الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

اختبار لحجم الوطن في قلوبنا

  • 1/2
  • 2/2

مرة أخرى أعود لموضوع الوطن والوطنية، وهو مفهوم ملتبس مع الأسف في عالمنا العربي وتم تشويه قيمه ومبادئه بشكل سافر ومتعمد ومدروس، وتكاد ظاهرة السطحية وعدم الفهم في كيفية حب الوطن تكون شاملة وتعاني منها الكثير من المجتمعات. وعندما أقول إنه تم محاولة غمط وتغطية هذا المفهوم واستبداله بمفاهيم فئوية وطائفية واختزال الوطن في هذه القيم المتواضعة البسيطة المتدنية مقارنة بقيمة الوطن، فأنا أعني تماماً هذه الكلمات لأنها باتت واقعاً نراه في بعض المجتمعات العربية.
لا أقول إن هذا موجود لدينا لأن وعي مجتمعنا ورقي مستواه التعليمي والمعرفي سياج يمنع ويحد مثل هذا التدهور. وبلادنا ولله الحمد تنعم باستقرار ورقي تعليمي ووعي كبير، ولكن هذا لا يعني أننا بمعزل عن محاولات هذه الفئات فمهما صغرت وكانت محاولات مصيرها الفشل، فهي تظل تهديدات ماثلة، وما الفئة التي حاولت تهديد أمننا واستقرار بلادنا إلا مثال في هذا السياق.
أعود لأشير إلى كثير من البلدان العربية التي وقعت تحت سياج جماعات وصولية استخدمت الدين فسيطرت على المجتمع في أهم مفاصله وهو التعليم، فألغت حب الوطن وحذفت القصص التي تتحدث عن الوطن والتضحية من أجله واستبدلته بمفاهيم عامة عائمة لا تمت لا من قريب أو بعيد للوطن، وهذه خطوة مدروسة حتى يشرعوا فيما بعد بتوظيف الخطاب الديني لصالحهم وتجيير هذه المفاهيم العامة وحصرها بما يريدون دون سواه لتحقيق أهدافهم. كيف يسيطرون على آراء الناس ويكسبون ولاءهم وهم يمارسون فعلاً وعملاً ضد الوطن وضد الوطنية؟ لذا المهمة الأولى تتلخص في تفريغ قلوب الناس من هذه القيمة العظيمة حتى يكون الطريق أمامهم ممهداً وسالكاً.
يعتقد البعض أنهم في معزل عما يدور من مكائد أو تربصات وتخرصات تمس وطنهم، والبعض ـ وهم قلة ـ سلبيون جداً ولا أريد القول إنهم مهزومون أمام أصوات نشاز تملأ شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي لا هم لها إلا التقليل من منجزاتنا، بل لا وظيفة لديها إلا تأليف الشائعات والأكاذيب ومحاولة بثها على نطاق واسع. بيننا فئات لا تعلم أن من واجبها العمل على صد كيد الكائدين في مثل هذه المواقع، والرد عليها بقوة الحقيقة التي بين أيدينا، وهذا نوع من ممارسة الوطنية الحقيقية العميقة، فأنت تذود عن وطنك ومقدراته في ساحة شديدة الحساسية وواسعة الانتشار، وفي ظني أنها ساحة تعد اختباراً حقيقياً لحجم الوطن في قلوبنا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى