تعتبر الفنانة التشكيلية صورية زاركي من الأسماء الواعدة في عالم الفن التشكيلي المغربي، تعمل برؤية ومشروع فني واضح المعالم ودقيق التفاصيل، تطوّر طريقة عملها إلى الأفضل، فهي تحملك في لوحة لها رمزيتها الإبداعية للبحث عن تفاصيل النقاء والصفاء التي قد يخفيها سواد الواقع.
بدأت صورية زاركي الظهور منذ نعومة أظافرها، كانت تبحث خلالها عن هوية وتميُّز حققتهما منذ البداية ومع السنوات تأكّد إسمها ضمن مبدعي الفنون التشكيلية الجميلة.
عملت الفنانة صورية زاركي على تنمية هذه الموهبة، فقررت أن تعيد إحياء هذا الفن الجميل ومنها بدأت إنطلاقتها الفنيّة، لقد عملت على تطوير هذا الفن من فكرة التّطريز على الملابس إلى لوحات فنيّة جميلة، فقد طوّرت موهبتها في فنّ الرّسم التشكيلي، ومن هنا أيضاً بدأت رحلة الابداع، قدّمت خلاله قطعاً فنية رائعة، فهي تمزج بين الخامات التراثية من ملمس الثوب، وكذلك بين الفنون اليدوية كشغل الخيط والرسم والتطريز، كل هذه المفردات لا تجعل اللوحة سهلة لكن تجعلها أكثر تعقيداً، فكيف يمكن أن تمزج بين أكثر من شكل في تصميم واحد وفي نفس الوقت تكون اللوحة مبهرة ومميزة ومقبولة للعين، هذا كله يحتاج إلى فنان محنّك يمزج الألوان والمفردات المختلفة بحرفية وحس، كما لعبت " صورية " أيضاً على مزج أكثر من لون فى تناغم ونعومة لتعطينا أجمل اللوحات، فهي تحاول أن تحاكي كل ما تحس به، بينما تبقى الرموز هي الملهم للوحات المطرزة، وهي اللوحات التي تحيكها بنفسها.
لوحات مطرزة لم تخل من دلالات فنية جميلة، مزجت فيهما ما بين الرسم الجميل والتطريز الأصيل، في انتصار فني واضح للهوية المغربية، فقد جذبت أناملها الذهبية الكثيرات من البنات والنساء للتعلم على يديها، فهي لا تبخل عليهن بأي شيء، بل تقدم لهن كل ما تعرفه من فن وإبداع، حيث بدورها نهلت بريشتها من إبداع الخالق لتقدِّم لنا لوحة فنية تمتلئ بالتفاصيل والأسرار.
تحمل الفنانة صورية زاركي منسوجاتها بكل لطف، تمسح عليها بحنو وتضعها في مكانها، فكل قطعة هي جزء من الروح ومن حباب العين، أخدت وقتاً في صناعتها والتركيز على أدق التفاصيل لتكون بتلك الجمالية، فمنذ طفولتها كانت تلاعب الخيوط والريشة حتى أصبحت فنانة متمكنة من كل تفاصيل العمل الفني، فأغلب أعمالها تشد إليها الناظر بابتسامتها الجميلة، فهي حالمة كما الفراشة، بيدها تمسك الريشة وتبدأ عملية النسج والابداع.
ما إن تدلف إلى مركز "لالة صورية" لتعليم الفنون بالدار البيضاء، حتى تجد فضاء المركز بأكمله تحول إلى تحفة فنية، القطع تتوزع لتروي تفاصيل مختلفة تضعك في ذات الأجواء، إلا أنه وبالاقتراب أكثر، يتضح لك أن تطريزات فنية مختلفة تتخلل عمق الأقمشة المعروضة، لتتحوّل من مجرد قطع قماشية إلى لوحات فنية تدهشك بجمالياتها.
هي العاشقة لكل ما هو تقليدي، هي الحالمة والمجددة، مُحبّة التطريز وعاشقة النسيج، أبدعت في المزج بين التشكيلي والتطريز لتقدِّم عملاً يمثّلها ويكشف عن بهاء عالم المنسوجات التقليدية. المبدعة صورية زاركي ككل مرة تقدّم بصمتها التراثية الخاصة في أعمالها، تشارك حالياً في معرض بالدار البيضاء بلوحات في غاية الروعة جمعت فيهم تقنيات مختلفة والتطريز بخيوط ملوّنة وجذّابة، لوحات تنم عن فنانة حقيقية طوّرت تجربتها لإيمانها بقدرتها على النجاح.
تبقى أعمال الفنانة التشكيلية صورية زاركي مميزة، فهي تستعمل مختلف الألوان التي تساعدها في خلق نوع من التناغم والإيقاع المناسب في خلق الأثر الإبداعي، وتمنح اللوحة الفنية تركيبتها الدقيقة وتأثيرها على المشاهد، فنانة تجيد توظيف القيمة اللونية لخدمة الموضوع شكلاً ومضموناً في تصوير ما تشعر به وفق أحاسيسها، بهدف إنتاج رسومات تسر الناظرين، فعلاً رسوماتها ساحرة تغري عين المشاهد وتثير مخيلته.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة