يعبر العديد من النقاد والمتخصصين والمشاهدين، عن استيائهم مما تتضمنه العديد من الأعمال الدرامية التليفزيونية التي عرضت في شهر رمضان في الأعوام القليلة الماضية، من تكثيف لمشاهد العنف والانحلال الأخلاقي، بكافة صوره؛ فما بين سهولة العلاقات العاطفية غير الشرعية وكأنها أصبحت أمراً عاديّاً في مجتمعاتنا العربية، وما بين انحدر الحوار إلى مرحلة وصلت إلى خدش حياء المتلقي، وما بين فساد كل الشخصيات التي تجسد أصحاب المناصب القيادية، وما بين انحدار لغة الحوار بغض النظر عن الطبقات الاجتماعية، وحتى الأعمال التي يظن المشاهد أنها كوميدية لم تسلم من تجاوزات وإيماءات فجة في الحوارات والمشاهد، لا تليق بالأسرة التي تلتف حول شاشة التليفزيون بدون أي اعتبار لكوننا لم نصل إلى مرحلة"تسنين العمل الدرامي التليفزيوني"، بمعنى توجيه أنظار المشاهدين لعدم ملاءمة العمل لمرحلة عمرية معينة، إلا في نطاق ضيق جداً، بدأ يظهر في العام الماضي في أعمال قليلة، ولكننا لم نحرص على إذاعة مثل هذه الأعمال التي لا تلائم الأطفال في توقيت متأخر كما تفعل بعض الدول الغربية، وهذا يحدث كإجراء حضاري، خاصة بعد الدراسات التي أثبتت ازدياد نسب الجريمة وتناول المخدرات والتدخين والعنف بسبب بعض الأعمال الدرامية التي يتربع نجومها على عرش قلوب المراهقين والشباب.
إن الإعلام أصبح مدرسة الشعوب، وخاصة الإعلام المرئي، في ظل سيطرة ثقافة الصورة المرئية، فهل يدرك صناع الدراما مسؤوليتهم تجاه جيل أصبح التليفزيون هو المربي الأول له؟ ومتى تعود الدراما التي يمكن أن نطلق عليها دراما تربوية؟ تلك الدراما الهادفة التي تحتاجها مجتمعاتنا في هذه الآونة، مثل "يوميات ونيس" للفنان القدير محمد صبحي، التي تربّت عليها أجيال ماضية، بالرغم من ندرة إذاعتها على الفضائيات بالمقارنة مع أعمال أخرى. ومتى تستثمر رؤوس الأموال العربية في إنتاج أعمال درامية تسهم في تطور المجتمع وتكون بمثابة دراما تحفيزية إن صح لي التعبير؟ فهل خلت المجتمعات العربية من نماذج بشرية في كافة المهن والتخصصات والفئات والطبقات تؤثر في المشاهد إيجاباً؟ وهل نضبت أدوات الكاتب والمخرج عن إيصال رسائله بدون خدش حياء المشاهد أو رفع ضغطه أو إحساسه بالخزي والعار من مهنته أو طبقته أو مجتمعه أو بلده؟!
إننا نحتاج أن تقدم لنا الدراما بصيص أمل في غد مشرق، نحتاج من الدراما أن ترتقي بنا وبلغتنا وحوارنا وسلوكياتنا وبأبنائنا...
عبير الكلمات:
ما أجمل أن نسمو ونرتقي بأهدافنا وبأحلامنا! لحظتَها سوف يهون الجهد والتعب والمشقة الذي نشعر به ونحن نسعى لتحقيقها.