تستحق المراة العراقية المجاهدة المكافحة والمضحية لمعرفة قضية تطورها ودورها في قضيتها خاصة قضية الحركات الوطنية التحررية عموما. فقضية المراة العراقية قد تطورت بتطور المجتمع وتاثرها بالحركات السياسية باعتبارها جزءاً منها ومرتبطة ارتباطا وثيقا بها.
ان اول مساهمة للمراة العراقية في نضالها التحرري التقدمي في ثورة العشرين وهي اول معركة خاضتها في تاريخها الحديث رغم بساطة واختلاف اساليب نضال المراة في العراق .. فان تلك المساهمة تعتبر لخطوة في حياة المراة العراقية ولقد ساعدت تلك الاسهامات في ثورة العشرين على تشكيل بدايات الوعي تجاه قضية المراة كونها العناصر الواعية والوطنية والشخصيات السياسية من جميع العراقيين لجميع فئات الشعب على المشاركة في الصراع الفكري حول قضية المراة ونضالها فكانت ثمرة هذا الصراع شن حملة اعلامية تدعو للتحرر الاجتماعي والاقتصادي والثقافي واعتباره اساسا للتحرر والتقدم للمجتمع العراقي ومن نتائجها ازياد المدارس واقبال الفتيات على التعليم وانتشاره وتوسيع مدارك المراة وضرورة قيام الجمعيات النسوية ذات الاهداف الاجتماعية الانسانية فكانت الاولى جمعية النهضة النسائية عام 1924 وفي السنوات اللاحقة شهد العراق تناميا واسعا في الوعي الوطني والسياسي شمل النضال من اجل الاستقلال والتصدي لمعاهدة 1930 الاستعمارية وانخرطت فيها الجماهير الواسعة من ضمنها الجماهير النسوية في عموم العراق. وظهرت احزاب وطنية ذات برامج وطنية تقدمية التي تتبنى قضية المراة واعتبارها جزءا من قضاياه الاساسية.
وقد شجعت هذه التطورات المراة على الانتماء الى الاحزاب والتفكير في تشكيل منظمات نسائية ذات اهداف مختلفة بالاضافة الى تنامي الوعي السياسي في العراق وتاثيره على وضع المراة وحركتها وقد تاثرت ايضا بالعوامل الخارجية فيها تاثير الحركة النسائية المعاصرة في بعض البلدان المجاورة وتطورها ومن ثم انتصار الثورة الاشتراكية وما حققته من انجازات في مجال حقوق المراة ومساواتها تبوءها بعض المناصب المختلفة في السلطة وفي بعض الاحزاب التقدمية.. لقد اهتمت الحركات الوطنية في العراق بقضية المراة وتشجيعها على المشاركة في النضال الشعبي الوطني والديمقراطية من اجل حقوقها الديمقراطية وضرورة تحررها من القيود التي تعيق حركتها، وكانت اول مناضلة عراقية عامي 1941-1943 التي كان لها دور فعال لحضور مؤتمرات نساء الشرق عام 1938 كممثلة للمراة العراقية وفي عام 1944 عرفـت المراة العراقية بيوم المراة العالمي 8/ اذار من كل سنة وقد هنأت المراة العراقية بيومها مستعرضة اوضاع واسباب تخلفها ومعتبرة الحركة النسائية الوطنية التقدمية جزءا من الحركة الوطنية التحررية. وجزء من الحركة النسائية العالمية والحركة التحررية الديمقراطية العالمية واهمية التنظيم النسوي لبحث وتوعية النساء وتدريبهن على مختلف اشكال النضال وحددت المهام الاتية للحركة النسويــة والمساهمة في الحركة الوطنية التحررية من اجل الحقوق الديمقراطية حق التنظيم وحرية الراي وحقها في اصدار الصحف لتعبر عن رايها.
شهدت الاربعينيات تطورا في انتماء النساء الى الاحزاب الوطنية وتشكيل منظمات نسائية ذات اهداف مزدوجة : اهداف تحرر المراة والتحرر الوطني كالجنة النسوية لمكافحة الفاشية الايطالية والنازية الالمانية في العالم ونشطت المراة في تعرية الحرب واهوالها وبعد انتهاء الحرب العالمية سنة 1945 تحولت اللجنة النسوية الى رابطة نساء العراق وكانت من ابرز اعضائها السيدة عفيفة رؤوف والسيدة نزيهة الدليمي والسيدة عفيفة البستاني وغيرها وكانت لهم مجلة اسمها (تحرير المراة).
وقد تطورت الحركة الوطنية الديمقراطية التحررية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث ازداد اقبال النساء على الانتماء للجنة رابطة نساء العراق ومن مختلف القوميات والانتماءات الاجتماعية حيث تطور نشاطهن في مختلف الاصعدة في الحركة النسائية الجماهيرية الوطنية وقد شهد عام 1948 تطورا ملحوظا وانطلاقة كبيرة لاشتراك النساء في وثيقة كانون الثاني من عام 1948 من معاهدة بورتسموث بجانب الطلائع الثورية للنساء.
وقد قدمت المراة التضحيات لتمهيد الطريق امام الجموع في معركة الجسر (جسر الشهداء) وشجعت هذه الانطلاقة النساء بشكل واسع واعمق للانتماء للحركات الوطنية التحررية التقدمية انذاك..
وتمخضت وثيقة كانون عن انتصارات رائعة تجسدت في الخضوع لادارة الشعب باطلاق الحريات العامة ولو كانت لفترة قصيرة .. لكن الرجعية استغلت اعلان قرار تقسيم فلسطين في 15/5/1948 فاعلنت حالة الطوارئ بحجة حماية مؤخرة الجيش العراقي وانتهزت الفرصة لتوجيه ضربة الى القوة التحررية التقدمية في العراق المناضلة بدلا من حماية مؤخرة الجيش وتم القاء القبض على الكثير من المناضلين وقادة الحركات التقدمية التحررية الثورية وحكموا بالاحكام الثقيلة والاعدام وشملت الاعتقالات عشرات النساء والفتيات وتلقين التعذيب في سراديب التحقيقات الجنائية وكان من بين المعتقلات موظفات وربات بيوت وطالبات وعاملات وقد تطورت الحركة النسائية وكانت نشاطاتها الوطنية الجماهيرية في اشتراكهن في الانتفاضات الشعبية عامي 1952 و1956 وساهمن في نشاطات حركة السلم العراقية وفي تهيئة اجواء الانبثاق ثورة 14 تموز 1958 وساهمن في انجاح الثورة وحماية مكتسباتها وناضلت المراة ضد الارهاب والدكتاتورية وتعــــــرضن الى الاعتقال والتعذيب والتصفيات الجسدية والاعدام.
وكان اهتمام رابطة نساء العراق في رفع المستوى الثقافي والفكري وافساح المجال امام المراة لممارسة دورها القيادي للمراة وقضيتها والتمييز ضدها لا يزال موجود بدرجات متفاوتة ويجب التشديد لممارسة المراة دورها في نضالها لكونها نصف المجتمع وبدونها لا يكمل المجتمع ويكون المجتمع مختلفاً اذا لم يقرر بحقوق المراة في القيادة في جميع الحياة في الدولة والبرلمان والسلطات القضائية والاعلامية ومنظمات المجتمع المدني ونامل ان تاخذ المراة العراقية دورها بالشكل المطلوب.