تراهن الفنانة السورية لينا دياب على ثقافتها الأكاديمية وعلى جمالها في آنٍ واحد. فبعد تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية - قسم التمثيل، وحصولها على إجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق.
وقفت هذه السورية الجميلة أمام كاميرا المخرج الكبير نجدت إسماعيل أنزور في مسلسل «ما ملكت أيمانكم»، ومن هنا كانت فرصتها الكبرى لتكون من أبرز وجوه الدراما السورية لموسم رمضان 2013... وفيما يلي نص الحوار:
* تقولين في إحدى مقابلاتك إن والدك كان من أكبر المعارضين لدخولك عالم التمثيل، كيف هو الحال اليوم بعد أن أصبحت من أهم الوجوه النسائية الجديدة في الدراما؟
- كان ذلك في البداية، لكن الوالد بعد أن رآني على خشبة المسرح في مشروع تخرجي «ليالي الحصاد» مع الدكتور تامر العربيد شجعني، وفرح لما أحققه من نجاحات في ميدان الفن.
أعتقد أن الفن يتطلب إقناع الآخرين، لاسيما المقربين منك بدوره وفعاليته، وهذا ما فعلته عبر إصراري على النجاح وإتقان عملي أمام كاميرا أي مخرج وقفت أمامه، ولهذا تراني اليوم أكثر ثقة وإيمان بقدرة الفنان على بناء شخصيته الفريدة والمختلفة على الشاشة.
* يبدو أن التمثيل هو هاجسك الأول رغم دراستك للأدب العربي. أخبرينا عن بدايات هذه الموهبة لديكِ؟
- حلم التمثيل موجود لدي منذ أن كنت صغيرة، وعندما كنت طفلة شاهدت إعلاناً للمخرج السوري نجدت أنزور يطلب فيه وجوهاً جديدة لأحد أعماله، واشترط أن يكون العمر نحو الـ25 عاما.
وبما إني كنت أمر بالمراهقة وعمري لم يتجاوز السادسة عشرة، أرسلت صورتي له مدفوعةً بجرأة المراهقة والطموح نحو عالم الفن والفنانين، وانتظرت اتصاله طويلاً ولكن أحداً لم يتصل بي. بالطبع الشعور لا يوصف خصوصًا أني كنت أحلم منذ الصغر بالوقوف أمام كاميرا المبدع أنزور، هذا الحلم الذي حققته في ما بعد بدور رئيسي في مسلسله «ما ملكت أيمانكم».
* رأيناكِ في مسلسل «حائرات» مع المخرج سمير حسين، ماذا عن هذه التجربة وعن دورك بشخصية «هبة» في هذا العمل؟
- في «حائرات» وظفّنا الحالة العامة للشارع السوري بطريقة لا شعورية، فالطريق والحواجز وانقطاع الكهرباء كلها حالات عشناها بشغف وحب ورغبة في العطاء، وهذا برأيي أجمل شيء في العمل، وهو تحديداً خوف الكائن الإنساني من الموت، ذلك الخوف الذي يدفعك للحياة وللإصرار عليها، كما قالت إحدى شخصيات المسلسل «الموت كتير بيوجع».
نعم بتنا نفكر بالموت، وكيف نتعامل معه في الكادر، أمام الكاميرا وخلفها، وكيف أثّرت الضائقة المادية علينا كسوريين. عموماً بحثت مع زملائي في المسلسل في طبيعة انعكاس الظرف السوري إيجاباً وسلباً على طريقة تفكير الشخصية الدرامية وسلوكها، وذلك من خلال الحالة الداخلية لهذه الشخصية، فاستفدت من الظروف اليومية التي أعيشها، لكن ذلك لم يكن سهلاً على الإطلاق، فغالباً ما كنتُ أصل متوترة إلى موقع التصوير، وأحياناً أخرى كان الجو العام في البلد يدفعني لتقديم الأفضل للوصول إلى قلوب جميع السوريين بلا استثناء.
لذلك عملت على أن تكون شخصية «هبة» شخصية فتاة قريبة من القلب، فتاة حالمة ومحبة وتبحث عن ذاتها في وظيفتها وفي علاقتها مع رفاقها في العمل، فلقد دفعها فقدُها لوالدتها للعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، كي تعيل والدها وأخاها، فقد نسيت نفسها أمام تفانيها في خدمتهما، ولكن رغم ذلك يطرق الحب باب قلبها، فتقع في حب زميل لها لا يهتم بهذه المشاعر.
* ما رأيكِ في مسألة الخيانة الزوجية التي شهدتها معظم مسلسلات الدراما السورية لهذا العام؟ وكيف تصنفين الجرأة في هذه الأعمال؟
- المشكلة ليست في أدوار الخيانة، المشكلة كيف أصبحنا ميالين إلى معالجة مواضيع مثيرة للجدل كالخيانة، كونها تحتمل مشاهد حب وغرام.
وهذا لا يتوقف على موضوع الخيانة، بل هناك الكثير من تلك الأدوار التي تستفز المشاهد، وتجذبه بطريقة أو بأخرى، لكن هذه ليست جرأة برأيي، بل هي نوع من اللعب على عواطف المشاهدين، للإيقاع به، وجذبه طوال ثلاثين حلقة من عمر المسلسل.
صحيح أنني أعتبر نفسي جريئة وميالة إلى الشخصيات المثيرة للجدل، لكن هذا لا يعني أن في الطرح العام هناك شيئاً تجارياً في أعمال الخيانة الزوجية والضعف الجنسي والاغتصاب وما إليها من أعمال تلعب على حساسيات معينة، لكن في المقابل ينبغي أن يكون العمل الدرامي ذا رسالة، وعليه مسؤولية فنية واجتماعية وفكرية لمعالجة هذه القضايا في مجتمعاتنا، فالمصيبة أن كثرة هذا النوع من الأعمال تعزز فكرة أن الجميع خونة.
* لعبتِ دوراً مهماً في شخصية «ليلى» مع المخرج باسل الخطيب في مسلسله «حدث في دمشق». ما الذي أضافته لكِ هذه التجربة؟
- جذبتني شخصية «ليلى» المرأة الشامية اللعوب التي تتزوج مرتين في المسلسل، وهي شخصية مكتوبة بذكاء وجرأتها لافتة وغير مجانية.
شخصية «ليلى» بدت محورية من حيث فعاليتها في الأحداث الدرامية، وهي تجربة كانت مفيدة جداً لي مع الفنان باسل الخطيب الذي أعطاني فرصة ومساحة كبيرتين للعمل على الدور، وصياغة أدق التفاصيل الخاصة بالكاركتر الذي جسّدته قبالة كل من الفنانين ميسون أبو أسعد و وضاح حلوم وغفران خضور. فعلاً كانت تجربة غنية ومهمة على الصعيد المهني.
* كيف تصفين اليوم عناصر نجاحكِ؟ هل هو تابع لثقافتك ودراستكِ لفن التمثيل؟ أم أن لجمالكِ دوراً في هذا النجاح؟
- دراستي للتمثيل والجمال لهما دور جوهري في نيلي فرصاً عديدة في مجال الدراما السورية، فالجمال ضروري لكن الدراسة في المعهد تصقله. ويجب عدم تجاهل الأمر الثالث والأهم وهو من يعطيك الفرصة لإبراز الطاقات ويؤمن بقدراتك كممثل.
شخصياً لا أعترف بفضل الجمال، بدليل أني في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» جسّدت فتاة بدينة، وهذا الدور لا يعطى لفتاة تتمتع بالجمال فقط، ومخرج بحجم نجدت أنزور لم يكن ليعطيني هذه الفرصة إن لم يشاهد الموهبة. في النهاية الفن في حاجة إلى موهبة وأدوار حقيقية لا جمال الشكل فقط.
* حللت هذا الموسم كضيف شرف على مسلسلات البيئة الشامية من «زنود الست» إلى «الدبور» إلى «قمر الشام»، ماذا تقولين لنا عن الصورة التي تقدم فيها المرأة في هذه الأعمال؟
- هناك الكثير من الأقلام التي طالت مسلسلات البيئة الشامية من حيث إنها تسيء إلى صورة المرأة الدمشقية. نعم الكثير من المسلسلات الشامية تصور المرأة بشكل مهين ويتم تقديمها على إنها امرأة مستكينة ومستضعفة، تلبي رغبات الرجل، وهي للمطبخ فقط بعكس المرأة الشامية القديمة التي تدير بيتها.
وكوني من بيئة شامية خالصة حاولت تقديم نموذج جديد في أعمال البيئة التي مثلتُ فيها وأهمها بالنسبة إلي شخصية «كريمة» في مسلسل «الدبور»، المرأة التي تحب وتعشق وتتمرد وتعبر عن مشاعرها بكل شفافية وجرأة وتعمل كل ما يحلو لها، لكن في المقابل استطعت أن أقدم هذا العام شخصية مختلفة في مسلسل «حدث في دمشق»، فشخصية ليلى مفارقة للنمطية التي تسعى أعمال البيئة لأن تؤطرها ضمنها، بل كانت «ليلى» باعتقادي بعيدة كل البعد عن هذه النمذجة، كونها شخصية نسائية عالية الخصوصية، غامضة وقوية وعنيدة، تفخر بأنوثتها وتدافع بها عن كيانها كامرأة وكأنثى في آنِ واحد...