدار سنين والمادة المصورة عن طريق الأب لعائلته فى دبي وعين الحلوة والدنمارك ينسج مهدى فليفل بمساعدة مايكل أوجلاند مونتيره الموهوب فيلمه الطويل الأول الذى نجح من خلال صدق أشخاصه والمادة الممتدة زمنياً أن ينقلنا إلى عين الحلوة فعلاً لنضحك معهم ضحكات مسروقة ومستوحاه من هذة المعاناة التى تحولت إلى أسلوب حياة.

عالم ليس لنا هو الفيلم الفلسطينى الثالث الذى يُعرض بالمهرجان مكملاً ثلاثية رائعة لأفلام فلسيطينية مصورة فى فلسطين فعلاً, خارقين الحواجز المادية و البيروقراطية التى كما تمنع الساكنين بداخلها من رؤية ما بعد الجدار فى الضفة أو الحصار فى غزة أو الأسوار حول مخيمات اللاجئين تمنع أيضاً ولادة الفن الذى يكشف قهرها لحياة الملايين من البشر وراء هذة الحواجز. يفتش أبو إياد فى كتبه وأوراقه قبل أن يترك بيته ليستفيد أهله بالايجار فيلقى بمنشورات فتح وإعلاناتها السياسية ولكنه يبقى على رواية عالم ليس لنا لغسان الكنفانى, مع ابتسامة معبرة من أبو إياد تصبح الرواية أكثر صدقاً فى التعبير عنه, أكثر من فتح وقادتها فبالنسبة لأهل هذا المخيم العالم فعلاً ليس لهم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى