الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

الانتخابات العراقية بلمسة نسائية

  • 1/2
  • 2/2

تتميز الدورة الحالية للانتخابات البرلمانية العراقية المزمع إجراؤها نهاية نيسان الحالي، بتواجد كثيف للنساء المرشحات على قوائم مختلف الكتل السياسية العراقية.
وإذا كان القانون الانتخابي يحتم على الكتل المشاركة في الانتخابات أن تكون إمرأة واحدة على الاقل مرشحة ضمن كل أربعة مرشحين، أي ما لا يقل عن خمس وعشرين بالمئة من العدد الإجمالي للمرشحين للمقاعد البرلمانية، مما يعني أن الكتل مجبرة على البحث عن المرشحات وان كان من باب اكمال العدد، إلا ان الدورة الحالية امتازت بمشاركة عدد من الاكاديميات والاعلاميات وناشطات في مجال المتمع المدني، ومعظمهن يمتلكن رؤية للتغيير على العكس من معظم الرجال المشاركين الذين تفتقر مشاركتهم لأيّة رؤية أو برنامج انتخابي.
 وعلى العكس من الدورات البرلمانية السابقة التي غلبت على نائباتها صور المرأة المنقبة والمحجبة مع افتقادهن للوعي السياسي والحضور الاجتماعي وافتقادهن أيضاً للمسحة الجمالية التي تتصف بها المرأة الأنثى، فأن الدورة الحالية تتصف بترشيح عدد كبير من النساء السافرات المتمتعات بالجمال واللباقة والحضور السياسي والاجتماعي، الأمر الذي طغى على معظم حوارات العراقيين على صفحات التواصل الاجتماعي، مما يشي أن الدورة الحالية ستشهد حضوراً متميزاً للمرأة العراقية تحت قبة البرلمان.
 قد يشهد العراق تدشين مرحلة جديدة عند منعطف الفشل في إدارة الدولة على مدى الأحد عشر عاماً الماضية. مرحلة أنثوية على انقاض الفشل الذكوري. مرحلة تترافق من غير مصادفة مع صعود أصوات التيارات والشخصيات المدنية على حساب التيارات والشخصيات الدينية التي بدأت تخسر حظوتها، وبدأ صوتها يخفت في ذات الشارع الذي مل شعاراتها المتمركزة حول المظلومية وجرائم النظام السابق. ثمة جيل جديد يحمل صك براءته من كل ما يحيق بتلك المرحلة، جيل من الشباب والشابات تفتح وعيه على الديمقراطية وإن كانت معلبة لكنها في كل الأحوال تبيح له التفكير بصوت عال، مثلما تتيح له المشاركة في النشاطات السياسية، من هنا أيضاً يزداد منسوب تدفق المرشحات للانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث الحضور الواضح للنساء المتعلمات اللواتي يحملن شهادات جامعية أولية، فيما نسبة كبيرة منهن يحملن شهادات عليا في مختلف الاختصاصات.
 المرشحات للدورة المقبلة من الانتخابات سرقن الاضواء بعض الشيء عبر لفت أنظار الناخبين لاشكالهن التي لم يتعود الشارع على رؤيتها تحت قبة البرلمان، وعبر الحضور الثقافي والاجتماعي اللافت، خصوصاً للعاملات في الوسطين الاعلامي والأدبي. إلا أن ذلك لا يشمل جميع المرشحات، إذ أن بعض الوجوه القديمة من البرلمانيات تحاول جاهدة العودة مجدداً الى قبة البرلمان عبر خطاب الانتقاد للأداء البرلماني وكذلك الحكومي، إضافة الى الانفصال عن كتلهن السياسية التي صعدن عبرها في الانتخابات الماضية وإعادة التخندق مع الكتل الأكثر ضماناً في الفوز ضمن السجال الانتخابي الحالي. كما ان بعض المرشحات الجدد غالين بالتبرج وابراز مفاتهن الى درجة انهن أصبحن مدعاة تندر الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أشارت الى انهن يخضن مسابقات للجمال وليس تنافساً انتخابياً سياسياً.
 لكن ذلك لا يعني بأي حال، أن ثمة ثقافة انتخابية أفرزتها ديمقراطية الأحد عشر عاماً المنصرمة، إذ تنتصب الى جانب ملصقات المرشحات المتحررات ملصقات مرشحات (العورة)، وهي ملصقات تعلن عن اسم المرشحة وكتلتها، لكنها لاتحمل صورتها، بل تحمل صورة زوجها أو أخيها أو أبيها، ويذيل الملصق الترويجي بجملة تعرف عن علاقة المرشحة بصاحب الصورة. إضافة الى صور المرشحات المنقبات اللواتي لا تظهر منهن في ملصقاتهن سوى كتلة سوداء تتوسط الملصق، الأمر الذي يعكس عمق أزمة مجتمعية تتجذر في الوجدان العراقي بدفع من فتاوى دينية وأعراف اجتماعية بالية.
 إذا وضعنا تلك الازمة المجتمعية والامزجة الانتخابية جانباً، سنجد أن ثمة تساوقاً بين التوق الى الدولة المدنية الذي يسود حوارات النخب الثقافية والشباب المنعتق من إرهاصات مرحلة الدكتاتورية، على أنقاض فشل الاحزاب الاسلامية في إدارة البلاد، والتوق الى صعود المرأة الى الكابينة البرلمانية، باعتبارها إحدى تجليات الدولة المدنية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى