هدفها تعزيز مكانة المرأة وتشجيعها على الإضطلاع بأدوار ريادية في الشأنين العام والسياسي على قاعدة المساواة مع الرجل، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مهاراتها والضغط لإبراز الصورة الحقيقية للمرأة اللبنانية في الأوساط الإعلامية من خلال الترويج لحملات توعية شاملة ومتواصلة. هي جمعية «نساء رائدات» التي تأسست أواخر العام 2012 على أيدي جويل بو فرحات، ندى عنيد وبولا مجدلاني. عن أهداف «نساء رائدات» ونشاطاتها هذا الحوار مع إحدى مؤسسات الجمعية جويل بو فرحات (بمشاركة ندى عنيد).
* ما هي «نساء رائدات»؟
- «نساء رائدات» هي جمعية غير حكومية تُعنى بشؤون المرأة وتدعمها للوصول إلى مراكز القرار في الشأنين العام والخاص. تأسست الجمعية أواخر العام 2012. آنذاك توجهت أنظارنا نحو المجلس النيابي ووجدنا أنه ليس على مقاعده سوى أربع نساء مقابل 124 نائباً، وهذه المشاركة تعتبر من أدنى النسب في العالم وهو أمر معيب بحقّ المرأة اللبنانية المتعلمة والناشطة، والتي حققت العديد من المنجزات.
* ما هي أهداف الجمعية؟
- أن نعزز دور المرأة ونزيل الإجحاف اللاحق بها، إذ من المفترض أن تتمثل المرأة في البرلمان بطريقة أوسع. ولن نعتمد على 124 رجلاً (نائباً) ليغيروا القوانين لإقرار حقوق المرأة، لذلك كان من بين أهدافنا الأساسية إيصال النساء إلى البرلمان. أما هدفنا الثاني فهو إيجاد كوتا نسائية مرحلية، وأشدّد على كلمة مرحلية، إن كان في البلديات أو مجلس النواب أو الوزراء، لكي تشارك المرأة الرجل في صنع القرار السياسي. بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق المرأة السياسية وإقرار قوانين ترفع عنها الظلم والإضطهاد. الحملة الإعلانية التي أطلقناها كانت واضحة لتتحرك النساء لأنهن جزء من المجتمع ولا يجوز أن نقول إن السياسة فاسدة وليست لنا، نحن هنا لنساعد الرجال في إصلاح السياسة.
* لماذا «نساء رائدات»؟
- في البداية الفكرة انطلقت مع عبارة أو اسم Women Infront باللغة الإنكليزية. ويتركز هدفنا من خلال هذا العنوان على مساعدة المرأة في تسلّم مراكز القرار، وكسر السقف الزجاجي الذي يقيّدها ويقيّد عملها، واخترنا «نساء رائدات» اسماً للجمعية باللغة العربية.
* كيف يجري اختيار النساء الرائدات؟
- انطلقنا من الواقع مباشرةً وبدأنا برصد النساء الناشطات والفاعلات في المجتمع، نساء مؤهلات لديهن خبرة وجاهزات للظهور أمام الإعلام، وجمعنا 132 سيرة ذاتية في كتيب. معظم الإعلاميين في البرامج الحوارية لا يجرون مقابلات مع نساء، اللبناني إذا لم ير إمرأة على الشاشة تتعاطى الشأن السياسي يعتقد أن النساء غير مؤهلات ليشاركن الرجل السلطة أو يناقشن شؤوناً تعني المواطن والمجتمع.
* على أي أساس يتم اختيار النساء؟
- على أساس الخبرات في مختلف المجالات، ويجب أن تكون المرأة مؤهلة للظهور أمام الإعلام وتود أن تشارك مشروعها الإنتخابي مع المجتمع.
* ما هي أبرز منجزات الجمعية؟
- أنشأنا دليل النساء الرائدات 2013 ضمن مشروع «الإعلام يدعم النساء الرائدات»، وأقمنا حملات إعلانية لتشجيع المرأة على الترشح والإقتراع، ولاحظنا حركة نسائية متحمسة وبالتالي شعرت المرأة بأنها ليست بمفردها وهناك تحالفات نسائية تشجعها على هذا الدور. وظهر الفرق أيضاً من خلال عدد المرشحات اللواتي تقدمن للترشح على المقاعد النيابية في العام 2013 بحيث بلغ عددهن 45 مرشحة ومعظمهن إنضممن إلى الجمعية، بينما في العام 2009 لم يتجاوز عدد المرشحات 12. هذا يعني أن المرأة عندما تجد دعماً معنوياً تخوض التجربة وتترشح. كما أننا تلقينا دعوةً خاصة وُجهت إلى الجمعية لـ11 مرشحة ليشاركن في جلسات البرلمان الأوروبي في القمة الأورومتوسطية الأمر الذي شكل إضافةً ودعماً كبيراً لهن واكتسبن مزيداً من الخبرة وشهدن على الديمقراطية الحقيقية واستطعن أن يعرضن آراءهن ويقدمن مشاريعهن الإنتخابية، علماً أنه لم يكن هناك تمثيل رسمي لبناني. وحتى أن المجتمعين ناقشوا قضية النازحين السوريين في مختلف الدول العربية ولم يأتوا على ذكر لبنان ظناً منهم أن لبنان لا يعاني أي مشكلة من النزوح السوري، ونحن أوضحنا لهم الصورة الحقيقية.
خلال سنة كاملة قمنا بتدريبات للنساء المرشحات ليمكن أنفسهن ويزدن خبراتهن وثقافتهن، وخصصنا تدريبات للظهور الإعلامي مع السفارة الفرنسية دعماً للمشروع بهدف تغيير الصورة النمطية للمرأة.
* بعد تأجيل الإنتخابات النيابية التي كان من المفترض أن تجرى في العام 2013، ما هي الخطوات التي تقوم بها الجمعية حالياً؟
- بعد تأجيل إنتخابات 2013 عملنا على إستراتيجية جديدة قسمناها إلى قسمين، القسم الأول برلمانيات 2014، ويتضمّن حملة إعلانية لتوعية النساء والعمل على اقتراح قانون إنتخابي جديد يقرّ كوتا نسائية. وفي القسم الثاني نعمل على إيجاد لوبي ومناصرين من كل الأفرقاء الذين يملكون القرار وبإمكانهم مساعدتنا. هذا في ما يتعلق بالشق النيابي.
* ماذا عن الشأن البلدي؟
الشق البلدي يُعنى بتنمية قدرات النساء في المناطق، ومعظم النساء يبدأن بالعمل المناطقي ثم يتجهن نحو الأشمل والأوسع على مستوى الوطن. العمل المناطقي أسهل لأننا نعمل على صعيد منطقة لا على صعيد وطن، ولذلك أطلقنا مشروع «نساء في البلديات»، ويهدف إلى رصد 180 إمرأة من مختلف المحافظات وتجهيزهن لإنتخابات البلدية في العام 2016. ورصدنا عدداً من النساء ويتم تدريبهن وسيكون لدى كل إمرأة مشروعها لتعرضه على بلديتها وتشاركه مع النساء في المحافظة أو المنطقة التي ستترشح عنها.
* هل يتركز عملكن على مناطق معينة؟
- كل المحافظات في كل لبنان هي نطاق عملنا، وقد عقدنا اجتماعات في عدد من المناطق من الجنوب والشمال وعاليه وكسروان وزحلة وبيروت، نحاول أن نجمع كل المناطق.
* كيف كانت ردة فعل النساء في ما يتعلّق بالشق البلدي، خصوصاً أن المرأة ستعمل على أرض الواقع؟
- العمل الذي ستقوم به المرأة في البلدية أو في البرلمان واحد، من المشروع الإنتخابي والحملة الإنتخابية وصولاً إلى خوض المعركة الإنتخابية. وذلك بهدف تنفيذ مشروع المرأة التي ستفوز بمقعد نيابي أو بلدي وتفيد المواطن والمجتمع اللبناني من خلال الخدمات التي ستقدمها.
* هل ستعرض كل مرشحة مشروعها على الجمعية؟
- بالطبع، كل إمرأة ستعرض مشروعها الإنتخابي وسنُصدر دليلاً يتضمن 60 مرشحة مع نبذة عن مشاريعهن.
* كيف يمكن للمرأة أن تنتسب إلى جمعيتكم؟
- نحن قانونياً جمعية صغيرة ونحاول إيجاد هيكلية جديدة مؤلفة من 10 لجان، كل لجنة تهتم بموضوع معين، مثلاً لجنة تتعامل مع الأحزاب، وأخرى مع الجمعيات والإعلام والعلاقات الخارجية. وفي النهاية يتخذ القرار بالتنسيق بين اللجان والهيئة التأسيسية للجمعية. اللافت أن كل النساء اللواتي يشاركن معنا يُعرِّفن عن أنفسهن أنهن ضمن «نساء رائدات»، أي هناك إنتساب معنوي وهذا ما نسعى إليه. أي امرأة تود أن تترشح لإنتخابات بلدية وتشارك في الحياة السياسية سواء من خلال الترشح على المقاعد النيابية أو التعيين الوزاري يهمنا أن تنضم إلينا لأننا لاحظنا أن المرأة تريد هوية إنتماء لجمعية تدعمها وتدعم حقوقها.
* لماذا الجمعيات والنشاطات النسائية مهمّشة؟
- لا نزال نعيش في مجتمع ذكوري، وعندما تعرب المرأة عن رغبتها في الترشح لمقعد نيابي أو بلدي، تُسأل مباشرةً ألا يوجد رجال للترشح لهذه المناصب؟ هذا واقع نعيشه، وهذه النقطة يجب أن نتخطاها. نحن نطالب بكوتا مرحلية ليعتاد المواطن اللبناني على وجود المرأة في العمل السياسي. كما يتوجب على الأحزاب أن تقدم المرأة ككادر حزبي وتعطيها حق الممارسة السياسية وترشحها في ما بعد للإنتخابات، لأن عمل المرأة الحزبي لا يقتصر على تنظيم الحفلات!، وسأعطي مثلاً عن إمراة كانت منتسبة إلى حزب وتعمل ضمن اللجان النسائية التي أرفضها وأدعو إلى إلغائها، وهي متعلّمة مثقفة ولديها فكر ورؤية. خلال التحضير لغداء سيقيمه الحزب طُلب منها أن تغلف الشوكولا، فقالت لهم «أنا لست هنا لهذا السبب إذا لديكم مركز سياسي أعمل فيه وإلا سأرحل». وبالفعل غادرت الحزب، وأتمنى أن تحذو جميع النساء حذوها.
* بعيداً عن المجتمع الذكوري، ما الذي يعيق خوض المرأة العمل السياسي؟
- هناك عامل مهم يمنع المرأة من الترشح للإنتخابات وهو الخوف، النساء اللواتي ترشحن للإنتخابات النيابية أو البلدية أعتقد أنهن يتحلّين بالشجاعة لأن المرأة تعرف أنها في أغلب الأحيان لن تفوز بالمقعد النيابي أو البلدي. وبالتالي تتعرض لخيبة أمل، ولكن عندما تكون خيبة الأمل جماعية من خلال الإنتماء إلى جمعية الأمر سيسهل عليها، وبالتالي يجب إلغاء عامل الخوف.
وهناك أيضاً عائق الإستقلال المادي، فإذا لم يكن لدى المرأة إستقلال مادي لن تأتي لتقول للرجل أريد المال لكي أشارك وأتقدم وأعمل في الشأن السياسي، إلا إذا كانت هناك مشاركة جدية بين الطرفين.
* المرأة في هذا المجال بحاجة إلى التوعية، ماذا تفعل الجمعية في هذا الخصوص؟
- هناك مشكلة غياب دعم المرأة للمرأة، في العلن المرأة تدعم المرأة، ولكن في الحقيقة ليس هناك دعم بل عدم ثقة. المرأة بحاجة إلى دعم المرأة بغض النظر عن إنتمائها ولكي يكون الهدف الأساسي إيصالها إلى المجلس النيابي وبهذه الطريقة نتخطى أهم عائق. والتوعية مهمة جداً في هذا المجال وهو الأمر الذي نقوم به في عدد من المناطق. بالإضافة إلى أن ازدياد أعداد النساء للترشح مهم بالنسبة إلينا لأنه في حال إقرار الكوتا النسائية يجب أن يكون هناك عدد كافٍ من النساء المستعدات للترشح على مقاعد نيابية ونكون أمام خيارات واسعة.
* ما هي الكلمة التي توجهونها إلى المجتمع اللبناني؟
- على الجميع أن يعرفوا أن أحد أهم حقوق المرأة السياسية هو حق الترشح إن كانت ستنجح أو ستفشل، أعطوا المرأة حقها في ممارسة الحياة السياسية. ندعو كل إمرأة إلى أن تمارس دورها السياسي، وإذا لم تترشح فلتدعم إمرأة أخرى لكي تصل وتمثلنا... لندعم بعضنا بعضاً.