وضعت المرشحات الى الانتخابات النيابية في العراق حقوق المرأة في صدارة برامجهن الانتخابية وسط مخاوف من تراجع هذه الحقوق مع احكام الاحزاب الدينية قبضتها على السلطة.
ورغم ان الدستور خصص 25 في المئة من مقاعد البرلمان الى المرأة، الا ان العراقيات يعانين البطالة والتمييز، في وقت يناقش مجلس النواب مشروع قانون يرى ناشطون انه يحد بشكل كبير من حقوق المراة.
وتقول انعام عبد المجيد المرشحة للانتخابات البرلمانية المقررة في 30 نيسان الجاري: "لم اتوقع اننا سنقاتل يوما في سبيل حقوق المراة في هذا البلد".
وتضيف "اردت ان احارب من اجل تعليم افضل وخدمات افضل وحياة افضل (...) لكننا في مازق كبير اليوم، والاولوية هي للخروج من هذا المازق".
وتمتعت النساء العراقيات بظروف افضل مقارنة مع اوضاع النساء الاخريات في الشرق الاوسط قبل حرب الخليج عام 1991 التي قضت، مع سنوات الحصار التي تلتها، على هذا الامتياز.
وشهدت اوضاع النساء العراقيات تدهورا اضافيا بعد اجتياح العام 2003 عندما حازت الجماعات المتشددة على دور اكبر في السياسة والمجتمع وسط نزاع دام خلف نحو مليون ارملة.
وتشير ارقام الامم المتحدة الصادرة في ايار العام 2013 الى ان اكثر من ربع العراقيات اللواتي تبلغ اعمارهن اكثر من 12 سنة يعانين الامية، وان 85 فتاة يذهبن الى المدرسة في مقابل كل 100 فتى.
كما تشير هذه الارقام الى ان 14 في المئة من العراقيات فقط يعملن او يبحثن بشكل فعلي عن وظائف.
وتقول ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في العراق فرانسيس غاي: "انها مسالة جدية لانها تؤثر على الاستقلالية المادية للمراة ومن دون هذه الاستقلالية تجد النساء انفسهن امام خيارات معدودة".
وفي العام 2011 اعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بغداد ان هناك اكثر من مليون امراة معيلة في العراق تنفق نحو 70 بالمئة منهن اكثر مما يكسبن، وذلك بحسب نتائج دراسة استقصائية اجرتها اللجنة.
ويقول محللون ان اعمال العنف اليومية المتواصلة في العراق منذ اجتياحه في العام 2003 هي السبب الرئيسي وراء معاناة المراة العراقية، الى جانب امور اخرى مثل التمييز في العمل.
وتعتقد اكثر من نصف النساء اللواتي تراوح اعمارهن ما بين 15 و49 سنة ان للزوج الحق في ضرب زوجته في حالات محددة، علما بان العنف ضد المراة ينسحب ايضا على الشارع والاسواق والمواصلات العامة.
وقد اثار أخيراً مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي تقدم به وزير العدل حسن الشمري جدلا واسعا وسخطا من منظمات المجتمع المدني التي اعتبرته انتهاكا خطيرا لحقوق الطفولة لانه يجيز تزويج الطفلة تحت سن تسعة اعوام.
واحال مجلس الوزراء مشروع القانون المؤلف من 253 مادة على مجلس النواب للمصادقة عليه، على ان يتم تشكيل لجنة علماء للنظر به.
ويحدد مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري قواعد الميراث والزواج والطلاق والنفقة، ويرى المدافعون عن القانون انه لا يفعل سوى تنظيم الممارسات اليومية لاتباع المذهب الجعفري.
لكن معارضيه الذين يمثلون تيارات مدنية يعتبرون المشروع خطوة الى الوراء وانتهاكا لحقوق المراة في العراق ويشعرون بالقلق من ان يزيد الاحتقان الطائفي في بلاد تشهد توترات سنية شيعية متواصلة.
وفيما ينص الدستور العراقي على ان تمنح ربع مقاعد البرلمان للمراة، الا ان هذا الامر لا ينسحب على الحكومة التي تضم امراة واحدة هي وزيرة الدولة لشؤون المراة ابتهال كاصد الزيدي.
وتقول النائب انتصار الجبوري ان اعداد العراقيات اللواتي يتولين مناصب وزارية تراجع مقارنة مع حكومات سابقة.
وتضيف من جهة اخرى ان "البرامج الانتخابية للاحزاب والكتل السياسية تركز على حقوق المرأة (...) لكن عندما تفوز هذه الكتل بالمقاعد في البرلمان تتجاهل هذه الحقوق".
وفيما تشتكي نساء من ان الكوتا المخصصة للمراة في البرلمان اتت بنائبات يفتقدن للمؤهلات المطلوبة، تقول النائب ميسون الدملوجي ان لهذه الحصة النيابية "تاثيرات سلبية، لكنها ايجابية رغم ذلك".
وتوضح: "على الاقل ادخلت (الكوتا) النساء الى الحياة السياسية وجعلتهن جزءا من العمل السياسي".
وتقول الدملوجي المرشحة للانتخابات المقبلة عن عدم تمتع النائبات العراقيات بالمؤهلات المطلوبة: "نعم، لكن هل كان اداء الرجال على المستوى الذي كان من المفترض ان يكون عليه".
وتتابع: "اعتقد ان الجميع متوافق على ان لا الرجال ولا النساء كانوا على قدر المسؤولية".