الارشيف / سينما و تلفزيون / السينما كوم

عمر خورشيد.. عاشق الجيتار الذي رحل بأوتار الشائعات

أحداث كثيرة ملأت حياته حملت له خبرة سنين لم يعشها.. ببساطة هذه قصة حياة عاشق الجيتار عمر خورشيد، التي على الرغم من قصرها تصلح أن تكون فيلمًا سينمائيًا يحوى على العديد من المفارقات والأحداث المتنوعة، فقد استطاع أن يحدث ثورة في عالم الموسيقى من خلال مقطوعاته الموسيقية الفريدة، وصعد على أوتار جيتاره إلى الأضواء والشهرة، ومثلما حقق نجاحًا كبيرًا في مجال الموسيقى جعلته عازف الجيتار الأول في عصره، حقق أيضًا نجاحًا كبيرًا كنجم سينمائي، خاصةً مع امتلاكه الحضور والوسامة.
ولأنه كان أحد دنجوانات عصره، فمن الطبيعي أن تكون حياته الخاصة مليئة بقصص الحب والزواج، حيث تزوج أربع مرات سواء من داخل الوسط الفني أو خارجه، كما ربطت الشائعات بينه وبين العديد من النجمات.
وفي ذكرى ميلاد عاشق الجيتار، نلقي الضوء على أبرز محطات في حياته سواء الفنية أو الخاصة.

انفصال والديه
ربما لم يعان عمر خورشيد في طفولته من الفقر أو الاحتياج المادي، وإن كانت معاناته الأساسية في انفصال والديه، وهو لايزال في سن صغيرة، فبعد ولادته بسنوات قليلة، انفصل والده مدير التصوير السينمائي أحمد خورشيد عن والدته، وتزوج من السيدة اعتماد خورشيد، والتي أنجب منها أبناء آخرين، كما تزوجت والدته لاحقًا، وأنجبت أيضا أبناء، فكان له العديد من الأشقاء، وهم جيهان شقيقته من الأب والأم، و5 أشقاء من الأب، بالإضافة لشقيقتين من الأم منهم الفنانة شريهان.
ومنذ سنواته الأولى عشق عمر خورشيد الفن والموسيقى، وكانت والدته تشجعه على العزف على الجيتار، وعندما اكتشف والده أنه يملك حسًا موسيقيًا، حيث كان يقلد ببراعة بعض المقطوعات الموسيقية التي يسمعها في الإذاعة، شجعه على الانضمام لفريق الموسيقى بالمدرسة الابتدائية، وكانت النتيجة أنه حصد كثيرًا من الجوائز في المسابقات الفنية التي كانت تقام بين مدارس الجمهورية.

بمرور الوقت، أصبح الجيتار يشغل كل تفكيره، وفكر في صقل موهبته بالدراسة والعلم، فالتحق بأحد المعاهد اليونانية للموسيقى، وكان في السابعة عشر من عمره، واستطاع أن ينمي موهبته في هذا المجال، وفي نفس الوقت لم يترك دراسته، حيث كان طالبًا في كلية الآداب قسم فلسفة.
في هذه الفترة قرر عمر خورشيد تكوين فرقة موسيقية رغم سنه الصغير، فاختار مجموعة من زملائه المتحمسين مثله للموسيقى، وكونوا الفرقة، وبدأوا العمل في بعض الملاهي الليلية، وعلى الرغم من نجاحه، إلا أنه وجد معارضة شديدة من أسرته، لأن العمل في في الملاهي الليلية سيؤثر سلبًا على مستقبله الدراسي، ولكنه لم يتوقف عن العمل، وتنقل بين العديد من الفرق التي تقدم الألحان الغربية، ثم قرر تكوين فرقة خاصة للمرة الثانية، فكانت فرقة "ميجاتورز"، واستطاع من خلال هذه الفرقة تحقيق نجاح كبير، حتى أن الجماهير بدأت في التعرف على الفرقة، والالتفاف حولها.

بيتي شاه
في تلك الفترة، ظهرت العديد من الفرق التي تقدم الموسيقى الغربية، ومن أشهرها فرقة "بيتي شاه"، فقرر عمر خورشيد التخلي عن فرقته الخاصة، وانضم لفرقة بيتي شاه، وحقق معهم قدر أكبر من النجاح والشهرة.
وفي أحد الأيام، كان العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ حاضرًا إحدى الحفلات التي تقدمها الفرقة، وشاهد عمر خورشيد وهو يعزف على الجيتار، ولأن العندليب كان يمتلك من الذكاء الفني الكثير، عرض على عمر خورشيد الانضمام للفرقة الماسية.
فوجىء عمر خورشيد بطلب العندليب، وتردد في البداية، لأن أداء الألحان الشرقية بواسطة الجيتار ليس أمرًا سهلًا، ولم يسبق أن قام أحد بهذه التجربة، ولكن لأنه يؤمن بموهبته، فلم يستمر تردده كثيرًا، وأقدم على هذه التجربة، وصاحب عبدالحليم في معظم حفلاته، واستطاع أن يطوع الجيتار للأنغام الشرقية.

عزف عمر خورشيد خلال إحدى حفلات العندليب
" frameborder="0">

لم يكتف عمر خورشيد بمصاحبة عبدالحليم حافظ فقط، إذ ضمته أيضًا كوكب الشرق أم كلثوم لفرقتها، على الرغم من صغر سنه، وقلة سنوات خبرته في عالم الموسيقى، كما عمل أيضًا مع الموسيقار فريد الأطرش وغيرهم من المطربين.
وقد اختصر عمله مع هؤلاء العمالقة سنوات من مشواره الفني، وفتحت له عالم النجومية والشهرة من أوسع أبوابها، ومع وفاة أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، تردد عمر خورشيد في العمل ضمن الفرق الموسيقية التي تصاحب مطرب أو مطربة آخرى، فاتخذ قرارًا بالعمل وحده مع الفرقة الموسيقية التي كونها من مجموعة من أمهر العازفين، واستطاع بقدراته الفريدة في العزف على الجيتار الاقتراب من الجماهير سواء في مصر أو العالم العربي بأكمله.
وقدم في تلك الفترة 9 شرائط كاسيت، حمل 5 منها اسم "عمر خورشيد وأغنياته الساحرة" وتضم الآخرى عزفًا منفردًا على الجيتار لـ15 قطعة موسيقية من تأليفه.

الموسيقى التصويرية
لم يتوقف إبداع عمر خورشيد عند ذلك فقط، إذ اتجه إلى مجال آخر يثبت فيه موهبته وإبداعه، وهو تأليف الموسيقى التصويرية للأفلام، حيث قام بعمل الألحان والموسيقى التصويرية لحوالى 46 فيلمًا.
ولأن عمر خورشيد امتلك الكثير من مواصفات النجم السينمائي، وأهمها الشهرة، والوسامة والحضور، كان من الطبيعي أن يقتحم المجال الفني كممثل، خاصةً أنه عشق التمثيل منذ طفولته، منذ أن كان يرافق والده في الاستديوهات، وكان من المفترض أن يقوم بالتمثيل وهو طفل في فيلم صراع في الوادي للمخرج يوسف شاهين الذي رشحه للقيام بدور في الفيلم، ولكن إصابته بالحمى قبل التصوير منعته من الاشتراك.
وكان ابنتي العزيزة الفيلم الأول الذي شهد ميلاد عمر خورشيد كممثل، ورغم أنه لم يكن دورًا كبيرًا، إلا أنه أثبت من خلال موهبته الفنية، فسعى المخرجون لتقديمه في العديد من الأفلام، نذكر منها أعظم طفل في العالم وجيتار الحب وحتى آخر العمر وشفاه لا تعرف الكذب، وكان آخر فيلمين قدمهما هما العرافة ودموع في ليلة الزفاف، والغريب أن هذين الفيلمين يشهدا موت البطل الذي يجسده عمر خورشيد، ففي فيلم العرافة تنبأت له العرافة في الفيلم بالموت خلال عام، وفي فيلم دموع في ليلة الزفاف مات في حادثة سيارة، وهو ما حدث له في الحقيقة.

عمر خورشيد وعزف رائع على الجيتار  فى فيلمه " جيتار الحب"
" frameborder="0">

4 زيجات
مثلما كانت حياة عمر خورشيد مليئة بالنجاحات الفنية سواء كموسيقار أو ممثل، فإن حياته الخاصة لم تخل من الزيجات المتعددة سواء من داخل الوسط الفني أو خارجه، وكانت البداية من السيدة أمينة السبكي، التي تعرف عليها في إحدى الحفلات التي تقدمها فرقته، وبعد عدة لقاءات جمع الحب بينهما، فاتفق على الزواج، وأقيم حفل الزواج في أكبر فنادق القاهرة، وحضرته أم كلثوم والموسيقار محمد عبدالوهاب وغيرهم من النجوم والمشاهير، وعلى الرغم من الحب الذي جمع بينهما، إلا أن الخلافات سرعان ما دبت بينهما بعد أشهر قليلة من الزواج، بسبب غيرة الزوجة الشديدة عليه، فتم الانفصال بعد عام واحد من الزواج.
الزيجة الثانية لعاشق الجيتار كانت من داخل الوسط الفني، حيث تزوج الفنانة ميرفت أمين، بعد أن اشتركا سويًا في فيلم أعظم طفل في العالم، ولكن تلك الزيجة أيضًا لم تستمر كثيرًا، فنتيجة لانشغال كل منهما في عمله، زادت الخلافات بينهما، وانتهت بالطلاق بعد أشهر قليلة من الزواج.

دينا
كانت الزيجة الأطول في حياة عمر خورشيد من اللبنانية دينا، حيث تعرف عليها أثناء وجوده في لبنان لتصوير فيلم جيتار الحب مع جورجينا رزق، وتعددت اللقاءات بينهما، واتفقا على الزواج والاستقرار في مصر، وعاشا سنوات من السعادة، حيث شهدت تلك الفترة قيام عمر خورشيد ببطولة العديد من الأفلام، كما عملت دينا كخبيرة تجميل، وزادت شهرتها في هذا المجال، ولكن في الفترة الأخيرة من زواجهما دبت العديد من الخلافات بينهما، وإن لم تصل للطلاق.
الفنانة مها أبو عوف كانت الزوجة الأخيرة لعمر خورشيد، وعلى الرغم من أنه كان حينها لايزال متزوجًا من دينا، إلا أنه أحب مها أبو عوف، واتفق معها على الزواج، وعلى الرغم من معارضه والد مها أبو عوف في البداية، إلا أن عمر خورشيد تعهد له بأن زواجه من مها سيكون زواجه الأخير، كما أنه في خلال شهرين سينهي زيجته من دينا، فوافق الأب في النهاية، وبالفعل تم الزواج الذي لم يستمر سوى 5 شهور فقط، بسبب وفاة عمر خورشيد، وكانت مها أبو عوف حينها حامل في الشهر الرابع، ولكنها عقب وفاته أصيبت بانهيار عصبي وإجهاض.

شريهان
على الرغم من أن عمر خورشيد وشريهان ليسا أشقاء من الأب والأم، وكان يكبرها بحوالى 19 عامًا، إلا أن العلاقة بينهما كانت خاصة جدًا، فكان بمثابة الأب والصديق بالنسبة لها، وكان عمر خورشيد من أكثر الداعمين لها ولموهبتها الفنية، ومنذ صغرها كان يشجعها ويوجهها، وعندما كانت تشترك في العروض المسرحية التي تقيمها مدرستها، كان يذهب لمشاهدتها، ويقدم لها نصائحه الفنية، ولذلك عندما توفى، أصيبت بصدمة شديدة، حيث شعرت بأنها فقدت أقرب إنسان لها، وكانت حينها تقدم مسرحيتها سك على بناتك، وفي إحدى حواراتها قالت عنه "الحياة من دون عمر ليس لها طعم، فقد كان أخي وأبي وصديقي".

رقص شريهان على موسيقى عمر خورشيد
" frameborder="0">

الرحلة المشئومة
يفضل كثير من الفنانين أن يكون لهم مواقف سياسية معلنة، إلا أن عمر خورشيد كان بعيدًا عن السياسة ومشاكلها، ولكن رغم ابتعاده عنها، إلا أنها لم تتركه، حيث فوجىء باختيار الرئيس السادات له ليعزف بعض مقطوعاته الموسيقية أثناء توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، وعلى الرغم من خوفه من هذه الرحلة وتوابعها، لكنه فى نفس الوقت لم يستطع رفضها لأنه كان أمرًا رئاسيًا وواجبًا وطنيًا، وبالفعل سافر عمر خورشيد، ووقف على المنصة الرئيسية للبيت الأبيض، بعد أن قدمه الرئيس الأمريكى جيمي كارتر، وعزف مقطوعة "طلعت يا محلا نورها" لسيد درويش، و"ليلة حب" لبليغ حمدي أمام 1500 مدعو صفقوا له طويلًا إعجابًا بعزفه الرائع.
وعلى الرغم من أن عزفه في البيت الأبيض جلب له شهرة عالمية، إلا أنه في نفس الوقت تم اتهامه بالتطبيع مع إسرائيل، وقامت بعض البلاد العربية المناهضة لاتفاقية السلام بمقاطعته ووضعه على القائمة السوداء، بزعم أنه سافر لإسرائيل، وسيقوم بالاشتراك في فيلم إسرائيلي، وهو الأمر الذي لم يكن صحيحًا.

وفاة مفاجئة
في تلك الفترة تعرض عمر خورشيد لسلسلة من الشائعات والحوادث الغريبة، فقبل وفاته بأربعة أشهر تعرض لحادث سيارة، حيث اصطدمت سيارته بسيارة نقل، فتهشمت تمامًا، ولكنه نجا وزوجته من الحادث، وقبل وفاته بعشرة أيام، انتشرت شائعة بأن الطائرة التي أقلته مع بعض الفنانين إلى إستراليا- حيث كان يقوم بإحياء عدة حفلات- سقطت بهم، فبدأ يشعر بأنه مستهدف، خاصةً مع التهديدات التي كانت تصل إليه بسبب اشتراكه في حفل البيت الأبيض.
وجاءت الوفاة يوم 29 مايو عام 1981 بحادثة مروعة، ففي هذه الليلة، وعقب انتهائه من عمله في أحد الفنادق الكبرى، وكانت بصحبته زوجته دينا والفنانة مديحة كامل التي كانت تسير خلفهما بسيارتها، تعرض لمطاردة سيارة غامضة لم تتركه إلا بعد أن تأكد صاحبها أن خورشيد صدم عمود الإنارة، حيث أصيب إصابات بالغة، وتوفى قبل ذهابه للمستشفى، أما زوجته فأصيبت ببعض الكسور، ولكن تم علاجها.
وقد انطلقت الشائعات والقصص عقب وفاته، حيث قال البعض إن الحادثة كانت مدبرة من قبل مسئول سياسي كبير في هذا الوقت لوقوع ابنته في حب عازف الجيتار الشهير، وقيل إن أحد المنظمات الفلسطينية قتلته لأنها قررت قتل كل من ذهب مع السادات لواشنطن لتوقيع مبادرة السلام المصرية الإسرائيلية.
وبموته الذي لا يعرف أحد حقيقته حتى الآن، وما إذا كان مدبرًا أو قضاءً وقدرًا، رحل الموسيقي البارع والفنان الموهوب والدنجوان المحبوب في قمة مجده وعنفوان شبابه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى