لم تعد النساء في قطاع غزة مجبرات على طرح مشكلاتهن الأسرية الخاصة أمام رجال الإصلاح، فبات هناك ما يعرف باسم "المختارات" اللواتي بدأن بالعمل فعلاً على معالجة القضايا النسائية التي لا يمكن للرجال "المخاتير" الاطلاع على كامل تفاصيلها نظراً لخصوصيتها.
وتصر المختارات على أن يكون لهن دور في حل "المشكلات الأسرية الحساسة" ومساندة النساء اللواتي ربما تضيع حقوقهن بسبب عدم قدرتهن على البوح بالتفاصيل الدقيقة لتلك الخلافات الخاصة أمام المخاتير من الرجال.
وتؤكد "المختارة" آمال عبد المنعم (51 عاما) أن وجود المختارات ساعد العديد من النساء اللواتي كن يخجلن من طرح مشكلاتهن أمام الرجال المخاتير خجلاً منهم، موضحة أن النساء بحاجة ماسة لمن يستمع لهن ويحل مشكلاتهن الأسرية الخاصة.
مواجهة الصعوبات
وتقول آمال لمراسل الجزيرة نت "واجهتنا في البداية العديد من الصعوبات، وكانت تتمثل برفض المجتمع للفكرة وخاصة بعض المخاتير، لكن بعد مواجهتنا لذلك بالعمل الميداني وحل مشاكل العديد من النساء لقيت الفكرة قبولا ودعما حتى من المخاتير الذين كانوا يرفضونها في البداية، حيث كانت المرأة التي تتعرض لمشكلة تضطر لأن تبقى صامتة على أن تبوح بمشكلتها للمخاتير".
وحول الموضوع، يقول مدير المشاريع بالمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات "إن فكرة النساء المختارات أو ما كانت تسمى المصلحات الاجتماعيات نبعت نتيجة احتياج حقيقي يتعلق بكفية التدخل بالقضايا ذات البعد الأسري، وكان لا بد من وجود امرأة تستمع لامرأة من خلال طرح ما تتعرض له من إشكاليات".
وأضاف عبد المنعم الطهراوي للجزيرة نت "كنا نعمل بداية مع مجموعة لجان إصلاح من المخاتير، وشكلنا أكثر من ثماني لجان على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يقوم المخاتير بتأهيل النساء للعمل في هذا المجال، واخترنا من خلال مؤسسات المجتمع المدني 25 سيدة ناشطة مجتمعية، وتم عقد عدة دورات لتطوير قدراتهن ليصبحن بعد ذلك مختارات يقمن بحل مشكلات النساء، وبعد ستة أشهر من العمل الفعلي بدأنا بعقد دورات جديدة لـ26 ناشطة مجتمعية جديدة للانضمام لفريق المختارات الموزعات على مناطق قطاع غزة".
وبين أن المشكلات التي تتدخل النساء لحلها تتعلق بالقضايا ذات البعد الأسرى وحقوق الزوجة وقضايا الملكية والسكن والميراث، موضحاً أنه تم عقد أكثر من لقاء مشترك ولجان بين المخاتير والمختارات للمساهمة أكثر بحل المشكلات التي تتعرض لها النساء.
دور أساسي
أم بشار (35 عاما) فلسطينية تم حل مشكلتها من قبل إحدى المختارات، تؤكد على الدور الأساسي للمختارات في حل مشكلتها حيث حرمت بسبب خلافات مع زوجها من رؤية أولادها لأكثر من عام، ولم يستطع رجال الإصلاح إعادتها لبيتها وزوجها لأنها كانت تخجل أن تتحدث بأريحية مع الرجال المخاتير وتقول ما لديها من مشكلات.
وتضيف للجزيرة نت "عشت عاما من الإحباط واليأس، وبمجرد سماعي بوجود مختارات توجهت فوراً لطرح مشكلتي، وتوجهت المختارة لزوجي وتحدثت معه وأقنعته بإعادتي لبيتي وأبنائي بعد حرمان استمر أكثر من عام" مشيرة إلى أن معاملة الزوج بعد عودتها للبيت تغيرت كثيراً وأصبحت أفضل من السابق بكثير، ومؤكدة أن "مجتمعنا بحاجة ماسة لتوسيع هذه التجربة".
من جهتها، قالت سناء الغول (47 عاما) وهي إحدى المتدربات بدورة "تأهيل المختارات" إنها ترغب في ممارسة هذا الدور للمشاركة في الحد من المشكلات الأسرية والتوترات بين الأزواج.
وتؤكد سناء لمراسل الجزيرة نت أن النساء لا يمكن لهن الحديث عن مشكلاتهن الخاصة للرجال، كما أن الأرامل وزوجات الشهداء بحاجة ماسة لمعرفة حقوقهن المشروعة، معربة عن أملها أن يكون وجودها في هذه المجموعة يساهم بحل الكثير من المشكلات.
الجزيرة