تعتبر عملية التنظيم وسن القوانين واحدة من أهم الواجبات على صانع القرار في أي مجتمع إنساني، ويخطئ تماماً كل من يعتقد أن سن قانون ما أو إصدار تشريع أو نظام فإن هذا محدد بإطار زمني واحد، ولا يقبل بعده إنتاج أو صدور تشريعات جديدة، بمعنى أن البعض يعتقد أنه عند تأسيس أي وطن فإنه يتم وضع التشريعات والقوانين ثم تصبح مقدسة لا تمس. وبطبيعة الحال فإن هذا يعتبر خطأ في مفهوم التغير الاجتماعي والتوسع العمراني والتطور السكاني وتزايد زخم الحياة المعاصرة، والتي تتطلب معها قوانين تنظيمية جديدة ظهرت الحاجة لها، فقرر صانع القرار الاستجابة لهذه الحاجة في الوقت المناسب، حفاظاً على أمن الناس والممتلكات وصوناً للمكتسبات الحضارية، وأيضاً للمساعدة في مواصلة المسير نحو المستقبل.
إذاً عملية التشريع وسن الأنظمة عملية مستمرة، ويمكن ملاحظتها بسهولة في الدول الأكثر تقدماً وحراكاً والتي تتطلع فعلاً لمستقبل زاهر وجميل. بلادنا الحبيبة كانت واحدة من دول قليلة على مستوى العالم تصدرت المراكز الأولى في الشفافية ومكافحة الفساد والعدالة الاجتماعية. هذا المركز المتقدم بل والتقدم على سلم القياس في كل عام، هو مؤشر على عملية الحراك الاجتماعية التطوري الذي يحدث في وطننا الحبيب، والتي اتسق معها حراك وعمل إيجابي من قادتنا الذين يدركون أن لكل مرحلة زمنية طبيعتها التي تستلزم سن التنظيمات المناسبة لها.
وكما يقال دوماً يمكن الصعود للقمة لكن المحافظة عليها أمر صعب. الغريب بحق أن تشاهد وتسمع خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي فئات تحارب وتنتقد بشكل سطحي ينم عن عقليتهم المتواضعة وتفكيرهم البسيط لكل جهد تنظيمي يستهدف تطوير بلادهم، وعندما تهتم بوجهة نظرهم وتحاول التقصي عن الموضوع تصيبك الحيرة، ذلك أن القانون الذي تم تطبيقه والذي يتم نقده لا يتجاوز هدف تنظيم حركة السير والقضاء على ظاهرة قطع الإشارات والتجاوز الخاطئ، وبرغم هذا فإنهم – البعض – يرفضونه ويصبون جام الغضب على من شرع هذا القانون.
تستغرب فعلاً، ما العيب في قانون يهدف لتنظيم حركة المرور ويحاول التخفيف من الحوادث المرورية، بل ما العيب في قانون يحفظ حقوقي خلال السير في الشارع. لذلك ما كان يجب أن تمر كل تلك السنوات الماضية دون مثل هذا التنظيم الدقيق الذي يستهدف رصد المخالفات وتوقيع غرامات مالية على المتهورين.