الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

أول الحكاية

  • 1/2
  • 2/2


لم تكن تعلم أن القدر ينسج حكايتها مع القلم منذ الطفولة حين   تفتحت عينيها على الحرية والإنطلاق ،وما شهدتها من رعاية خاصة من والدها المثقف التي شجعها ،وقدم لها الكتب في صغرها هدية للتعرف على بطولات نساء لهن تاريخهن عبر التاريخ مثل سيدتنا خديجة بنت خويلد وحكمتها ووقوفها إلى جانب سيد الأنبياء والرسل النبي الامي الذي أرتبط منها وأسس أول دولة إسلامية ديمقراطية وفق الشريعة الإسلامية ما طبقه من تشريعات إستقاها من القرآن الكريم الكتاب المنزل عليه من الله خالق البشر أجمعين الأعلم بنفوسهم فتعلمت منها الكثير كأم وزوجة ومربية وقائدة في موقعها الإعلامي ،ثم قرأت زنوبيا ملكة تدمر وحايتها مع السلاطين ،وقصة سيدتنا مريم البتول وتعبدها وإخلاصها لله بطهرها وإنجابها الرسول عيسى المسيح ولدها ،وما تعرضت له من الظلم وما صبرت كي يكبر ويحمل الرسالة الآلهية ،وقصص الخنساء وصبرها على مقتل أخيها صخر ،وخولة بنت الأزور ومشاركتها في المعارك مع الصليبين وقصص نساء الرسول وصبرهن معه في نشر الدعوة الإسلامية،جميع هذه القصص أثرت فيها وجعلت منها فتاة تخط طريقها بحرية   بالرغم من حياة الانفتاح الرحبة التي وفرت لها  ،بأجواء استثنائية من الحب الابوي والدفء الاسري والدعم اللامحدود من معلميها واساتذتها حين بدأت حكايتها مع القلم والإعلام .
إنها إمراة عشقت الحرية والعفوية ،والتلقائية في الحديث ببراءة ،وفي الخوض بأجواء المغامرة والمشاركة ،وحب الحوار مع الآخر  وفي التعبير عن الرأي وطرح الآراء بصراحة متناهية وفتح باب المناقشة والاستفسار عمن حولها بفضولية عفوية ،والتي زرع بذورها منذ الصغر
والدها رحمه الله كان مثقفا مطلعا صاحب فكر ثاقب ولديه رؤى استشرافية للمستقبل المشرق لها ،كان هذا الرجل الفاضل وراء عشقها للقراءة ،ومتابعة للأحداث من حولها ،وكان في الحقيقة أكثر من والد ،بل صديق قريب يحفزها ،ودون أن يعلم وهي وجلة منه نبيهة تستقي منه الخبرات والدروس في الحياة .ثم بدأت حكايتها مع القلم والورقة وبدأت تميل للكتابة ،وتدوين كل ما يصادفها في حياتها من أحداث لها تأثير عليه ،وتنظم الشعر وتكتب الخواطر والنصوص النثرية وترسلها للصحف والمجلات للنشر ،وفي إحدى قصائدها أجابت بحرأة حين سألها قاريء نجيب  من أنت ولماذا تكتبين ولمن تتحدثين ومن هو قمرك ،قالت قمري زوجي حبيبي ،،وقصة إبداعي بدأت منذ ولادتي ، فأمي ورقة وأبي قلم ،وبيتي مصقول بأغلفة حكايا ألف ليلة وليلة ،وكليلة ودمنة، وقصص نجيب محفوظ وطه حسن وغادة السمان ،جدرانه أوراق صحيفة،ونوافذه مطويات أدبية ودوواين شعر نزار قباني ومحمود درويش وأحمد شوقي  ،و فراشي لحائف  من كتب ،وقمري مصدر إبداعي  غائب حاضر  بوجدتني يأفل ثم يعود بمنامي ، نظمت كل ما يخطر ببالي  وكل ما صادفي بحياتي  من قصص حصدتها ووجدتها  في كتب ومؤلفات كبار الكتاب والصحافيين   وكتبت مقالات صحفية،و نشرت إبداعي  عبر الوكالات والصحف الورقية والمواقع الإلكترونية .
وبعد أن نضجت موهبتها بدات ترسم خيوط الحكاية منذ البداية  ، أصبحت امرأة لافتة بمشاعرها التي تنعكس بكتاباتها ،وغدت سيدة أكثر وعيا ودراية بما حولها ،وأنثى فاتنة ترمقها العيون المعبرة عن الإعجاب بها ،رشيقة كثيرة الحركة جاذبة،كانت تفوح منها رائحة عطر لافتة ، في كل مكان تحل به ،وبأجواء حيوية خاصة مفعمة
بالحياة صممت طريقا لم يكن مزروعا بالزهور من حديقتها التي تعجها الأحداث ، ما جعل طريقها غير سالكة كما تتمنى ،وجعلت الطبيعة رفيقتها فتناولتها في معظم كتاباتها ،مترجمة أحلامها
في لهوها وفي صداقاتها وفي
اهتمامها بنفسها ،وتعلمت كافة الفنون الأدبية والصحفية ،وكتبت مذكراتها بعفوية وخاضت تجربة انتخابات برلمانية في وطنها الأم الذي لم يحنو عليها بل دفعها للهجرة والرحيل إلى خارج حدوده
وبقيت تبذل الجهود من أجل أن تحافظ على الجمل من السقوط كي لا يكثر حوله الجزارين ،وأنشدت اخترت الرحيل ،وغادرت بعيدا إلى لبنان بلد الجمال ، وبدأت محاولات عدة في
الكتابة الصحفية ، ثم تطورت للتحول إلى
صحفية مهنية تجول متلعثمة في
مدينة حائرة بين الطائفية والعنصرية ،وضبابية الجنسية ، ثم كبرت
وذهبت إلى مدينة البقايا التراثية ، ذات المعالم الأثرية التي يغلب عليها الطابع ألفسيفسائي بما يعكس
طبيعة سكانها من كافة المنابت والأصول ،فتلونت موهبتها التي صقلت بملامح التصاميم المختلطة والمتشابكة في مشاهد
مبانيها التراثية وعشائرية المدينة القاتلة ،التعصب القبلي ذات الصدى التاريخي ، ورغم كبواتها المتكررة عادت وتألقت واشتهرت كناقدة صحفية تشير إلى كل ما يشوه مظهر مدينتها السياحي الراقي الجميل ،فأبدعت في الكتابة عنها وفي إبراز بيوت الشمس فيها وأشادت بتصاميم الرومان والحضارات المتعاقبة
عليها التي جعلتها حديث سكان المدينة ومحط إعجاب الجنس الآخر بها ،فواجهتها  الذئاب  البشرية ،واعترض المقربين منها طريقها  وأغرقها الطوفان وهدها الإعصار ودمرتها
العواصف والصواعق البشرية
،فارتحلت إلى خارج الديار
وشدت الرحال إلى خارج حدود الأهل والاحبة من الجيران
،وواصلت طريقها في نسج حكايتها ومع الايام بقيت صامدة على
مبادئها وعاشت في غربة لوحدها ما بين عمان وبيروت ومأدبا ثم دبي بالإمارات  إلى أن حطت رحالها في عجمان ورغم وجود أهلها حولها تزوجت ،إلا أنها بقيت وحيدة مع كتاباتها،وصديقها ورق ودخان وحاسوب 
وقلمها تحير من قصصها  المبعثرة ،التي لم تخلو أبدا من المحبين و أهل الخير الطيبين الذين وقفوا إلى جانبها واحتضنوا إبداعها
فقط هؤلاء كانوا أصدقائها ،مثل بقايا قصاصات من إنتاجها عبر مسيرة حياتها العاثرة ،وأصدرت بعض كتب ومجلات وكان الفرقان رفيقها ومصدر إلهامها كي تستقي منه الدروس والعبر ،وغاب طيفها وقمرها وخلفوها كالركام تائهة بين الصحافة والإعلام والكتابة الأدبية والإبداع ،،وها
هي كما بدأت تتبع بدقة وذكاء
أول خيط من تصاميم حياتها ،ليكون بارقة أمل تبعث فيها الحياة من جديد لتحقيق أحلامها الوردية النرجسية في عالم
الكتابة والصحافة مهنة المتاعب والإبداع،،،،، إنها
سيدة ألليلك البنفسجية التي تعشق الادب والصحافة والإعلام ،
الحياة ،وتعشق كل من يملك قلبا طيبا ناصع البياض يحاورها ،وقلبا صادقا لا يجاملها ،وأنيسا مؤنسا لوحدتها في حضرة غياب والدها ،وضياع جزء من قافية قصيدتها ، وهي التي تعمل بجد وإبداع دون كلل كي يخرج حلمها إلى النور ،وكي يعلم العالم أجمع أن الكتابة الأدبية والصحفية زادها وزوداها في هذه الحياة الطيبة المبنية على الإيثار والوداعة
والتوكل على الله والإيمان بقضائه وقدره خيره وشره،وما زالت تنتظر القدر ليغير مجرى حياتها نحو الأفضل بين المغامرة والمخاطرة ستعرضها  في جزء ثان ستبثه في مقال مقبل الأسبوع القادم  .

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى