لفت انتباهي كلمات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر لمغرد من دولة عربية شهدت أحداثاً جسيمة، بسبب ما يسمى الربيع العربي، حيث كان يغرد بحماسة وينتقد بشكل واضح ومباشر وطنه، ومن ضمن مآخذه أن وطنه لم يقدم له شيئاً يذكر.
هذه الكلمات جعلتني أتساءل من الذي يحتاج الآخر الوطن أم المواطن؟ بمعنى كيف ننظر لموضوع الوطنية؟ هل أنا وطني فقط، عندما أكون ثرياً ومترفاً وأما الفقراء والمطحونون، فإنهم ليسوا بوطنيين؟ ولكننا نعرف من خلال التاريخ، بل وكثير من قصص الحاضر أن هناك بؤساء وفقراء ماتوا في سبيل الوطن وضحوا بالروح، وهي أغلى ما يملكه الإنسان فقط، من أجل حفنة من تراب بلادهم، فلماذا كان ذلك الشاب العربي غاضباً، وهو ممن شارك في الفوضى في بلاده حتى اليوم؟ ولماذا يرجع غضبه على وطنه، لأنه لم يقدم له شيئاً؟
لا تساورني الشكوك والظنون أن لدينا في عالمنا العربي ولدى شريحة واسعة، التباساً في معنى حب الوطن، لأنه مع الأسف باتت الأوطان تقاس عند البعض وفق المكاسب التي يحققونها، وبات الوطن كأنه سوق لا يمدحه إلا من يكسب فيه.
مع الأسف، كثير من فتيات وشباب عالمنا العربي ينظرون للوطن نظرة سطحية، وفي غير محلها إطلاقاً، وهذا التشوه في الوطنية له عدة أسباب من أهمها الحركات الإسلامية التي تسعى للهيمنة السياسية، والتي تعمل في الجامعات والجمعيات الخيرية وتحول ولاء الكثير وتقتلع الوطن وحبه من صدورهم، هؤلاء هم أعداء الأوطان والحياة، فهم يجندون الأتباع لمهمة واحدة، وهي أن يضحوا بأرواحهم، من أجل أن تصل حفنة منهم للسلطة.
أتذكر قصة قرأتها حدثت، قبل فترة من الزمن وقعت أحداثها خلال محاولة الشعب الهندي التخلص من الاحتلال الإنجليزي الطويل لبلادهم، حيث كانت فتاة معدمة وفقيرة تسمى فالياما تناضل في سبيل حرية بلادها، وشاركت في الثورة السلمية التي كان قائدها المهاتما غاندي، وتتمثل في الإضراب عن الطعام، وتم سجنها من قوات الاحتلال، ولكنها واصلت إضرابها عن الطعام، حتى انهارت تماماً وقبل وفاتها زارها غاندي، وسألها قائلاً لماذا بذلت كل هذه التضحية وأنت فتاة صغيرة في مقتبل العمر؟ فقالت: لو عاد الزمن، فإنني سأتخذ الموقف نفسه، فمن الذي لا يحب أن يموت في سبيل الوطن؟ أعتقد أن هذه الفتاة الفقيرة كانت تدرك المعنى الحقيقي للوطن والوطنية بشكل أكبر وأفضل من هؤلاء المتأسلمين الذين عاثوا بأمن أوطانهم.