عندما نتأمل أنفسنا في عيون أبنائنا، نعود بذاكرتنا إلى الوراء عندما كنا في مثل أعمارهم، في عالم غير عالمهم، ومفرداتُ عصرنا غيرُ مفردات عصرهم. وما يجمع بيننا وبينهم أننا يوماً ما كنا في مثل أعمارهم، نريد أن نقول للجميع: ها نحن صرنا كباراً!
جميلة هي رحلة الحياة حين نلمحها في عيون أبنائنا, وهم يختلفون معنا، وتارة يناقشوننا ويتمسكون بآرائهم، لنقف مشدوهين لما يحدث منهم, ولا نتمالك أنفسنا من التبسم والتساؤل بدهشة: هل هؤلاء هم أبناؤنا الذين كانوا يوماً صغاراً لا يقوَوْن على الانفصال عنا!!
ويظن الكثير من الآباء والأمهات أن أبناءهم لا بد وأن يكونوا نسخاً مكرّرة منهم، اعتقاداً منهم أنهم عاشوا حياتَهم بوعي وبمسؤولية. والبعض الآخر يرغب في أن يعوض أبناءَه أموراً حُرم هو من ممارستها. وآخرون يرغبون في أن يجنبوا أبناءهم أخطاءً ارتكبوها هم أنفسهم نتيجةَ قراراتٍ اتخذوها في شبابهم تحت شعار "الحرية".
فتتسع الفجوة بين آباء يرغبون في تكرار حياتهم في أبنائهم، أو تعويض ما حرموا منه، أو أن يجنبوا أبناءهم الشعور بالندم الذي شعروا به عندما أخطأوا، لأنهم لم يمتلكوا لجاماً يكبحون به حصان حريتهم الجامح بلا وعي، وهو ما لا يستطيع أن يدركه أبناء يريدون أن يختبروا الحياة بأنفسهم وليس بخبرات آبائهم.
ولكنها الفطرة التي فطر الله عليها قلوب الأمهات والآباء؛ حب لا محدودٌ للأبناء، الذين هم جزء لا يتجزأ من أمهاتهم وآبائهم، يمارسونه سلباً أو إيجاباً.
فرفقا أيها الأبناء بأمهاتكم وآبائكم، فيوماً ما ستصيرون آباءً وتشعرون بأن أبناءكم هم كل حياتكم. كنا أبناءً، وصرنا آباءً، ويوماً ما سيصير أبناؤنا آباءً! إنها دورة الحياة التي لا تتوقف".
عبير الكلمات:
لا أحد سواك يشعر بآلامك.... فلا تتوجه لأحد بسؤال"لماذا لا تشعر بألمي؟".