في إطار العروض التي تقدمها بانوراما الفيلم الأوروبي في نسختها السادسة، تم عرض الفيلم الألماني 'Shifting the Blame' للمخرج لارس جونار لوتز. الفيلم هو العمل الروائي الثالث للارس، وقد حظي مثله مثل عمليه الأولين، بترحاب واسع من قبل النقاد.
بنجامين بلطجي شاب يتم القبض عليه بعد أن قام بسرقة سيدة حبلي والإعتداء عليها، ما أدي إلي إجهاضها. في السجن تظهر شحصية بنجامين: شاب مخوخ الفكر، متمرد بلا هدف ويقاوم بعنف أي توجيه أو تدخل من أحد في شؤونه. بعد عدة محاولات، ينجح الأخصائي الاجتماعي في السجن بإقناعه بأن يقضي عقوبته في سجن مفتوح، وهو نظام إصلاح يتم تطبيقه علي بعض المسجونين، حيث يتم إرسالهم إلي منشأة يتم فيها التعامل مع المساجين بصفتهم أعضاء في مجتمع مصغر خاضع لنظام أخلاقي صارم. هناك، يفاجأ بنجامين بوجود السيدة التي قام بالاعتداء عليها، فهي ربة المنزل الذي يأواه في السجن المفتوح.
عالم السجن المفتوح كما نراه بأعين لارس لوتز، يفتقر إلي الكثير من الديناميكية. فتقديم بنجامين إلي هذا العالم لا يختلف كثيراً عن تقديم طالب جديد في مدرسة ثانوية في أي فيلم هوليوودي . فهو يتعرف علي مضض بزملاؤه الجدد، ويعاملهم بمنتهي السوء، وتحدث بينهم عدة مواجهات ومواقف متوترة لا تحمل الجديد للمتفرج، ويكون العامل المشوق الوحيد في الفيلم بعد فصله الأول هو اكتشاف وجود الجاني والمجني عليها في مكان واحد. فالجاني (بنجامين) كان متنكراً أثناء الجريمة، والمجني عليها (إيفا) لم تري وجهه بوضوح.
الفيلم افتقر إلي الأداءات المقنعة من الممثلين، الذين قدم كل منهم دوره بأداء مفتعل نزح إلي المبالغة في إظهار المشاعر بدلاً من العمق في استخدام التفاصيل الحركية والنظرات المعبرة. وكانت الممثلة جوليا بريندلر(التي قامت بدور إيفا، المجني عليها) الاستثناء الوحيد، حيث نجحت، بأداءها الذي تمت كتابته بعناية ومراعاة شديدة لتصاعد أزمتها، بصنع مشاهد مؤثرة للغاية واجهت فيها بنجامين ببرود يغلف إنفعالها الداخلي الشديد. وعلي الصعيد الآخر، كان اختيار الممثل الذي قام بدور البطل (بنجامين) غير موفق، ف إيدين حسانوفيتش ممثل محدود القدرات، لا يملك سوي النظرات الجامدة التي أحياناً ما يستخدمها ليظهر عنفه وتمرده، وأحياناً أخري يغلفها ببعض الدموع في لحظات ضعفه، التي يتهرب فيها من مواجهة إيفا، والتي لا يعلم بعد إذا كانت تعرف أنه هو السبب في إجهاض طفلها.
مبدأ "السجن المفتوح" يعتبر مساحة جيدة لخلق مواقف درامية جديدة من نوعها، واستخدام الموقع الملهم بصرياً بشكل جمالي يضيف إلي مكانة العمل. لارس جونار لوتز لم يستغل هذه الفرص في 'Shifting the Blame'، وفضل أن يصنع فيلماً عادياً يفتقر العمق الدرامي بقدر ما يفتقر الجمال البصري، وأضاف بهذا عملاً آخراً إنضم إلي سلسلة من أفلام الدراما الاجتماعية الألمانية التي اتسمت بالسطحية الشديدة والميلودراما الضعيفة التي ظهرت في الخمس أعوام الأخيرة.