بعد سنة من الحزن والمآسي وما خلفته جائحة كورونا من ندوب اقتصادية واجتماعية، قررت أن أستهل مقالتي مع بداية العام الجديد بالكلمة الطيبة وتأثيرها على النفوس، فالكلام الطيب يضيء أرواح الناس، نعم فنحن بحاجة إليه، يقول المصطفى عليه أزكى الصلاة والسلام (الكلمة الطيبة صدقة) والإنسان يستطيع أن يخرج الكلمة الطيبة مثلما يخرج المسيئون كلمة السوء، الأولى تؤجر عليها والثانية تؤثم عليها، وقد كان سيد الخلق يوصف بأنه حلو الكلام وعذب الحديث وطيب المعشر، وقد نزلت عليه الآية الكريمة "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ."
القرآن الكريم بيّن لنا أهمية الكلمة الطيبة وعظيم أثرها واستمرار خيرها، وبين خطورة الكلمة الخبيثة وجسيم ضررها وضرورة اجتثاثها، يقول جل جلاله: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ".
وقد تم عمل دراسة ميدانية حديثة على تأثير الكلمة الطيبة وعكسها، فكانت النتائج مبهرة حيث أن معظم الناس الذين تمت عليهم الدراسة، تحولوا من أناس مسالمين إلى أناس أشرار بنسبة 75 في المائة وخمسة في المائة إلى مجرمين والباقي إلى أشخاص متوثرين كل ذلك بسبب الكلمة، نحن للأسف لا نهتم بالكلمة الطيبة ولا نراعي ذلك عندما نتحدث إلى الأشخاص وخاصة من يخيل لنا أنهم أقل منا درجة ونحن كلنا سواسية، لهذا تجد الناس في معركة طوال اليوم وطبعاً بطريقة غير مباشرة نكون متوثرين، و فاقدين لأعصابنا مما يسبب تأثيراً على كل من حولنا.
و بصراحة هناك سؤال يطرح نفسه، وقد أعجبني موضوع يتكلم عنا نحن سكان الأرض الحاليين، كيف سيكون حال الارض بعد مائة عام أي 2120، لن تجد أحداً من البشر حالياً في ذلك الزمن، بيوتنا سوف يسكنها أناس غيرنا لا نعرفهم، ربما قد يكونوا من أهلنا ولكن لا نعرفهم ولا يعرفوننا. جميع ما نملك سوف يتصرف فيه غيرنا، فلماذا كل تلك الحرب على الحياة ونحن نعلم بأننا سوف نتركها لغيرنا، من منا يفتكر آباء وأمهات أجداده أو يترحم عليهم وهم في الأساس من لهم الفضل بعض الله في وجودنا.
الحياة جميلة إذا نظرنا لها بشكل جميل والكلمة الجميلة تخلق الحب بين الناس، لقد شعرت بذلك من خلال تجربتي التي عشتها مع أصدقاء لم أتقابل معهم، بل تواصلت معهم فقط من خلال صفحتي على الفيسبوك، أناس أحبوني وأحببتهم من خلال الكلمة الطيبة، أشعر بهم كأنهم أهلي وأحبابي، نعم، كنوز الدنيا لا تساوي شيئاً أمام حب الناس الصادق بدون أي مصالح.
الكلمة الطيبة في زمن الجفاف أعذب من الماء البارد: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً"، كل شخص تقابله يخوض معاركاً في حياته لا تعلم عنها شيئاً، كن بلسماً للجراح دائماً ولا تكن علقماً تزيد الجرح عمقاً، يارب بارك لنا في ذكرك ولا تشغلنا بغيرك.
المجلة غير مسؤولة عن الآراء و الاتجاهات الواردة في المقالات المنشورة