الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

قصور تجربة المرأة في الشورى

  • 1/2
  • 2/2

كان من فاتحة عهد الإصلاح الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أن أعطى للمرأة دورا اجتماعيا فعالا ودفعها لصدارة المشهد من خلال تعيين جملة من الأكاديميات في مجلس الشورى. وهي خطوة تحسب لهذا العهد الذي منح المرأة مزيدا من الحقوق ومهد لها طريق الشراكة مع آدم في بناء وتطوير وتحديث مناحي الحياة في المجتمع السعودي.
انقضى عام ومازلنا في انتظار المنجز النسائي الاستثنائي في مجلس الشورى. نعم كان من تجليات الممارسة النسائية تحت قبة المجلس، جملة من المقترحات من أجل الحد من حالات العنف الأسري وبعض حالات الإيذاء والتحرش، وكان هذا الأمر يعد لنا مفرحا لكن كان المنتظر من هؤلاء النسوة أكثر.
بالأمس القريب استطاعت عضوات الشورى إقرار توصية تتعلق بالسماح للمرأة بممارسة الرياضة وبأغلبية ساحقة، وقد هللن لهذا المنجز الاستثنائي وخرج بعض منهن للإدلاء بتصريحات تبرز عظم هذا النجاح ومجمل الجهود التي بذلت لإقراره.
هذا المنجز النسوي – الذي أعده أنا مخيبا للآمال – أعاد للذاكرة تلك الادعاءات التي طالت قرارات التعيين بخصوص أن بعض المرشحات كان سبيلهن للتعيين هو حصولهن على لقب (الدال)، وهو لقب يعد بالمفهوم المهني دراسة تكميلية عليا يتم من خلالها التحصّل على لقب أكاديمي، إلا أنه لا يعني أن صاحب أو صاحبة هذه (الدال) هو الأجدر والأصلح بين الجميع. إلا أن هذا لا يمنع أن هناك جملة ممن جمعن بين شهادة الدكتوراة وبين الخبرة والمهارة في منحى اجتماعي أو تنموي تؤهلهن للدخول من باب مبنى المجلس والمشاركة في أعماله.
كما أن هذا الإنجاز الاستثنائي قد ولد لدى بعض جملة من الأسئلة التي يبدو أنها تطل الآن برأسها وبطريقة ملحة، منها: ما الذي ستقدمه المرأة مستقبلا من خلال موضعها الحالي لمجتمعها السعودي؟ ثم هل هي تعي فعلا المطلوب منها أداؤه تحت قبة المجلس؟ وهل وجودها وتعيينها من قبلنا هو إيمان منا بأنها قادرة على إنجاز شيء ما، أو هو فقط من أجل ذر الرماد في أعين القوى والمنظمات الغربية التي تطالب بأدوار أكثر فعالية للمرأة، وتتهم المجتمع السعودي بتحييد دور المرأة وحصرها عن المشاركة في تنمية المجتمع؟
وبعيداً عن هذه الأسئلة التي تشكل الصورة الفعلية لعلاقة المرأة بالممارسة الفعلية تحت قبة المجلس، فإني أعتقد أن هؤلاء النسوة هن بحاجة لمزيد من القراءات المتعلقة بالممارسة التشريعية، وكذلك الاطلاع الفعلي على الممارسة وتجارب المرأة تحت قبة البرلمانات العالمية، ثم يلي ذلك إعداد جملة من الخطط التي تتسم بالواقعية والإدراك الفعلي لأبعاد المجتمع السعودي الفكرية والدينية، والمبني كذلك على أرقام وحقائق فعلية، وهذا الأمر في اعتقادي يحتاج لعامين على الأقل قبل الانتقال لمرحلة التدشين الفعلي لهذه المقترحات والعمل على سن القوانين والتشريعات.
أقر بأنني كنت من البداية من أكثر الداعمين للمرأة والمؤمنين بدورها التنموي والحيوي في المجتمع. ولهذا فسأقول إن فترة العام ليست مجدية في إعطاء صورة فعلية ودقيقة عن الدور المفترض أن تلعبه المرأة تحت قبة مجلس الشورى. ونحن في هذه الحالة – عند تقيييم أدائها – نهضم حقها الفعلي والحقيقي.
ولكن في المقابل أجدني أطالب سيدات الشورى بأن يتبنين مشاريع أكثر فعالية، وأن يتقدمن بمقترحات يحتاجها فعلياً المجتمع السعودي، وليس مجرد ترهات ومقترحات كمسألة الرياضة التي هي مجرد لغط منذ البدء. فالمرأة إن لم تمارس الرياضة بالمدرسة فهي تمارسها كل يوم في المنزل، وفي ظل وجود جملة من الأجهزة الرياضية التي توفرها كل أسرة لأفرادها التي لا يخلو منها أي منزل.
هناك قضايا أكثر إلحاحاً وأكثر أهمية للمرأة السعودية، منها على سبيل المثال لا الحصر، قضايا العضل وحرمانها من نصيبها من الميراث من قبل أشقائها الذكور. وكذلك مسألة التفريق بينها وبين زوجها بدعوى عدم تكافؤ النسب، وحالات حرمانها وأطفالها من قبل طليقها من النفقة. بالإضافة لمسألة مساواتها مادياً وحقوقيا بالرجل في مسألة التوظيف، وغيرها عديد وعديد من الأمور التي تهم المرأة العادية وتشغل تفكيرها. وليس تلك القضايا الهامشية كممارسة الرياضة أو ألوان الزي المدرسي.
ولهذا سأعود مجددا وأقول إنه علينا أن نعطي المرأة مزيدا من الوقت كي تثبت وجودها في الشورى وتبرز قدراتها كذلك، وأن نراهن على الأدوار المستقبلية التي ستلعبها تحت قبة المجلس، فهي صنو الرجل والشريك الفعال لنا في بناء المجتمع، التي إذا فقط منحت الثقة في ملَكَاتها والفترة الزمنية الملائمة لتعمل فيها، فإننا – من – المؤكد سنجد منها كثيرا من المنجز. ولكني فقط أطالبها بالتركيز على اختيارها لقضاياها، والانتقائية والنوعية لمقترحاتها التنموية والحيوية، من أجل صالح بنات جنسها ومجتمعها السعودي بشكل عام.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى